كشف مصدر برلماني مطّلع، عن أن رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي اتفق مع رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي على إبعاد محافظ البنك المركزي د.سنان الشبيبي من منصبه، وتعيين عبد الباسط تركي المقرب من النجيفي بدلاً عنه.
المصدر البرلماني الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أوضح لـ"المدى" أمس أن هناك "تقاربا بين كل من رئيسي مجلس الوزراء والنواب من اجل حل جميع الملفات العالقة وعلى وجه الخصوص التحديات التي تعترض إقرار القوانين المعطلة، التي من شأنها منع التدخلات الحاصلة في عمل السلطات الثلاث".
واستبعد المصدر، تسمية محافظ جديد للبنك المركزي في الوقت الحالي خشية إثارة حفيظة القائمة العراقية، متوقعا استمرار إدارة البنك بالوكالة لحين انتهاء عمر الحكومة.
وبدورها، اعتبرت اللجنة المالية النيابية أن "تدخلات الحكومة في عمل الهيئات المستقلة ومنها البنك المركزي، فاضحة" ووصفتها بأنها "خرق للدستور".
وبيّن عضو اللجنة النائب فالح الساري أن "الدستور هو الفيصل الذي سيضع حدا لتدخلات الحكومة ومحاولاتها في الهيمنة على الهيئات المستقلة ومنها البنك المركزي"، داعيا الحكومة إلى "احترام الدستور في تعاملها مع الهيئات المستقلة".
وأضاف الساري في تصريح لـ"المدى" أن "الحكومة تتدخل بشكل كبير في عمل الهيئات المستقلة من خلال التعيين بالوكالة والإقالات والعزل"، موضحا "أن مجلس النواب لا يمتلك الإرادة الحقيقية في مساءلة الحكومة عن كل هذه التدخلات السافرة".
ولفت الساري إلى أن "الحكومة مطالبة بتقديم جميع الأسماء المتورطة بقضية البنك المركزي وكشف الطريقة التي وصلت من خلالها إلى البنك والغطاء الرسمي الذي كانت تتمتع به هذه الرؤوس سواءً أكان سياسياً ام حكومياً"، لافتا الى "ان هناك تحسنا في اداء عمل البنك المركزي"، متسائلا عمّا إذا كان هذا "التحسن دائميا أم هو استثمار لما يدور حاليا".
وناقش مجلس النواب في جلسته المنعقدة يوم أمس الثلاثاء، سياسة البنـك المركزي، وتقرير اللجنة الفنية المشرفة على التحقيقات في ما يخص قضية البنك وتداعياتها.
واكد النائب قصي السهيل رئيس اللجنة الفنية في مداخلته "ان هيئة رئاسة المجلس استضافت المعنيين في البنك فضلا عن وزير المالية ورئيس ديوان الرقابة المالية ورئيس اللجنة المالية النيابية ورئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار، على اثر الشكاوى التي تتعلق بمزاد بيع العملة الاجنبية وتعاملات البيع في البنك المركزي، وتوفرت قناعة بوجود خروقات كثيرة وشبهات في التعاملات وخاصة في ما يتعلق بمزاد بيع العملة الأجنبية وقد تم على إثرها تشكيل لجنة للتحقيق في المعطيات المتوفرة لدى هيئة الرئاسة".
وأوضح السهيل "أن هناك ثغرات عدة، منها أكثر من 7 تعليمات لبيع وشراء العملة الأجنبية خلال سنة واحدة، مما أعطى انطباعاً عن وجود سياسة غير واضحة"، مشيراً إلى إن "ديوان الرقابة المالية تابع الخروقات لتحليل 200 معاملة مالية بمبالغ وصلت الى مليارين و200 مليون دولار وتضمنت مواد غذائية وأثاثا ومواد مكتبية لادخالها الى السوق المحلية"، وتابع "إن مسؤولي البنك يعتقدون ان ما لايقل عن 85 % دخلت فعلا الى السوق"، مبينا "انه بعد سؤال هيئة الضرائب ظهر من مجموع المبلغ الذي يقدر بأكثر من مليارين دولار دخول 21 مليون دولار منه فقط".
وأكد "ان اللجنة التحقيقية توصلت إلى قناعة بأن 98% من المعاملات المالية تتم بطريقة وهمية لا وجود لها، وبعد توسيع العينة اتضح ان 6 الى 7 مصارف خاصة تملك شركات وفروع لها في بغداد ودبي وعمان يتم من خلالها استيراد مواد غذائية ومواد مختلفة، وهناك 7-8 شركات وهمية في دبي تختص بتحويل الاموال من الداخل وارسالها الى دبي او ابوظبي وعمان، ويوجد الكثير من المصارف الخاصة تحولت الى عنصر مضاربة في سوق العملة بدلا من المساهمة بالتنمية، وتقوم تلك البنوك بتحويل الأموال وبيعها إلى وسطاء".
وأوضح السهيل "أن مقدار تسريب المبالغ المالية تراوح ما بين 100-150 مليون دولار، ومن الضروري ان يتم التدقيق حاليا بالأموال في الخارج، حيث نمتلك 140 حساباً مصرفياً، ولا نملك كشوفات الحركة الشهرية لها، واتضح ان 900 مليون دولار تم سحبها من قبل وزارة الخزانة الاميركية في احدى السنوات، كما لا يوجد تثبيت لكميات الذهب والأحجار الكريمة، وتمت احالة التقرير الى هيئة النزاهة ومن ثم الى القضاء"، مشير الى "ان مكتب غسيل الاموال في البنك كان ينبه سنان الشبيبي عن وجود عمليات غسيل اموال".
وتابع "أن الاستقرار في قيمة العملة الأجنبية يعكس حاجة السوق الذي تبلغ 80 مليونا ومايزيد عن هذا المبلغ يتم تهريبه"، مؤكدا على دور المجلس في حماية الاقتصاد ، منوها بان " البنك المركزي تحول إلى أداة لتهريب العملة".
وأكد السهيل وجود قناعة تامة بكل ما تناوله التقرير من معلومات، لافتا إلى صلاحية هيئة رئاسة المجلس لتشكيل لجان مؤقتة، لافتا إلى ان "هيئة النزاهة لم تحكم على اعتقال المتورطين وإنما رأت فيه بعدا قضائيا وقانونيا تم على إثره تحويل القضية الى القضاء".
ولفت السهيل أيضاً إلى "أن محافظ البنك المركزي يتحمل مسؤولية كبيرة كونه سحب صلاحيات جميع المدراء العامين ونائبه في البنك المركزي"، مبينا أن هيئة رئاسة المجلس تتابع وضع المعتقلين حاليا خاصة أن لجنة المزاد في البنك المركزي أخلت بعملها بشكل كامل"، مشددا على دفاع هيئة الرئاسة الشديد لحماية استقلالية البنك المركزي من دون حماية الفساد في هذه المؤسسة.
واوضح السهيل "ان مختلف الدوائر لم تتخذ أي إجراء لإيقاف عمليات غسيل الأموال"، منوها بـ"ان الادارة العليا في البنك تتحمل المشكلة خاصة ان العراق بوضعه الحالي لا يحتمل التجارب وإنما يحتاج لزيادة الأرباح"، مشيرا إلى "عدم فقدان ستة مليارات دولار من صندوق عائداتنا"، متسائلا عن دور اللجان النيابية في التحقيق بقضايا الفساد الكبيرة.
من جانبه، اكد رئيس اللجنة المالية النائب حيدر العبادي وجود خلل في تعليمات البنك المركزي بسبب زيادة الطلب على الدولار مما أدى إلى الإرباك، مبينا "أن اللجنة التحقيقية غير معنية باتهام أي شخص لان الأمر يتعلق بالقضاء".
بدوره شدد رئيس اللجنة الاقتصادية النائب احمد العلواني على "أن القضية لا تحمل بعدا سياسيا حيث وصلت معلومات عن خروقات كبيرة أدت إلى تشكيل اللجنة التحقيقية، وهناك وصولات وهمية في استيراد مواد غذائية".
لكن رئيس لجنة النزاهة النيابية بهاء الاعرجي دعا القضاء إلى "القيام بتحقيق أولي وان لا يعتبر هذا التقرير أساسا للتحقيق"، محذرا من ازدواجية تعامل القضاء مع القضايا المطروحة أمامه.
اما النائب عزيز العكيلي فقد طالب باستجواب واستضافة المسؤولين في البنك المركزي في مجلس النواب.
وأكد النائب حميد بافي الحاجة إلى بيان وجهة نظر البنك المركزي بشأن ما تم التحقيق بشأنه خاصة أن البنك مسؤول أمام مجلس النواب.
وبدورها نوهت النائبة وحدة الجميلي بأهمية متابعة عمل المصارف الاهلية التي تتحمل مسؤولية غسيل الاموال بالتعاون مع شركات التحويل، مقترحة إلغاء مزاد بيع الدولار.
غير أن النائب احمد الجلبي وهو معنيّ بالشأن الاقتصادي والمصرفي رأى أن "اتجاه اللجنة في التحقيق خاطئ وان جميع ما تناوله التقرير يخص مسألة التحويل الخارجي وان التقرير ناقش جانبا واحدا من المشكلة،" متسائلا عن عائدية الجهة المتورطة بغسيل الأموال، وطالب بتشكيل لجنة تحقيقية ثانية للكشف عن جميع جوانب القضية بعد ان حمّلت اللجنة الحالية أشخاصا محددين مسؤولية ما حدث.
وطالب النائب عبد الحسين الياسري بكشف أسباب تحويل هذه المبالغ والتي تقدر بالمليارات وكشف الجهة التي ذهبت إليها هذه المبالغ.
من جانبها، أقرّت النائبة ماجدة التميمي بوجود فساد كبير في البنك المركزي، منتقدة عدم استعانة اللجنة المؤقتة باللجنة المالية الدائمية المختصة بشأن مراقبة عمل البنك المركزي.
وشددت النائبة نجيبة نجيب على ضرورة مكافحة الفساد في مختلف المؤسسات عبر تشكيل لجان تحقيقية مختصة.
ورأى النائب عزيز المياحي أن جميع المستندات المقدمة الى البنك المركزي مزورة وكثيرا ما تم التنبيه الى حصول خروقات في البنك.
بدوره دعا رئيس اللجنة المؤقتة السيد عارف طيفور الى الاستمرار بعملها وتقديم تقرير متكامل عن آخر النتائج.
وكان رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي قد أكد، في تصريحات متلفزة هذا الأسبوع "إن رؤوساً كبيرة ستسقط بقضية البنك المركزي،" في حين أكد "إن وجود سنان الشبيبي في البنك أمر خاطئ لانتهاء مدة تعيينه محافظاً".
وكانت هيئة النزاهة قد أكدت، في الأول من تشرين الثاني الحالي، أنها ماضية في كشف تفاصيل قضية البنك المركزي العراقي بالتعاون مع الإدارة الجديدة للبنك، فيما أشار رئيس البرلمان أسامة النجيفي الى دعم تلك الإجراءات القانونية.
وكان رئيس البرلمان اسامة النجيفي ومحافظ البنك المركزي وكالة عبد الباسط تركي بحثا، الأربعاء، 31 تشرين الأول الماضي آلية عمل البنك المركزي واثبات استقلاليته في ظل التغييرات التي حصلت مؤخرا، فيما اكد الاخير استمرار التحقيق بمزاد العملة الصعبة ودائرة غسيل الاموال في البنك المركزي.
وكشف القيادي في ائتلاف دولة القانون النائب كمال الساعدي عن تقدم 90 نائبا بطلب إلى رئاسة مجلس النواب للكشف عن اسماء المتورطين بقضية البنك المركزي.
وقال الساعدي في مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان أمس وحضرته "المدى"، "إن 90 نائبا قدموا طلبا لهيئة رئاسة مجلس النواب للكشف عن اسماء سياسيين وأشخاص متورطين بقضية مزاد البنك المركزي وعن شركات الصيرفة المتورطة في القضية أيضا".
وأضاف إن "هناك جهات تحاول عرقلة التحقيق في القضية وتتحرك بحرفية وتحت اطر قانونية وعلى البرلمان الكشف عنها عند اكتمال التحقيقات".
ويعقد البنك المركزي جلسات يومية لمزاد العملة عدا أيام الجُمع والعطل الرسمية، وتشارك فيه مجموعة من المصارف العراقية، تتم فيها عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية، ويقوم البنك المركزي بعملية تحويل العملات المباعة إلى الخارج، لبعض الشركات والمواطنين مقابل عمولة معينة.
وللبنك المركزي العراقي مجموعة من اللجان المتخصصة بمكافحة غسيل الأموال، وأموال الجريمة وتمويل الإرهاب، وكان قانون مكافحة غسيل الأموال العراقي لعام 2004 وضع الإجراءات الرقابية الواجبة على المؤسسات لاسيما المصرفية منها.
ومن الجدير بالذكر إن مجلس القضاء الأعلى أكد، في 19 الشهر الماضي، صدور مذكرة اعتقال بحق محافظ البنك المركزي وعدد من المسؤولين في قضايا فساد.
اترك تعليقك