عبر جولة في منطقة البتاوين المشهورة بالمطابع عسى أن أجد ولو مطبعة واحدة قد حصلت على عقد طباعة للمناهج الدراسية، لكن كما ذكر أحد أصحاب المطابع، أن عقود طباعة المناهج تتم بسرية وتكتّم وصفقات بين أطراف سياسية تمتلك المال والنفوذ. بعض المطابع وبسبب الركود، استغنت عن عدد من العمال، ومطابع أخرى بانتظار الحملة الانتخابية، لكنَّ أصحابها متخوّفون أيضاً من استيلاء ذات المطابع على عقود الحملات الانتخابية، الأمر الذي سيضعهم أمام حرج اقتصادي كبير.
وحسب تصريحات وزارة التربية، أن طباعة الكتب الدراسية تتم في مطابع محلية داخل العراق، وإنها ستفتح عن قريب مطبعتها الخاصة (مطبعة النهرين) لغرض طباعة الكتب، لكن افتتاحها وتهيئتها للعمل يحتاج إلى أموال أيضاً لتجهيزها بالأحبار والأوراق وغيرها؟!. الشركة العامة لإنتاج المستلزمات التربوية باشرت بطباعة (13,500,000) نسخة، ضمن خطة توفير المناهج في مطابع حكومية، وحسب موقع وزير التربية الذي أكد أيضاً أن مطبعة الشركة العامة للتبوغ والسكائر باشرت بطباعة اكثر من (6) ملايين كتاب منهجي.
مدير مطبعة دار الكفيل للطباعة والنشر والتوزيع التابعة للعتبة العباسية فراس الإبراهيمي، ذكر حسب موقع العتبة الالكترونية: أن المطبعة قد أوفت بجميعِ التزاماتها المَطبعيّة مع وزارة التربية لطباعة مناهجها حسب العقد المبرم بين المطبعة والوزارة، فقد تم تسليم (2,658,000) نسخة، بتسعة عَناوين ولمراحل دراسية مختلفة.
وزارة التربية تقول، إنها تعاملت مع مطابع حكومية، وهنا لدينا مثالان، مطبعة العتبة العباسية ليست حكومية وإن كانت كذلك فمن المفترض أن تعود عائدات العتبة الى خزينة الدولة أو تستخدم بتنفيذ وانشاء مشاريع باسم الدولة وليس باسم العتبات كما يحدث الآن والتي لم تترك مجالاً إلا ودخلته، إن توسّع النشاط الاقتصادي للعتبة العباسية يمثل نهجاً يهدف لترسيخ نفوذ القاعدة الدينية في إدارة البلاد، لأن نشاطاً كهذا، بدأ يأخذ طابعاً هو مزيج من النشاط الاقتصادي وترسيخ الطابع الديني للنشاط اليومي في الحياة العراقية، إلى جانب السياسة التي تتمثل بهيمنة هذا الفصيل السياسي الديني أو ذاك على قطاع اقتصادي وخدمي، أما مطبعة الشركة العامة للتبوغ والسكائر، فهي حسب ما أعلن مؤخراً مستثمرة من قبل جهة معينة، ما يعني أن ارباح الطباعة التي قد تصل الى (6) ملايين دولار، لو فرضنا ربح دولار واحد من طباعة كل كتاب، ستذهب الى تلك الجهة، غير الحكومية، وربما الأمر يسري على بقية العقود التي أبرمت مع مطابع تعود لجهات سياسية ودينية. علماً أن وزارة التربية لم تعلن عدد المناهج التي تمت طباعتها هذا العام، مثلما لم تعلن عن أوقات المناقصات الخاصة بطباعة كل منهج وشروط إرساء كل مناقصة كي تكون المنافسة شريفة بين المطابع الحكومية والأهلية، التي يفترض أن تأخذ فرصتها بطباعة كمية معينة من المناهج توزع حسب قدرة وكفاءة المطبعة والتزامها بالتوقيتات التي يتفق عليها. لكنَّ أفواه حيتان السياسة لم تمل من ابتلاع أي شيء.
المليارات التي خصصت لوزارة التربية والتعليم العالي في السنوات العشر الأخيرة، كانت كفيلة لتضمن للعراق مكاناً متقدماً في التصنيف العالمي لجودة التعليم، إلا أنها وللأسف المعيب لم تضمن للعراق الوجود في المراكز الأخيرة ولا في القائمة من الأساس، بل ضمنت له تصدر عناوين الفضائح والفساد والتسيّب الذي وصل الى مرحلة هروب محافظ بتوصية وتسوية سياسية على حساب الأموال والأملاك العامة.
تبقى المسألة مثار شك حتى تكشف العقود والمناقصات؟
اترك تعليقك