مثلجات ومخيمات وسلاح

حسين رشيد 2017/05/31 09:01:00 م

مثلجات ومخيمات وسلاح

1
منذ سطوة البعث على مقاليد الحكم في البلاد، وهو يتفنن في تهديم البنية المجتمعية العراقية التي قاومت أجزاءً من ذلك الهدم، إذ طال حتى الأطفال في مدارسهم الابتدائية عبر ما يعرف بالطلائع ثم الفتوة، وصولاً الى أشبال "صدام" بزيِّهم الأسود، الكثير من اولئك الأطفال شبّوا على السلاح ومفردات العنف والقتل والاستباحة، بعد سقوط النظام وما أن تجاوزا مرحلة المراهقة، حتى وجدوا ضالتهم بالجماعات الإرهابية التكفيرية والعصابات والحركات المسلحة، التي وفّرت لهم كل شيء وأخذت منهم كل شيء. اليوم وعلى مقربة من مقر المرجعية الدينية في النجف، وعلى ملعب خصّص لتدريب الأطفال وتنشئتهم رياضياً وبدنياً ليكونوا اصحاء، لكن هناك من  من لا يريد لهؤلاء الصبية واليافعين أن يكونوا أصحاء البدن والعقل فعمدت قوى سياسية على فتح دورات تدربهم على السلاح والقتل مقتديةً بنظام البعث المباد، وأفكاره الهدامة ومقلدةً النسخة الداعشية (أشبال الخلافة) عسى أن تتحرك المرجعية وتوقف هذه الجريمة، قبل أن يطلق عليهم (اشبال المرجعية).
2
هو ذات الشهر، وأقصد رمضان، الذي تتعمد فيها الفضائيات توجيه شتى الإهانات للناس بخاصة الطبقات المعدمة منها، وهي تمنح فتات ما تتسلمه من المال السياسي الموجّه لهذه الظاهرة التي تتسابق بها الفضائيات ومعدّو البرنامج ومقدموها، في ابتكار الطرق والأساليب التي يُهان بها الناس. منذ ثلاث سنوات أي بعد احتلال ثلث أرض البلاد من عصابات داعش ومخيمات اللاجئين بمثابة مدينة إعلامية للفضائيات وبرامجها الرمضانية المسماة (تكافلية)، فتجد كاميرا مسلطة على أطفال يلعبون بكرة صنعوها من بقايا ملابس، وفي حين غفلة، ترمى بينهم كرة حقيقية، وأخرى تراقب طفلاً ينام على (بساط) ممزّق دون حتّى مروحة، وإذا بمبردة هواء تنفث نسمات البرودة، وثالثة ترصد طفلاً وطفلة يحملان دلو ماء للشرب (وقطعة ثلج) تبدله الكاميرا بثلاجة، بعد كل ذلك على الآباء والأمهات أن يدعون لمالك الفضائية بالخير وطول العمر، وأن يمد بالأموال السوداء التي تبيض على أجسادهم وجوعهم. وفي المساء وعادة بعد الافطار، تأتي الفضائيات بكم من الساسة والإعلاميين ببدلاتهم الملونة المزيّنة بربطات عنق أكثر تلوناً، يتمازحون ويتبادلون النكات والمواقف الساخرة، ومنهم يتشاجرون أمام أطفال المخيمات المتجمعين أمام شاشة كبيرة نصبتها لهم إحدى الفضائيات، لكنهم يعودون يكملون سهرتهم حتى الفطور في الفلل والشقق ويشاهدون اعادة حلقة المخيمات.
3
بمكان ليس ببعيد عن بوابة المنطقة الخضراء وجسر الطابقين ومقار الأحزاب والحركات الإسلامية المحصّنة الكرادة والجادرية، تأتي سيارة مفخخة من القائم، حسبما يقول رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حاكم الزاملي، وتترك كل تلك المقار التي يمكن أن توفّر مكاناً قريباً للانتحاري في مائدة السماء الرمضانية، لكنه يفجرها على العوائل التي اختلطت دماؤهم بألوان المثلجات، وزير الداخلية، من موقع التفجير يكتشف، أن أعمال داعش الارهابية لا تمت للإنسانية بصلة، وهو اكتشاف خطير يستحق عليه الوزير الترشيح لجائزة نوبل للسلام. بعد مساء واحد من تفجير الكرادة الذي نتج عنه (53) ضحية، انتحاري في هيت يرد على النعيق الطائفي ويوقع (52) ضحية، بيان التحالف الوطني الذي استغرب به انتقاد الأجهزة الأمنية فقرة تقول (المجلس الأعلى لا يمكنه ان يقيم نقطة تفتيش على الشوارع العامة، بحجة قرب هذه المناطق من مقرّه العام)؟! لكنه يستطيع القيام بأشياء أخرى. ثمّة صورة في موقع وزارة الأمن الوطني (قبل التهكير) لأطفال يلعبون كرة القدم كتب فوقها سنلعب كيف نشاء .. وأينما نريد فخلفنا رجال.
يموت المواطن لتعيش الحكومة وتستمر الأحزاب بالسرقة

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top