استقبل المتقاعد خبر إعلان إطلاق سلفة الثلاثة ملايين من مصرف الرافدين بنوع من الحذر، خاصة أن زملاءه المحالين على التقاعد حديثاً لم يتسلموا مكافأة نهاية الخدمة، رغم إن قرار إحالتهم مضى عليه أشهر، وبالفعل كانت مخاوف المتقاعد في محلها، إذ اعلنت ادارة مصرف الرافدين، عن جملة شروط بينها أن يكون الكفيل موظفاً مدنياً رافضة ما يعرف بالكفيل المتبادل، أي متقاعد يكفل آخر، أو كفالة منتسب أمني إن كان ضمن تشكيلات وزارة الدفاع أو الداخلية دون تبيان السبب، لكن المتقاعد يعرف ذلك جيداً، حتى انه استهزأ بداخله من هذا القرار حين فرض أن هناك ثلاثة متقاعدين كفلوا بعضهم، ولنفترض انهم توفوا بعد أشهر من تسلّم السلفة، فيمكن للمصرف حجز مرتباتهم أو مطالبة ذويهم بتسديد أقساط القرض، وإن امتنعوا، فهنالك قانون يمكنهم الاستعانة به.
وعاد المتقاعد ضاحكاً وهو يعلّل رفض كفالة المنتسب الأمني، فإذا كان المصرف يخشى أن يترك المنتسب الأمني عمله، فهذا محال والدليل التوسط ودفع الرشاوى لأجل قبول تطوع آلاف الشباب في الأجهزة الأمنية بسبب البطالة التي يشكل فساد الأحزاب الحاكمة أحد أركانها ومسبباتها، أما إذا كانوا يخشون من أن يستشهد في الحرب، فهذا أمر آخر يحتاج لوقفة طويلة، ليس للحديث عنه بل للتصرف مع من يفكر بهذه الطريقة مع أبناء بلده.
في الجلسة اليومية التي تجمعه مع بعض الأصدقاء فيهم متقاعدون، أخبره أحدهم أن مصرف الرافدين اطلق سلفة بقيمة (100) مليون دينار للكليات الأهلية بضمان عقار، لأجل دعم وتهيئة البيئة التربوية في البلاد. ربما لم يستغرب من الحالة، فقد سبق أن تسلّم اعضاء مجلس النواب سلفة تحسين المستوى المعيشي بعشرات الملايين دون كفيل أو ضمان معين، بل حتّى لم يفكروا بأن يتوفى النائب البرلماني، لكنهم يفكرون كثيراً بعمر وموت المتقاعد.
زميله المتقاعد الآخر، حدّثهم أن اليابان دولة بوذية لا يشكل الإسلام فيها سوى 1% من سكانها، منحت العراق قرضاً بمليار دولار، ونسبة فائدة 1% لمدة 15 عاماً. ومصرف الرافدين يستقطع الفائدة البالغة 8% مقدماً من قرض المتقاعدين، وهي ذاتها من نسبة قرض الكليات الأهلية، فضلاً عن استقطاع مركز الكي كارد ومصاريف ترويج المعاملة (وهدية) الموظف الكفيل، وهنا تختلف حسب نوعية ضمير الموظف ونوع الهدايا التي يتقبلها أو معدل أسعارها. بالتالي سيتسلّم المتقاعد صاحب الحظ السعيد سلفة مقدارها مليونان ونصف المليون دينار فقط.
عبر سبتايتل إحدى القنوات التي يشاهد فيها أخبار الساعة الثامنة، طالع خبراً مفاده: أن البنك المركزي باع في مزاد العملة (141) مليون دولار بسعر (1190) ويباع في السوق (1225) أي فارق ربح (6) آلاف دينار للورقة فئة (100) دولار، وحين استعان بولده في معرفة حجم الربح الإجمالي، أخبره أنه يصل الى (900) مليون دينار توزع على اصحاب المصارف الأهلية. قبل أن يخلد الى النوم، ورده اتصال من صديق متقاعد أخبره، أن هناك قروضاً ميسرة للأطباء وأساتذة الجامعات والمحامين، وبذلك تكتمل تعاسة اليوم الذي تمنّى أن ينتهي قبل أن يسمع بمنح قروض ميسّرة "للمصارف الأهلية وشركات التحويل المالي".
اترك تعليقك