المكتبة المسرحية: (البانتوميم) دراسة في المسرح الصامت

المكتبة المسرحية: (البانتوميم) دراسة في المسرح الصامت

صدر مؤخراً للفنان المسرحي العراقي (سليم الجزائري) كتاب مُهم حملَ عنوان ( البانتوميم- دراسة في المسرح الصامت) عن دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد، يقع الكتاب في 456 صفحة من الحجم الكبير، وجاءَ في قسمين. الأول: هو محاولة تفحص مسيرة البانتوميم وما رفدها وتنحى عنها أو اعتمد عناصرها من الأنواع الدرامية حتى الربع الأخير من القرن العشرين، وبخاصة من العصر الروماني وعصر النهضة – كوميديا ديللارته – وعصر الثورة الصناعية، أما القسم الثاني فقد استعرض بإيجاز مبادئ وعناصر وتقنيات البانتوميم.
وفي مقدمة (د. رياض موسى سكران) تحت عنوان (ثقافة الجسد وفضاءات التعبير) "تتمظهر (ثقافة الجسد) عبر قدرة الانسان على تشكيل خطاب، يعيد فيه إنتاج تلك المظاهر المتعددة والصور المتداخلة والحالات المتشابكة للصراع في حياته...من خلال تعبيرات الوجه وايماءات الجسم وأوضاع الجسد، دونما حاجة الى كلام" ص11 .
لقد تضمن الكتاب، أحد عشر فصلاً، في الفصول الثمانية، ظهور وتطور هذا النوع الفني إبتداءً من أصول (البانتوميم) وجذوره الأولى التي تعود الى فجر التاريخ، وتقريباً الى عصره صيادي الطور الأدنى، كما دلّت عليه نقوش ورسوم الكهوف آنذاك, وصولاً الى حضارة وادي الرافدين، وما اعتمدته من طقوس وشعائر دينية متضمنةً أداء لهذه المناسبات الدينية والدنيوية (رأس السنة) كلها امتازت بأداء ايمائي خاص لكل فترة ومناسبة لها. اما العصر اليوناني فقد جاء حاملاً أداءً تعبيرياً، وذلك من خلال عيد رأس السنة الشبيه بالعيد في حضارة وادي الرافدين من حيث التوقيت والاله الذي تعظمه ولكن تحت اسم (ديونيسوس) بدلاً من (ديموزي/تموز). وخاصة بما امتاز به اليوم الثالث من الاحتفال الخاصة بجوقات الدثرامب، حيث كانت تؤدي مجموعة من الحركات الايمائية المختلفة والمعبرة، وهي غالباً ماتكون مصاحبة للتراتيل الحماسية وفقاً لطبيعة زيّهم (يبلغ عددهم 50 رجلاً) ذي مظهر بشري، ولكن كانت لهم أرجل وأقدام وذيل ماعز وقرون صغيرة وشعر يغطي كل أجسامهم، لذا جاء رقصهم أشبه بالطواف حول مذبح الاله ديونيسوس رب الكرم والعطاء والخصب. ثم اتخذت فيما بعد حركاتهم الايمائية ذات طابع تجسيدي لمواضيع تخص الالهة. أي انهم يقدمون رقصة تجسد انتصار الاله (ابولو) وبعضها الآخر يقلد الحيوانات كالثعالب والأسود والدببة (رقصة الثعالب، رقصة البوم، رقصة الأسود) وكذلك الحال لاتخلو من التراجيديا من بعض الرقصات التي طالما ارتبطت بالتعبير عن الألم والحزن والفرح (كما في اورستيه (اسخيلوس) إذ ترقص (الكترا) بألم لايطاق. وفي ثلاثية (أوديب الملك) لـ(سوفوكليس) ترقص (جوكاست) بفرح الأم عندما ترى ابنها بولينيك.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top