ريبورتاج: الفساد والتقشّف يحيلان ورق الأشعة على التقاعد والبديل صور (الموبايل)

ريبورتاج: الفساد والتقشّف يحيلان ورق الأشعة على التقاعد والبديل صور (الموبايل)

يقول محمد ذات مساء وبشكل مفاجئ سقط والدي مغشياً عليه، سارعت به الى مستشفى الكاظمية التعليمي، ما إن دخلنا قسم الطوارئ حتّى انبعثت رائحة مقززة، والظاهر أنه لا يوجد عامل نظافة ليلي، بل تم تسريحه لتقليل النفقات. وصلنا الطبيب وبعد الفحص والمعاينة وجّه بأخذ أشعة لمنطقة الصدر. ويضيف محمد، توجهنا لغرفة الأشعة ليتمّ المسؤول عمله، لكنّه فاجأنا بطلب جهاز الموبايل! وقبل ذلك سأل: هل فيه كاميرا؟ وحين استفسرت منه عن السبب بيّن أنه يريد أن يلتقط صورة للأشعة ونأخذها الى الطبيب بسبب عدم توفر ورق صور الأشعة في المستشفى. ويضيف محمد، رغم حراجة الوضع ومرض الوالد، ضحكت بحسرة لحظة تسلّم الموبايل من موظف الأشعة بعد أن التقط الصورة، أوصلتها للطبيب تفحّصها بشكل سريع، وكتب علاجاً يُصرف من الصيدليات الخارجية. متابعاً: أيُّ حال أوصلنا إليه الفساد الذي انتهى بتقشّف مريب أفرغ الخدمات العامة؟.
أما هيثم وليد، فقد استهجن الموضوع جملة وتفصيلاً، وهو يسرد حكاياته حين انتهى موظف الأشعة من أخذ الصورة، لكنه طلب منه استدعاء الطبيب الى الغرفة لغرض معاينته، وحين ذهب الى الطبيب لأجل ذلك، أخبره أن يلتقط له صورة بجهاز الهاتف، وبما أنّ جهازه عادي دون كاميرا، اضطر الى أن يطلب من أحد المراجعين التقاط صورة والذهاب معه الى الطبيب.
وبالرغم من عدم توفّر المادة الفيلمية للأشعة (x-ray film ) لكن على المواطن دفع مبلغ 3000 دينار لالتقاط الصورة والذهاب بها الى الطبيب. ابراهيم حسن مختص بالأشعة والسونار، بيّن أن هذه الظاهرة أخذت تتسع في كل المستشفيات الحكومية، علماً أنه ليس من الصعب حلّها، خاصة لو علمنا أن اسعار المادة الفيلمية ليست مرتفعة. مضيفاً: فمن غير المعقول أن تبقى أمور الفحص والمعاينة تتم بهذه الطريقة غير اللائقة بقطاع الصحة العراقية. منوهاً: الى أن افقر الدول في العالم تجاوزت هذه المشكلة، فكيف ببلد غني مثل العراق؟.
فيما توقف الموظف الصحي المتقاعد عباس الجبوري، أمام المأزق الذي وضع فيه، حين طلب منه التقاط صورة الأشعة لابنته التي أصيبت بكسر ساقها بهاتفه، وبما أن هاتفه نوع (نوكيا) عادي، استعاد بولده مستغرباً من حالة التردي التي وصلت إليها المستشفيات الحكومية، ومن المسؤول عن ذلك ولماذا استمرار هذا الانحدار.
أكد عزيز عبد دهام، الناطق الرسمي ومعاون مدير معهد الأشعة في مدينة الطب لصحيفة (المدى) أن المعهد منذ تأسيسه عام 1937 تكفّل بمهام الفحص الشعاعي بواسطة الأشعة السينية، ومن ثم السونار وكذلك المفراس ورنين هشاشة العظام، فضلاً عن اشرافه على دراسة البورد العربي للأشعة التشخيصية والسونار، الإشراف على دراسة البورد العراقي للأشعة التشخيصية والسونار، الإشراف على دراسة (دورة الأشعة والسونار) تأهيل الطالب لدخول الدراسات العليا، تدريب المعاهد والكليات التقنية، فحص المرضى لاختصاصات أشعة الرنين والمفراس والسينية وهشاشة العظام والسونار والدوبلر، ذاكراً أن هناك واجبات ملقاة على المعهد، منها استعداده لاستقبال المرضى الوافدين من المستشفيات في حالة عطل جهاز الأشعة أو وجود زخم من المرضى، وكذلك استقباله لجميع المرضى خلال فترة الحرب مجاناً، منوهاً الى أن مواعيد تسليم نتائج المفراس لا تتعدى الاسبوع أو عشرة أيام، أما الأشعة السينية فهي بدون موعد، حيث تكون فحصا مباشرا وكذلك السونار. متطرقاً الى شح أفلام الأشعة عند المستشفيات بسبب الموازنة وقلة التخصيص المالي ، وانعكاس ذلك على معاناة المريض في الحصول على رقائق الأشعة الخاصة بمرضه، مضيفاً أن تلك الحالة السلبية قد تم تجاوزها من قبل المعهد، وذلك من خلال ابتكار طريقة نقل الصور الى قرص (cd). ولكي تتوفر للمريض فرص تامة ومستوفية للأشعة، يرى دهام ضرورة فتح مركزين للأشعة في الكرخ ومثلهما في الرصافة، اضافة الى معهد الأشعة ومراكز المحافظات كي يتم استيعاب زخم المرضى، مع امتلاك وزارة الصحة أجهزة متطورة وأطباء اختصاص متميزين. وحول الإجراءات الوقائية من خطر الأشعة، أكد أن المعهد ومعه المراكز الأخرى تستخدم حالياً جيل (64) وهو متقدم على (128) وبهذا يقلّل من تعرض المريض للإشعاع لأنه يتعرض لـ(64) ثا/للأشعة فيما كان سابقاً يتعرض لـ (128) ثا /للأشعة، كما أن هناك فحصاً دورياً شهرياً من قبل وزارة البيئة للإشعاع المتسرب، ليتم المحافظة على درجة صفر داخل الممرات والغرف.
وعن اهمية الأشعة على صحة المرضى، تابع عزيز قائلاً: كان الطب يعتمد كلياً على الفحص السريري أو على بعض الأشعة البدائية، وبعد العمل بالمفراس والرنين والدوبلر والسونار، مكّن الاطباء من التشخيص الدقيق والوقوف على معرفة مكان ونوع المرض بالدقة المتناهية، وبالتعاون مع الطبيب الجرّاح وطبيب الأشعة، صار من السهل اجراء العمليات الناجحة، وهكذا تخلصنا من نسبة الخطأ التي تودي بحياة المريض الى الهلاك. متمنياً أن يتعافى العراق من أزمته المالية كي يسدّ النقص الحاصل في مراكز الأشعة وأقسامها في المستشفيات خدمة للمرضى الوافدين إليها.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top