بعد أن مُنيت القوات البريطانية بهزيمة قاسية في الكوت عام 1916 وأُسر قائدها الجنرال طاونزند ، عهدت القيادة البريطانية العليا إلى الجنرال ستانلي مود لقيادة الجيش البريطاني وإكمال الخطة الموضوعة لاحتلال العراق . وقد تمكن مود من مواصلة الزحف نحو بغداد واحتلالها في مثل هذا اليوم الحادي عشر من اذار من عام 1917 ، إيذاناً بانتهاء العهد العثماني لهذه المدينة الذي استمر نحو أربعة قرون .
انتهزت بريطانيا نشوب الحرب العالمية الأولى ودخول تركيا إليها ، لتحقيق أحلامها بالسيطرة على ثروات العراق الدفينة ، فقامت بحملة عسكرية كبيرة لاحتلال العراق ، بدأتها باحتلال البصرة سنة 1914 ، واستمرت تلك الحملة لتحتل العراق كله في أواخر
عام 1918 .
لقد كان سقوط بغداد فاتحة مرحلة جديدة من تاريخ العراق ، إذ أن هذا الاحتلال وتداعياته أدى إلى حدوث أول ثورة عراقية بتاريخه الحديث وهي ثورة العشرين ، وأعقب تلك الثورة نشوء دولة العراق عام 1921 .
وقد شهد عهد السقوط انبثاق مؤسسات وتقاليد جديدة لم يعرفها العراق في العهود السابقة ، فقد أعلنت بريطانيا بعد أيام قليلة من احتلالها بغداد أنها جاءت محررة لا فاتحة ، وإزاء هذا شرعت ببعض الإجراءات الشكلية إلا أنها كانت جديدة على أبناء المدينة كتنظيم السير والمحافظة على النظافة وفتح عدد من المدارس المختصة وإعادة تشكيل الدوائر البلدية .
والمفارقة أن الجنرال مود فاتح بغداد توفى بعد أشهر بمرض الكوليرا في بغداد ولم يبقَ من ذكراه شيء بعد إسقاط تمثاله ببغداد أمام السفارة البريطانية في صبيحة ثورة تموز 1958.
اترك تعليقك