بعد قرب الخلاص من داعش، كنا ننتظر أن نتخلص عبر صناديق الانتخاب ممن تسبّب بدخوله ومساعدته ولو بمراحل عدّة، لكن الذي يبدو أنهم مصرون على البقاء لمرحلة أخرى، ربما يقضون فيها على ما تبقى من البلاد بعد خراب المراحل السابقة والمتمثل بالإرهاب والفساد والاستيلاء على الأملاك العامة تحت يافطة الاستثمار والخصخصة وربط البلاد بقروض وقرارات دولية وشركات عالمية. ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر فيه تعديل قانون الانتخابات سان ليغو ونسبة (1.7) المعتمد في احتساب الأصوات ليكون اكثر عدلاً وانصافاً وفصّلوه حسب مقاسات الكتل النيابية الكبيرة التي اتفقت على تمرير بعض فقرات قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية وخاصة المتعلقة منها بنظام سانت ليغو بوضعها نسبة 1.9 لاحتساب الأصوات الكفيلة بإيجاد دكتاتورية صناديق الاقتراع القامعة للكتل الصغيرة، والاستيلاء على أصواتها ضاربة عرض الحائط ما رفعته من الشعارات المنادية بالإصلاحات وضرورة بدء مرحلة جديدة غافلة كيف نبدأ بها بذات الأسماء والوجوه، إن كانت الشخصيات أم الأحزاب التي تسببت بخراب المراحل السابقة أمنياً واقتصادياً وخدمياً واجتماعياً.
تنصّ المادة ١٢ من قانون مجالس المحافظات الذي صوّت عليه البرلمان اليوم، والخاصة بآلية احتساب الأصوات: أولاً: تقسم الاصوات الصحيحة لكل قائمة على الأعداد التسلسلية (1.9) وبعدد مقاعد الدائرة الانتخابية ثم يجري البحث عن أعلى رقم من نتائج القسمة، ليعطى مقعداً وتكرر الحالة حتى يتم استنفاد جميع مقاعد الدائرة الانتخابية.
ثانياً: توزع المقاعد على مرشحي القائمة ويعاد ترتيب المرشحين استناداً لعدد الأصوات التي يحصل عليها المرشح ويكون الفائز الأول هو من يحصل على اكثر عدد من الأصوات ضمن القائمة المفتوحة وهكذا بالنسبة لبقية المرشحين على أن تكون امرأة بعد نهاية كل ثلاثة فائزين بغض النظر عن الفائزين من الرجال.
وهذ يعني سرقة أصوات اكبر مما تمت سرقته في الانتخابات المقبلة حين تم اعتماد نسبة 1.7 الأمر الذي يدل وبشكل جلي، على تشبث أزلام الاحزاب الحاكمة بالسلطة رغم كل الويلات التي مرت على البلاد التي لايهمهم مصيرها بقدر اهتمامهم بزيادة الأرصدة والثراء على حساب المال العام من خلال الحصانة التي يحصلون عليها بإعادة انتخابهم، فضلاً عن النفوذ السياسي والقوى الاقتصادية المرتبطة بهم المتقاسمة للسرقات الممنهجة والتي تبدأ من مزاد العملة اليومي ولا تنتهي بتقاسم مواقف السيارات والمولات.
تعتمد الكثير من الدول ذات الانظمة الديمقراطية الحقيقية على ضرورة التنوع في البرلمان والمجالس البلدية كي تجنب تفرد جهة حزبية أو تحالف جهتين أو ثلاث والسيطرة على مفاصل الدولة، وذلك باعتمادها نظام  (سانت ليغو المعدل) وطريقة تقسيم تضمن فوز أصغر حزب بل حتى المرشح المستقل، إذ يبدأ التقسيم على واحد بوينت رقم فردي عشري مثلاً 1.1 أو 1.3 وهي النسبة المعتمدة في اغلب البلدان التي اعتمدت سانت ليغو كونها نسبة توافقية وتعطي فرص فوز متساوية لكل الأطراف المتنافسة في الانتخابات أو 1.5 1.7 والأخير يكون في أبعد الأحوال لأنه حسب النظام كلما اختاروا كسراً عشرياً اكبر تتضاءل حظوظ وفرص الأحزاب والكتل الصغيرة والمرشحين المستقلين بالفوز والتمثيل.
وهذا ما تنتهجه الأحزاب والكتل السياسية التي تريد تكريس دكتاتورية (السلطة) عبر صناديق الاقتراع، ومثل هكذا (سلطات) لاتقل خطراً عن الدكتاتوريات الفاشية والقمعية التي تصل السلطة عبر الانقلابات الدموية، محاججة ايّ حراك إصلاحي إن الشعب هو من أختارها.
(أعمى وياكل وي مفتحين) .... مثل عراقي