مصر تبحث عن التغيير

مصر تبحث عن التغيير

ترجمة : علا ء غزالةوجدت إحدى أطول أنظمة السلطة في العالم عمرا نفسها في موضع التحدي، عندما عاد محمد ألبرادعي، الرئيس السابق لوكالة الأمم المتحدة للطاقة الذرية، واستقبلته الجماهير المصرية لقاء الأبطال في وطنه مصر الذي وعد ان يقاتل من اجل إحداث التغيير فيها.

فقد تجمع أكثر من ألف من المناصرين في مطار القاهرة الدولي لتحية هذا الرجل البالغ سبعة وستين عاما من العمر، والذي استقال من منصبه كرئيس للوكالة الدولية للطاقة الذرية في العام الماضي، واعتبر مرشحا منافسا محتملا للرئيس الحالي حسني مبارك الذي دام حكمه ثلاثة عقود، وذلك في الانتخابات الرئاسية المقررة في العام القادم. أنشدت الجماهير المحتشدة أغاني وطنية ولوحت بالإعلام والشعارات، تحت رقابة رجال الأمن الذين حذّروا المتظاهرين ان يبقوا بعيدا، مطالبة ألبرادعي ان يعلن ترشيحه لرئاسة البلاد، يقول احد الأشخاص الذين كانوا يراقبون التظاهرة «انه الأمل الوحيد لمصر. لقد كانت تلك امة عظيمة. وسوف يعيد ألبرادعي إليها عظمتها من جديد.» وكان ألبرادعي، الذي حاز جائزة نوبل في عام 2005، قد أشار الى انه قد يفكر في الترشح للانتخابات الرئاسية شريطة ان تتوافر فيها ظروف العدالة والحرية بالشكل المناسب. انه الفصل الأخير من قصة هذا الرجل المميز الذي لا ينتمي، حتى الآن، الى أي حزب سياسي، ولم يترشح لأي منصب رسمي، والذي أعرب عن رغبته في ان لا يقوم عند عودته الى الوطن بأكثر من أمضاء وقته مع عائلته، لكنه منذ ان استقال من منصبه مكللا بالتشريف والتكريم، بعد ان تربع عليه اثني عشر عاما، استحال بتردد الى القائد المنتظر لدى حركة المعارضة المصرية اليائسة، حيث توحد العلمانيون والإسلاميون والليبراليون واليساريون خلف رايته. يعتقد الكثير من المحللين ان الرئيس الحالي، البالغ واحداً وثمانين عاما من العمر، يعدّ ابنه، جمال، لخلافته في السلطة، وهو مصرفي سابق كان العقل المدبر لسياسة التحرر الاقتصادي التي لا تحظى بشعبية واسعة في البلاد. يقول كاتب العمود الصحفي فهمي هويدي ان تدخل ألبرادعي غير المتوقع قد «أزعج الذين رسموا الخطط بكل تأنٍ». اما الكاتب القصصي علاء الأسواني،  فيقول ان عودة ألبرادعي الى القاهرة قد فتحت «فصلا جديدا في نضال المصريين من اجل الحصول على حقوقهم في الحرية والعدالة.. لقد أضحى الدكتور ألبرادعي، بلا شك وبكل الطرق، الظاهرة السياسية الأكثر أهمية بمصر في الوقت الراهن.» غير ان الحكومة المصرية ترى الأمر بطريقة مختلفة. فالناقدون المقربون من الحكومة وصموه والحملة التي تجمعت حوله بسرعة بالسذاجة والخيانة، و»مكافئة لانقلاب دستوري،» على حد كلمات رئيس تحرير جريدة الأهرام، وهي كبرى الصحف المصرية التي تسيطر عليها الدولة. على ان هذا الهجوم، على كل حال، لم يوهن الا القليل من تصاعد شعبية ألبرادعي. يقول عبد الرحمن يوسف، الشاعر الناشط  والذي ساعد في تنسيق استقباله في المطار: «انه شخص قادم من الخارج في وقت لا نستطيع فيه الاعتماد على الأشخاص في الداخل.» لم تؤد تضارب مشاعر ألبرادعي اتجاه الدور الجديد الذي أقحم فيه الى تخريب مصداقيته على ما يبدو.يقول كريم مدحت إنارة، وهو من بين الكثير من الذين خاطروا بالتعرض للاعتقال لمشاركتهم في التجمع عند المطار: «انه رجل دولة ذو وزن كبير، وهو يجازف بسمعته كلها من خلال الخوض في مستنقع السياسة المصرية الداخلية. كما انه يقدم تضحية شخصية كبرى من اجل إطلاق تغيير سياسي في مصر. ان هذا الأمر لوحده كافٍ لإظهار التزامه بالقضية». بيد ان هناك بعض العوائق التي تقف في طريق ألبرادعي ان قرر الترشح للرئاسة، فالتعديلات الكبيرة التي أجريت مؤخرا على الدستور تحظر عمليا أي مرشح من خارج أوساط الحزب الحاكم من وصول اسمه الى بطاقة الاقتراع. ونتيجة لذلك، فان إصلاح الإطار القانوني المحيط بالانتخابات قد أصبح حجر الزاوية في رسالة ألبرادعي الى الشعب المصري، إضافة الى دعوته للتحول الشامل في القيم المصرية، حيث قال في حديث لصحيفة الشروق المستقلة الشهر الماضي: «لقد ظهرت طبقة جديدة، يطلق عليها محدثي النعمة، وأصبحت القيم الأساسية في مصر اليوم هي السلطة والمال، وليست المعرفة». وفي خضم التهليل الإعلامي الذي أحيط به، هناك من يجاهر بشكوكه في قدرة ألبرادعي على إحداث أي تغيير ذي معنى في هذا النظام الذي يدعمه الغرب، والذي لا يتورع عن استخدام قواته الأمنية الهائلة للقضاء على أي مصدر لقوة المعارضة، ويجادل هويدي قائلا: «ان شعبية ألبرادعي كبيرة بالقياس الى مبارك بنفس الطريقة التي كان فيها اوباما أكثر شعبية من بوش، سوف يحصل أي شخص على الدعم اذا اظهر نفسه على انه البديل، لكننا، مع ذلك، لن نرى ألبرادعي مرشحا رسميا للرئاسة، الشيء الأكثر أهمية حول ظاهرة ألبرادعي انها تثبت ان هناك شيء اسمه الخيار السياسي، في الوقت الذي كل ما نسمعه من النظام ان ليس هناك من خيار آخر سواهم. لكن في الوقت الحالي فان حملة ألبرادعي هي موقع ألكتروني، والمواقع الالكتروني

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top