خصّخصَة الجويّة؟

حسين رشيد 2017/05/28 09:01:00 م

خصّخصَة الجويّة؟

قبل أيام سافر أحد الأصدقاء على متن طائرة لإحدى شركات الخطوط الجوية الأجنبية التي يشار لها بالبنان لما تقدمه من خدمات ودقّة بالمواعيد حسبما يُقال عنها، لكن حين اتصلت بصديقي للاطمئنان عليه وسلامة وصوله، بيّن أنه وصل قبل قليل بسبب تأخر اقلاع الطائرة لساعتين، كنت اعتقد أن الخطوط الجوية العراقية فقط لا تلتزم بالمواعيد، لكن صديقي بيّن أن ذلك يحدث في أغلب شركات الطيران العالمية. قبل عدّة سنوات، أعلن عن عرض الخطوط الجوية العراقية لإعادة هيكلة، ربما كانت مقدمة لعرضها في سوق الاستثمار والخصّخصة والتناهب الحزبي، كما حصل مع الكثير من المرافق الانتاجية مؤخراً، بما فيها قطاع الكهرباء الذي لازال الكثير من شرائح المجتمع ترفضه، إن كان لعدم ثقتها بالخصّخصة أو بالفساد الذي يضرب أطنابه في طول البلاد وعرضها، أو الجهات التي سيُحال لها الاستثمار.
إلا أن قضية الخطوط الجوية لها بعدٌ آخر، رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال ورشة عمل بشأن النهوض بقطاع الطيران المدني يقول إنها، شركة خاسرة يجب أن تحوّل الى رابحة، وأن تتطور وتتقدم عبر الشراكة مع القطاع الخاص، لكنه تغافل عن حال شركات طيران الخطوط الجوية التابعة للقطاع الخاص والتي لا تختلف كثيراً عن حال العراقيّة التي يفضّل الكثير من الناس السفر معها رغم التردي الحاصل بمجمل خدماتها والذي يمكن أن يُعالج بكل سهولة. المفارقة المضحكة حدّ اللعنة، أن العبادي أشار الى أن وزارة النقل مستقلةٌ عن الحكومة ولا يمكن التعامل معها أو تنفيذ القرارات إلا بإشارة من (فوك) ويقصد الجهة السياسية التي رشّحت الوزير، الأمر الذي يبيّن أن لا حاجة لنا بمجلس الوزراء، فربما تكون كل الوزارات مستقلة عن الحكومة، بالتالي علينا مطالبة الجهات السياسية والأحزاب المرشّحة للوزراء وحثهم على تحسين أداء الوزارات. فضلاً عن ذلك، من يضمن أن لا تكون الجهة السياسية (الفوك) الشريك أو المستثمر الذي يدفع بالخطوط الجويّة الى الفشل والخسارة لتكون صيداً سهلاً، والأمر هنا يشمل بقية الوزارات أو المؤسسات الحكومية.
أغلب الدول في العالم، تبحث عن مصالحها وكيفية حماية عمقها الستراتيجي ومؤسساتها العريقة التي ارتبطت باسمها، إلا نحن في العراق، اينما ولّينا وجوهنا، فثمّة أمامها الخراب مكشّراً أنيابه يتحين الفرص للنيْل من أيّ جمالية هنا وهناك، منذ عام تقريباً، وقرار حظر الخطوط الجويّة العراقية في أوروبا ساري المفعول، دون أن تحرك الحكومة والوزارة ساكناً لرفعه، إن كانت بتنفيذ ما يطلب أو تحسين الأسطول الوطني الناقل، ليأتي العلاج الأخير بالاستثمار والخصّخصة التي يلوّح بها رئيس الوزراء مع أيّ مرفق متلكّئ، وكأنه وضع بمنصبه هذا لهدف واحد متمثل بتفكيك منشآت الدولة العراقية الإنتاجية والخدمية بمختلف المجالات الصناعية والزراعية والتجارية، خاصة أن اجتماعه مع وفدين من شركتي "جنرال الكتريك" و"بوينغ" كلاً على حدة لتطوير قطاع الكهرباء والخطوط الجوية العراقيّة اثناء زيارته الأخيرة الى الولايات المتحدة الأمريكية.
قبل عامين تقريباً اوقفوا سيارات الشركة العامة لنقل المسافرين لصالح مشروع تاكسي بغداد الاستثماري الاستفزازي (الحزبي) رغم انتفاء الحاجة له بسبب الوضع الأمني المسيطر عليه في المطار وحدوده، والذي يقع على عاتق إحدى الشركات الأمنية الأجنبية بكوادرها العراقية الـ(95%) حسب رئيس الوزراء. سؤال لوزير النقل، المطارات السومريّة ومنصّات إطلاق المركبات الفضائية السومرية، هل كانت قطاعاً خاصّاً استثمارياً أم إنها كانت قطاعاً عاماً؟ وهل كانت تذيع دعاء الركوب!
الخصّخصة في العراق تعني تقاسم الثروات الوطنية بين اللصوص

تعليقات الزوار

  • سوزان عطية

    مسكين يالعراق

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top