شلون البنات؟

هاشم العقابي 2012/11/05 08:00:00 م

شلون البنات؟

بعد انتهاء أول يوم من أيام دراستي، أو حياتي الجامعية، في قسم علم النفس بكلية الآداب في الجامعة المستنصرية، توجهت صوب شارع أبو نؤاس لألتقي بشلة الشعراء الشعبيين التي اعتدت أن ألتقيها كل ليلة تقريبا. وصلت الشلة فهلل الحاضرون لاستقبال صاحبهم الذي صار طالبا ومعلما في آن. وقبل أن التقط أنفاسي وأرطب ريقي "بمجعة" مثلجة صاح عبد الله حسن: ها شلونهن البنات. أيده آخر: إي ولك احجلينا. يمعودين هو انا افتهمت شي حتى احجيلكم، يعني تردون من اول يوم؟
ومرت الأيام ثم السنين،  وفارقت العراق مودعا به كل أنواع الحياة التي عشتها بحلوها ومرها. وكأي منفي يعيش على اجترار الذكريات وقت صفناته، كنت استحضر كل ما استعطته من حياة الوطن. اقلها حضورا عندي كانت أيام الحياة الجامعية ولا أدري لماذا.
قبل ليلتين، وأنا هنا في تونس، وجدتني لا أتذكر غير أيام الجامعة، خاصة نادي الكلية. ذلك النادي الذي اكتشفت بأننا، معشر "الذكور"، حين نلتم به نملأ الجو ضجيجا. لكن نبرة حديثنا، لا بل  وحتى طريقة جلوسنا، تتغير حين تشاركنا إحدى الزميلات في جلستنا. كان الحضور الأنثوي يزيدنا تهذبا وهدوءا.
 نحن أعضاء وفد الصالون الثقافي العربي الذي تنظمه ممثلية العراق في جامعة الدول العربية بالقاهرة، جئنا تونس بدعوة كريمة لزيارتها من قبل رئيس الدولة المنصف المرزوقي. فاجأنا السفير قيس العزاوي بدعوته وزيرة المرأة التونسية سهام بادي التي أتتنا بنفسها للفندق الذي نقيم فيه.
حين خطوت من غرفتي صوب قاعة اللقاء بالوزيرة توقعت أن أجد أسراب الحمايات من أصحاب الرقاب الغليظة، والرؤوس الحليقة، والأجساد الضخمة، والوجوه الغاضبة والعيون المغطاة بنظارات مظلمة.  توقعت ذلك لأني دائما أراهم بصحبة وزرائنا و"قادتنا" أينما حلو أو ارتحلوا.
وعندما أوصلني المصعد للطابق الأرضي لم أجد أي شيء مما توقعت. ولم يكن هناك حتى ما يشير إلى مكان وجود ضيفتنا الوزيرة. سألت موظفة الاستقبال: هل يمكن أن ترشديني لمكان الوزيرة من فضلك؟ لم تجبني بل سألتني: وهل هناك وزيرة؟ ثم تأسفت واستأذنتني لتستفهم من زملائها عن مكان الوزيرة. في هذه الأثناء جاء الصحافي المصري محمد مطر متسائلا: أين أنت يا رجل، فكلنا هناك مع الوزيرة بانتظارك. دخلت القاعة فوجدت الأصحاب وقد انشرحت صدورهم وقلوبهم وهم جلوس تتوسطهم الوزيرة بوجهها المبتسم وعطرها العبق الذي استقبلني في الباب قبل أن أصافحها.
وحين جلست مع الجالسين لفّني شعور لا اعرف كيف أصفه، لكنه مثل ذلك الذي ينتابني حين اسمع بيتا جميلا من الدارمي أو أغنية لعبد الوهاب بصوت الصديق محمد الخولي الشجي الذي جاء معنا ضمن الوفد الثقافي.
في تلك اللحظة أغمضت عيني فطارت بي روحي صوب نادي الكلية ببغداد لأتخيل نفسي جالسا فيه لأول مرة مذ فارقت العراق والى اليوم. لماذا؟ غدا قد آتيكم بجواب.

تعليقات الزوار

  • محمود مفرج

    ...............................??!!

  • محمود مفرج

    يؤسفني غايةالأسف أن يكون تعليقي على كلمتك المبهجة,كالعادة، عدداً من النقاط ليس غير فإنني أتبع التجربة في تحرير التعليقولكن دون تحقيق النجاح فأردت أن املأ الحقل بنقاط فحسب ولسوء الحظ نجحت التجربه ولكنها نجحت لأتعلم الصواب

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top