علي الرفيعي: مفوضيّة الانتخابات لم تُحاسب أحزاباً موّلت حملاتها من المال العام

علي الرفيعي: مفوضيّة الانتخابات لم تُحاسب أحزاباً موّلت حملاتها من المال العام

 حـاوره: محمــد صـباح
 تصوير: محمود رؤوف

اتّهم رئيس التحالف المدني الديمقراطي علي الرفيعي، مفوضية الانتخابات بالتقصير وعدم محاسبة الأحزاب المتنفذة التي حصلت على دعم خارجي لتمويل حملاتها الانتخابية.
ويعتقد الرفيعي أن كثرة الكيانات والتحالفات وانشطار الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية سيؤخر تشكيل الحكومة القادمة لفترة قد تطول.
ويقول رئيس التحالف المدني، إنّ التيارات المدنية الحقيقية سيكون لها حضور كبير في البرلمان المقبل نتيجة لتغيّر الأفكار والقناعات والثفاقات الديمقراطية لدى الناخب العراقي.
ومن المقرر إجراء الانتخابات العراقية يوم 12 أيار المقبل وسيستخدم العراقيون نظام التصويت الإلكتروني لأول مرة.

ويقول رئيس التحالف المدني الديمقراطي علي كاظم الرفيعي في حوار أجرته معه (المدى) إنّ تحالفه"مسجل ككيان سياسي منذ عام 2013 في انتخابات مجالس المحافظات وخاض انتخابات مجلس النواب الماضية وحصل على ثلاثة مقاعد برلمانية"، مؤكداً أن"التحالف يضم في تشكيلته الحالية ستة أحزاب سياسية مجازة بتوجهات مدنية ديمقراطية لها منهاج وبرامج انتخابية ونظام داخلي".
وشارك التحالف في انتخابات 2014 وضمّ ما يقارب 5 أحزاب بينها الحزب الشيوعي العراقي، وفاز ثلاثة من مرشحيه.
ويبيّن الرفيعي أن"البرنامج الانتخابي للتحالف المدني الديمقراطي يهدف إلى القضاء على المحاصصة الطائفية ومعالجة البطالة ومحاربة الفساد المالي والإداري الذي ضرب مؤسسات الدولة وشل حركتها على مدار السنوات الماضية"، مشددا على ان"البرنامج لم يغفل اهتماماته بتطوير الجوانب الاجتماعية والثقافية".
وتطرق الرفيعي الى الأسباب التي دفعت مكونات التحالف المدني الديمقراطي إلى خوض غمار الانتخابات البرلمانية بكيان واحد، قائلا: هناك"أهداف مشتركة تتمثل بالهوية السياسية الموحدة من خلال الدعوة إلى مجتمع مدني ونظام ديمقراطي وعدالة اجتماعية التي تعدّ من الأسياسيات بالنسبة للعراق".
ويلفت رئيس التحالف المدني الديمقراطي إلى أن"التجربة الديمقراطية في العراق تجربة فريدة وتحتاج إلى توطين اكثر من خلال مشاركة فعالة لكل الاحزب السياسية الفاعلة في الساحة العراقية"، مشيراً الى أن"هذه التجربة تهدف أيضا إلى تشريع قوانين تحمي الفرد ومستقبل الأسرة العراقية مع ضمانات لوجودها والمحافظة على حرية الإنسان العراقي التي تتمثل في تشريع قانون الرعاية الاجتماعية"، وهي أهداف قريبة لأهداف التحالف المدني في انتخابات 2014.
ويؤكد الرفيعي أنّ"الكتل الكبيرة استحوذت على القرار البرلماني ولم يتمكن نواب التحالف المدني من تحقيق ما كنّا نصبو إليه، ولكن صوتهم كان مؤثراً في البرلمان وتفاعل معهم الشارع العراقي من خلال التعبير عن هموم المتظاهرين والدفاع عن مواقفهم".
ويوضح رئيس التحالف المدني الديمقراطي أن"هناك الكثير من القوانين التي يرفضها الشارع العراقي تصدّى لها نواب التحالف في الدورة البرلمانية الحالية ممّا دفع الحكومة إلى سحب العديد من مشاريع القوانين بسبب هذه المعارضة والاحتجاجات لإعادة النظر بها مرة أخرى".
وخلال الدورة البرلمانية الحالية انسحب النائب فائق الشيخ علي، والنائبة شروق العبايجي من التحالف، ويعزو الرفيعي، الانسحاب إلى"الاختلاف في وجهات النظر على إدارة رئاسة التحالف وطريقة الأداء"، معتبراً أن"الخلاف أمر طبيعي داخل القوى المدنية وغير المدنية ولا توجد خصومة او مشاكل مع النواب الذين خرجوا".
ويقول الرفيعي، وهو أمين عام التيار الاجتماعي الديمقراطي، إن تياره"المنضوي في التحالف المدني الديمقراطي هو مَن قرر ان أكون على رئاسة التحالف ولم يكن القرار شخصياً أو تبنّيته بمفردي".
وكان التحالف يضم في السابق الحزب الشيوعي الذي قرر التحالف مع التيار الصدري في الانتخابات المقبلة.
ويقول الرفيعي:"لم نتمكن من الاستمرار بالتحالف مع الحزب الشيوعي في التحالف المدني الديمقراطي بعد الدخول في مفاوضات مع التيار الصدري لتشكيل تحالف جديد".
وأوضح أن"الحزب الشيوعي العراقي اقتنع بالمفاوضات التي جرت مع التيار الصدري وتوصل إلى قناعات مشتركة وضعت خارطة طريق لعمل مشترك بينهما تحت تحالف انتخابي سمّي في وقت لاحق سائرون".
وأوضح أمين عام التيار الاجتماعي الديمقراطي، أن تياره"لم ينضم إلى هذا التحالف بعدما رأى إصرار وتحفظ التيار الصدري على ترؤس تحالف سائرون قبل وبعد الانتخابات".
ويرى الرفيعي أن"التحالف مع التيار الصدري أمر طبيعي في حال صبّت المصلحة لإصلاح الدولة العراقية على وفق ما ترسمه البرامج الانتخابية"، لافتاً إلى أن"التيار الصدري يمتلك قوة جماهيرية كبيرة يحاول من خلالها المحافظة على قوته بتحالفه مع القوى السياسية الجديدة التي انضمت تحت سائرون".
وحالياً يشارك التحالف المدني بـ6 أحزاب أبرزها: المبادرة الوطنية برئاسة غسان العطية، والتيار الاجتماعي، والبصمة الوطنية، وتجمع من أجل الديمقارطية.
ومنح التحالف التسلسل رقم واحد للعطية فيما رشح رئيسه علي الرفيعي في التسلسل قم (2). ويقول الرفيعي إن"المبادرة الوطنية التي يرأسها العطية مع أحزاب أخرى اقتنعت بالدخول مع التحالف المدني الديمقراطي وتشكيل كيان انتخابي لخوض غمار الانتخابات البرلمانية المقبلة"، لافتاً إلى ان"القوى السياسية المنضوية في التحالف المدني كتبت برنامجا انتخابيا يهدف في أحد مرتكزاته إلى معالجة ظاهرة الفقر التي وصلت إلى نسب عالية وكبيرة جدا".
ويرى الرفيعي أنّ"هناك تغيّرا كبيرا قد طرأ في قناعات المواطن والناخب العراقي الذي بدأ يفكر بالمدنية التي بات يعتبرها خلاصه الوحيد من حالات الفساد المستشرية في الدولة والقضاء على البطالة والمحاصصة الطائفية والسياسية"، معتبراً أن"التيار المدني والتظاهرات تمكننا من إرساء أفكار المدنية".
واتجه الكثير من الأحزاب الإسلامية لارتداء ثوب المدنية، محاولة استغلال هذا الشعار (المدنية) لإيهام وأقناع الشارع بأنها قادرة على تقديم شيء جديد.
ويشير رئيس التحالف المدني الديمقراطي الى أن"هذه الأحزاب ارتدت ثوب المدنية بعدما وجدت أن المدنية أصبحت لغة الشارع العراقي الذي ابتعد كثيرا عن الدولة الدينية وباتت (المدنية) مفهوما واضحا لدى غالبية ابناء الشعب العراقي"، مؤكدا أن"المدنية متلازمة مع مفهوم الديمقراطية في تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع أفراد الشعب العراقي".
ويحمّل رئيس التحالف المدني، مفوضية الانتخابات"مسؤولية عدم محاسبة الكيانات والقوائم والاحزاب المتنفذة التي تموّل حملاتها الانتخابية من المال العام"، معتبراً أن"المفوضية مقصّرة لأنها لم تتمكن من مساءلة الأحزاب عن المبالغ التي صرفتها وتصرفها على حملاتها الانتخابية".
وباتت مفوضية الانتخابات عاجزة عن منع الأحزاب والقوائم والكيانات السياسية من الحصول على دعم مالي خارجي أو داخلي لتمويل الحملات الانتخابية، وهي لا تعرف كمية الأموال التي رصدتها هذه الاحزاب والكتل لتمويل حملاتها الانتخابية.
وترفض القوى السياسية المهيمنة على المشهد السياسي العراقي طوال الخمس عشرة سنة الماضية الانصياع إلى مطالب المفوضية بالكشف عن مصادر تمويلها، بالرغم من أن هذا أمر ملزم بموجب قانون الاحزاب.
وبيّن الرفيعي أن"قانون الأحزاب يلزم مفوضية الانتخابات بإجبار الكيانات والتحالفات والأحزاب بالكشف عن ذممها المالية ومصادر تمويلها"، مشيراً الى أن"التيارات المدنية الحقيقية تصرف على حملاتها الانتخابية من أموالها الخاصة، وفي العادة يكون إنفاقها متواضعا".
ويمنع قانون الأحزاب رقم 36 الذي شرّعه مجلس النواب في عام 2015 في مادته (41) الحزب من قبول أموال عينية أو نقدية من أي حزب أو جمعية أو منظمة أو شخص أو أي جهة أجنبية إلا بموافقة دائرة الأحزاب أو التنظيمات السياسية.
وصوّت مجلس النواب خلال جلسته الـ16 من الفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الثانية التي عقدت، في الـ27 من آب 2015، بالإجماع على مشروع قانون الاحزاب السياسية بعد 13 عاماً على تغيير النظام في العراق.
ويتحدث الرفيعي، عن الحملة الانتخابية للتحالف المدني الديمقراطي بالقول إنّ"كل مرشح في التحالف مسؤول عن حملاته الانتخابية بسبب قلة الأموال مقارنة بما تصرفه الأحزاب الكبيرة والمتنفذة"، مؤكداً ان"التحالف أبلغ مرشحين في عدة اجتماعات بعدم امتلاكه الأموال لتغطية حملاتهم الانتخابية".
وأحكمت القوائم والكيانات الكبيرة سيطرتها الكاملة على الساحة الانتخابية مستغلة نفوذها في الاستحواذ على الأماكن الستراتيجية في المدن بنشر ملصقاتها وشعاراتها على حساب القوائم الأخرى بعدما أمّنت حجز هذه المواقع قبل انطلاق مواعيد الحملة الدعائية.
وما يعزّز حظوظ هذه القوائم والكيانات في الانتخابات المقبلة هو استغلالها لنظام الإنفاق الانتخابي الذي أقرته مفوضية الانتخابات وحدّد السقف الأعلى للمرشح الواحد في العاصمة بغداد بمليون دولار وللكيان أو القائمة بـ144 مليون دولار.
وهذه الأنظمة التي بالإمكان التحايل والتلاعب بها من قبل القوائم والكيانات الكبيرة حدّدت نسب الإنفاق للمرشح في محافظة البصرة بـ350 ألف دولار وللقائمة الانتخابية 16 مليون دولار.
ويؤكد الرفيعي أنّ"هناك أحزابا متنفذة تخوض المنافسة الانتخابية معتمدة على فسادها المالي في مؤسسات الدولة وعلى الدعم الخارجي الذي تتلقاه من بعض الدول المحيطية بالعراق"، منوهاً الى أن"الاصطفافات الطائفية قلت بعض الشيء مقارنة بالانتخابات البرلمانية السابقة".
ويشدّد رئيس التحالف المدني الديمقراطي على أن"القوى المدنية ترفض منح الثقة إلى الأحزاب الفاسدة التي تستغل المحاصصة الطائفية في الحصول على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات"، مبيناً أن"التيارات المدنية الحقيقية سيكون لها حضور كبير في البرلمان المقبل نتيجة لتغيّر الأفكار والقناعات وتعزّز الثفاقة الديمقراطية لدى الناخب العراقي".
وستعقّد كثرة الكيانات والتحالفات وانشطار الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية خطوات تشكيل الحكومة المقبلة، بحسب مراقبين.
ويعتقد علي الرفيعي أن"الكتل الكبيرة والمتنفذة ستكون متساوية في نتائج الانتخابات مما سيؤخر تشكيل الحكومة لفترات قد تكون طويلة".
ويضيف الرفيعي أن"شبح المحاصصة الطائفية ما زال قائما كوننا لا نثق بدعاة المحاصصة الذين يحاولون الانقلاب عن نظام ومبدأ المحاصصة الطائفية والسياسية والحزبية".
ويختتم رئيس التحالف المدني الديمقراطي كلامه قائلا:"على الناخب العراقي الوطني، الذي عاش في الفترة الماضية ولم يلمس أي شيء من الحكومات المتعاقبة، المشاركة الفعلية في الانتخابات البرلمانية المقبلة وعدم اتخاذ مواقف سلبية من العملية الانتخابية لأن ذلك يرجّح كفة أحزاب الفساد"، داعياً الناخبين إلى"الإدلاء بأصواتهم للعناصر النزيهة الذين لم تتلطخ سمعتهم بالفساد والدماء".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top