كواليس: التصفيق في المسرح!

سامي عبد الحميد 2018/04/23 06:33:20 م

كواليس: التصفيق في المسرح!

سامي عبد الحميد

من الأخطاء الشائعة في مسرحنا قيام الممثلين بالتصفيق للجمهور حال ظهورهم للتحية في نهاية العرض المسرحي، وكأنهم يصفقون لأنفسهم. المعروف هو أن الجمهور هو الذي يبدأ بالتصفيق بعد انتهاء العرض المسرحي وقبل ظهور الممثلين لتحيتهم وذلك لأظهار الأعجاب أو الاستحسان ويزداد تصفيق الجمهور ويستمر مدة أطول إذا كان العرض المسرحي مثيراً ومدهشاً ومستجيباً لتطلعات الجمهور. التصفيق جزء من مجموعة تصرفات يقوم بها الجمهور لها علاقة بأستقبالهم للعرض. ومن تلك التصرفات أيضاً وقوف الجمهور أثناء تحية الممثلين ومنها أيضاً أسماع كلمات الاستحسان مثل (برافو). وهناك تصرفات معاكسة تظهر عدم الاستحسان أو عدم الرضى بأصوات غير لفظية.
مثل تلك الإيماءات التي تصدر من جمهور المسرح لا تشترك بها شعوب العالم فهي خصوصية ثقافية لها تاريخها عند بعض الأمم، فالرومان القدماء مثلاً قاموا بتنظيم سلسلة من إيماءات الاستحسان مثل فرقعة الأصابع والتصفيق بالأيادي والتلويح بالمناديل.
يعتبر التصفيق ممنوعاً في بعض العروض الأسيوية التقليدية وخصوصاً عندما تستحضر تلك العروض بعض الأمور الدينية ومن تلك العروض الدراما الراقصة الهندية في مقاطعة كيوالا والتي تقدم عادة في المعابد. تتأثر عادة التصفيق في المسرح بالطبقة الاجتماعية التي تحضر لمشاهدة مسرحية ما وكذلك تتأثر بعرق الجمهور وجنسه وطبيعة هذه الأمة أو تلك وعلى وفق نظامها الاجتماعي. كما تتأثر تلك العادة بالظروف الزمانية والمكانية. فقد كان الصفير والصراخ الساخر شائعاً في المسرح الشعبي في القرن التاسع عشر في حين لا يستخدم هذه الأيام إلا في ملاعب الكرة ولا يحدث إطلاقاً في مسارح الدراما البورجوازية.
تستدعي تقاليد الهند الدنيوية لعروض التسلية التصفيق سواء حدث أثناء العرض أم بعد انتهائه. وفي العروض الراقصة الموسيقية الهندية يستخدم الجمهور بعض التعبيرات الصوتية كطقطقة اللسان بدلاً من التصفيق.
للتصفيق في المسرح الحديث دلالات تتعدى الاستحسان وتصل إلى حد مداخلة الجمهور سلبياً في موقف مسرحي معين. ومن الجدير بالذكر أن بعضاً من المبدعين المسرحيين من ذوي الابتكارات الأولى في العرض المسرحي قد التزموا بمبدأ الإيهام بالواقع، وكان الموسيقار (ريتشارد فاغنر) في مقدمتهم بل أنه تطرق في تطبيق هذا المبدأ وبناءً عليه منع تصفيق الجمهور خلال عروض أوبراته وكذلك عند انتهاء العرض وخروج المؤدين لاستقبال الجمهور لهم وذلك لاعتباره أن التصفيق سيخرب الجو السحري للعرض المسرحي وسيحول دون نقل الجمهور إلى الحالة الروحية فقد أراد أن يرفع الجمهور إلى المستوى المثالي الرفيع.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top