بغداد/ وائل نعمة
كادت أن تتجدد اشتباكات بين القوات الاتحادية وقوات البيشمركة بعدما وصلت قوات من الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي الى مناطق تسيطر عليها البيشمركة في جنوب كركوك.
واطلقت البيشمركة النار صوب القوات التي أوشكت أن تتجاوز الخط الازرق الفاصل بين مناطق سيطرة الحكومة الاتحادية والإقليم، ما تسبّب بإيقاف حملة عسكرية لملاحقة فلول داعش هناك بعد 7 ساعات فقط من انطلاقها.
ووصلت القوات قبل يومين الى الموقع الذي أعدم فيه داعش مجموعة من عناصر الامن والحشد بعدما اختطفهم الأسبوع الماضي في حاجز وهمي على الطريق الرابط بين بغداد وكركوك.
ولم تجد القوات أي أثر لرفات المغدورين، حيث كانت أحد اهداف الحملة الاخيرة سحب الجثث من موقع الحادث، كما لم تعثر على المسلحين الذين بدأوا ينشطون خلال الشهرين الاخيرين في مناطق جنوب كركوك.وانتقدت جهات أمنية عودة القوات، عقب الحملة الاخيرة، من دون إمساك المناطق التي تمثل تهديداً للمسافرين على طريق كركوك، فيما أكدت قيادات في الحشد أنّ القوات ستستمر بشنّ حملات خاطفة لملاحقة داعش، معتبرة أنّ مسك الأرض يحتاج الى قطعات كبيرة غير متوافرة حالياً.
وكانت الحكومة قد أعلنت نهاية العام الماضي النصر بعد طرد داعش من آخر قطعة أرض كان يحتلها، ولكن التنظيم استأنف منذ شباط الماضي تنفيذ الهجمات المسلحة في أماكن متعددة شمالي البلاد.
وقدر مسؤولون مقتل نحو 100 شخص في الهجمات الاخيرة التي اعتمدت على أسلوب "الصيد المنفرد" للقوات الامنية ونصب السيطرات الوهمية.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد دعا الأسبوع الماضي المواطنين إلى التكاتف لمنع وقوع "كارثة" الانهيار العسكري، في إشارة إلى التراجع الكبير للقوّات أمام التنظيم في صيف 2014، نافياً وجود ما أسماه بـ"الانتصارات الكاذبة" للتنظيم خلال الفترة الماضية.
عمليّات محدودة
وللحد من الهجمات الأخيرة في جنوب كركوك، انطلقت في الساعة السادسة من صباح السبت، عملية أمنية من 4 محاور لتطهير مناطق جنوب وغرب طوزخرماتو من فلول داعش".
وقال رضا محمد كوثر، رئيس اللجنة الامنية في (الطوز) في اتصال مع (المدى) أمس إن العملية التي شارك فيها اللواء 52 (الحشد التركماني)، وألوية من الشرطة الاتحادية ولواء 39 جيش "قد توقفت في الساعة الواحدة بعد الظهر، بعدما أطلقت قوات (البيشمركة) النار صوب القوات ،لأنها اقتربت من مناطق سيطرة الإقليم أو ما يعرف بالخط الازرق".
وكادت اشتباكات أن تندلع بين الطرفين، قبل أن تقرر القوات أن تعود أدراجها وتنهي العملية. وكان العبادي قد أعلن وقفاً لإطلاق النار بين القوات الاتحادية والبيشمركة نهاية تشرين الأول الماضي، وترك المجال للجان الفنية للتفاوض.
ومنذ أن قررت الحكومة نشر قوات اتحادية في المناطق المتنازع عليها بعد تحرير الحويجة في تشرين الأول الماضي، حدثت خروق في مدينة (الطوز) أدت الى فرار عشرات الآلاف من السكان الكرد من أحيائهم ثم جاء التركمان وقوات الحشد الشعبي للسيطرة على هذه الأحياء مع حرق ونهب بيوت تابعة لمسؤولين ومنتسبي أمن كرد، وفقاً لمنظمة العفو الدولية .
في تلك الأثناء سعت الحكومة في بغداد لطمأنة الكرد النازحين الذين يقدر عددهم بحدود 35 ألف شخص. وفي الايام التي تلت أحداث شهر تشرين الاول كلفت الحكومة قوات أمنية لحماية الأحياء الكردية.
وينتشر في القضاء 5 آلاف عنصر من الشرطة الاتحادية، ويطالب المسؤولون هناك بتوزيعها على المناطق الساخنة بدلا من بقائها داخل المدينة.
ويقول مروان ناجي الجبارة، القيادي في حشد صلاح الدين لـ(المدى) إن "مجلس المحافظة غير معني بطوزخرماتو، وكأن المدينة جزء من كركوك وليس من صلاح الدين".ودعا الجبارة الحكومة الى الاهتمام بالقضاء وإعادة النازحين. وشكّل البرلمان الاسبوع الماضي لجنة تحقيقية للوقوف على الانتهاكات الاخيرة التي حدثت قرب (الطوز).
وعلى الرغم من عدد القوات المنتشرة هناك فقد نفذ داعش خلال أسبوعين، ثلاث عمليات على الطريق الذي تقع عليه (الطوز)، وقتل عدداً من المدنيين والقوات الامنية.وكانت الحملة الاخيرة، بحسب رضا كوثر، "تهدف الى البحث عن رفات عدد من القوات الامنية التي أعدمها داعش على الطريق، لكنه لم يعثر على أيّ جثة".
وقبل أسبوع نشر تنظيم داعش تسجيلا أظهر إعدام ثمانية أشخاص قيل إنهم من عناصر القوات الامنية، فيما كان فصيل سرايا السلام الجناح العسكري للتيار الصدري، قد أعلن عن مقتل اثنين من أفراده بعد اختطافهما في سيطرة وهمية نصبت على طريق كركوك.
وقبل أيام أكد مسؤولون أمنيون لـ(المدى) نجاح القوات الامنية في تأمين طريق بغداد- كركوك، لكنّ المسوؤلين قالوا إن المناطق المحيطة بالطريق لم تؤمّن بعد.
ودخلت القوات الامنية خلال الحملة الاخيرة، في عمق 25 كم من يمين الشارع الرئيس الرابط بين بغداد وكركوك، وطهّرت عدداً من القرى في شريط طوله 50 كم، لكن كوثر يقول إن "الحملة انتهت دون مسك أرض، كما أن المسلحين اختفوا كالعادة، فلم يعثر على أحد منهم".
ملاحقة فلول داعش
إلى ذلك، أوضح محمد مهدي البياتي، قائد محور الشمال في منظمة بدر التي يتزعمها هادي العامري، أن الحملات الاخيرة ليست عسكرية، وإنما "أمنيّة تستهدف بعض الاوكار المتنقلة لتنظيم داعش، والذين يتنقلون بدراجات نارية وتركترات".
وقال البياتي في اتصال مع (المدى) أمس إن "الحملات قد تستمر لساعات فقط وتتوقف وتعود مجدداً تبعا للمعلومات ومكان تواجد المسلحين". وأشار الى أن عملية مسك الارض "تتطلب قطعات كبيرة وهو أمر غير متوافر، كما أن وضع نقاط ثابتة سيؤدي الى استنزاف القوات".
وذكر القيادي في منظمة بدر أن الحملة الاخيرة استطاعت تطهير عدد من المناطق والقرى، كما تم قتل عدد من المسلحين، من دون ذكر الأعداد بالتحديد.
وكانت خطة جديدة، قد أُطلقت قبل أيام تم من خلالها توزيع الطرق الرئيسة في جنوب كركوك، بين الحشد والشرطة وقوات الرد السريع، أسفرت عن تأمين الطريق بحسب مسؤولين.
بدوره اعتبر عبد العزيز حسن الباجلاني، النائب في لجنة الامن البرلمانية، أن الحملات الامنية المؤقتة "لن تضبط الامن في تلك المناطق من دون مسك للارض وتفعيل الجهد الاستخباري".
وأضاف الباجلاني لـ(المدى) أمس انه إذا أرادت الحكومة مسك الامن فعليها أيضا ان "تسيطر على الهويات الأمنية والازياء العسكرية، لأن الهجمات الاخيرة نفذت بإمكانات وعجلات الدولة".
اترك تعليقك