رغم ضبابية الوضع العراقي الحالي والذي لايتضح منها بشكل جليّ سوى الصراع السياسي ومحاولة إقناع الجمهور والاستحواذ على أصوات أكبر في الانتخابات المقبلة، التي ربما تكون الأقل مشاركة لما وصل إليه الحال العراقي وعلى شتى الصعد والمجالات، وبوجه الخصوص الاقتصادي وانعكاس انخفاض أسعار النفط والتقشف وتأثيره في الواقع المعيشي للكثير من شرائح المجتمع بخاصة الفقيرة منها، التي تصاعدت نسبتها حتى وصلت الى 30 % حسب آخر التقديرات، بالمقابل هناك زيادة في حسابات وأرصدة شريحة معينة جلّها جاء من مزاد العملة اليومي أو شركات الاستيراد، وفئة ثالثة (حزبية/ حكومية) نالت المناصب والامتيازات من دون استحقاقات ومؤهلات، مكّنتها أيضاً من عقد صفقات ومساومات كبرى، فضلاً عن الاستحواذ على المال العام عن طريق ما يعرف (بالاستثمار).
بالرغم من كل ذلك ومع ضرورة مراجعته بشكل دقيق ومع ضياع وهدر مئات المليارات، لكن بالإمكان النهوض بالبلاد، وعقد الأمل على الانتعاش الاقتصادي، باعتماد الأساليب الحديثة بالإدارة والتخطيط وتنوع مصادر الواردات، والاعتماد على الإنتاج الوطني، الزراعي والصناعي، يساعدهما في ذلك تفعيل المنافذ الحدودية وفرض التعرفة الكمركية، مع تقنين الاستيراد للكثير من الحاجيات التي يمكن أن تُصنّع محلياً، فمن مجموع (250) مصنعاً لمختلف الصناعات هناك (20) تعمل فقط، وعن طريق الاستثمار أو الخصخصة أو المشاركة التي لم تكلّف الجهة الأخرى أيّ اموال، وهذه واحدة من أهمّ مشاكل القطاع الاقتصادي.
جميع الميزانيات العامة للبلاد منذ عام 2004 أعدّت بعجز مخطط، وانتهت بفائض حقيقي نتيجة الجهل في التخطيط وسوء التنفيذ، موازنة 2017 سارت على ذات الأخطاء رغم أنها جاءت في ظل أزمة مالية جراء انخفاض أسعار النفط وتزايد نفقات الحرب ضد داعش، فضلاً عن الفساد ونهب المال العام، ومع ذلك ثمة تساؤل، أين ذهب فائض الميزانيات السابقة، ولماذا تشكو الحكومة من العجز المالي، ولم لا تعمل على تصحيح الأخطاء الواردة في بنود الموازنة بما يتلاءم مع مقتضيات المرحلة. ولما لاتتم الاستفادة من تجارب السنين السابقة إن كان في إعداد الموازنة أو كيفية الاستفادة من الفائض في نصفها الأول؟. وحسبما اعلنت الحكومة قبل أيام، أن هناك فائضاً بقيمة (7) ترليونات دينار عراقي (3) ترليونات و(500) مليار دينار عن الفرق في مبيعات النفط، إذ ثبت سعر البيع في الموازنة (42) دولاراً للبرميل، في وقت بيع النفط في الأشهر الستة الماضية بمبلغ (44.6) دولار، (3) ترليونات و(500) مليار دينار، اثر خفض النفقات الحكومية التي مازال الكثير منها مبالغاً فيه. وحسب الفقرة السابعة من المادة (12) لقانون الموازنة تنص على الاستفادة من وفرة الأموال في تنفيذ المشاريع المتوقفة وأهمها المشاريع التربوية والصحية وكل ما يتعلق بخدمة المواطن العراقي، خاصة المشاريع التي وصلت نسبة الإنجاز فيها (75%).
إلا أن الذي حصل مع مناقشة الموازنة التكميلية، خصصت ثلاثة ترليونات للنفقات الاستثمارية، لتذهب الى المناطق المحررة حسب مادة خاصة في الموازنة، تؤكد تخصيص الكثير من الأموال الى المناطق المحررة التي كانت تحت سيطرة داعش، والجزء الآخر تم تخصيصه كمستحقات للمزارعين والفلاحين من الأعوام 2014 الى 2017، وآخر منها خصّص مستحقات للمقاولين، وجزء دفع كرواتب للحكومة العراقية من الموظفين والمتقاعدين، والتي من المفترض أنها مؤمّنة، حسبما جاء في الموازنة، هذا فضلاً عن القروض الدولية التي وصلت الى (20) مليار دولار.
في سياق الأخبار اليومية: وفد قطري يبحث الاستثمار الزراعي في العراق ؟!
اترك تعليقك