مغريات التحالفات الكبيرة تشظّي قوائم الأقلّيات وتسيطر على مرشّحيها

مغريات التحالفات الكبيرة تشظّي قوائم الأقلّيات وتسيطر على مرشّحيها

 بغداد/ وائل نعمة

تمتد أيدي القوى السياسية المتنافسة في الانتخابات إلى "كوتا" الأقليات لزيادة مقاعدها في البرلمان رغم ضمانها 320 مقعداً في مجلس النواب تتنافس عليها أحزاب زاد عددها على 140 حزباً.
وتحاول هذه القوى، خاصة الأحزاب المتنفذة في السلطة، عبر مجموعة من التدابير والمغريات ضم مقاعد "الكوتا" التسعة المخصصة للمكونات العراقية الصغيرة، مستغلة الاذى الذي أحدثه "داعش" خلال السنوات الاربع الماضية في مناطق شمال بغداد.
وفي الحرب ضد التنظيم استثمرت قوى شيعية ظروف النزوح والبطالة لدى شباب الأقليات وضمّتهم إلى فصائل تابعة للحشد الشعبي، قبل أن تقرر تلك الجماعات خلع الزي العسكري والدخول في مضمار الانتخابات.
وليست الأطراف الشيعية بمفردها هي من حاول كسب ودّ الأقليات لضمان مقاعد إضافية، فأحزاب سُنية وكردية حاولت أيضاً خاصة في محافظتي نينوى وكركوك.
ودفع ذلك التنافس الى انقسام الأقليات الى أكثر من 30 قائمة تضم نحو 70 مرشحاً لنيل مقاعد "الكوتا".ونص قانون انتخابات مجلس النواب على منح الأقليات تسعة مقاعد ضمن (الكوتا) المفروضة في الدوائر الانتخابية، على أن يحصل المسيحيون على خمسة مقاعد بواقع مقعد واحد لكل من محافظات بغداد ودهوك ونينوى وأربيل وكركوك، ومقعد واحد للشبك في محافظة نينوى، ومثله للكرد الفيليين في واسط، ومقعد واحد للصابئة في بغداد، وآخر للإيزيديين في محافظة نينوى.

مقاعد المسيحيين
على الرغم من تراجع أعداد المسيحيين في البلاد الى أكثر من النصف مقارنة بعام 2003، فإن هناك 69 مرشحاً يتنافسون على المقاعد الـ5. ويزداد التنافس بحسب يونادم كنا، المرشح عن ائتلاف الرافدين في بغداد، "في محافظات كركوك ونينوى وبغداد، وبشكل أقل في دهوك وأربيل".
ودخلت المنافسة 7 قوائم تمثل المسيحيين، فيما يؤكد كنا وهو نائب عن الدورة الحالية لـ(المدى) أن "هناك قوى شيعية وكردية وأطرافاً أخرى تحاول السطو على الكوتا". وأشار الى أن القوائم المسيحية المدعومة من قوى سياسية متنفذة "تتفوق على باقي الكتل في الدعاية والتأثير، حيث تملك المال والقوة العسكرية".
وكانت تسريبات قد تحدثت في فترة الحرب على داعش عن انضمام ريان الكلداني، وهو شخصية مسيحية تشترك في الانتخابات، الى منظمة بدر بعد إدراج فصيله "بابليون" ضمن الحشد الشعبي. وتحظى "بابليون" بشهرة واسعة في نينوى حيث شاركت في عمليات التحرير، بحسب تصريحات الكلداني.
وتتشظى القوائم المسيحية بشكل كبير في نينوى وكذلك آراء الناخبين من الطائفة، حيث تنقسم بين القوائم المتعددة، فيما يقول كنا ان "هناك ضغوطاً من جهات سياسية ومسلحة للتأثير على إرادة الناخب المسيحي".
ووفقاً للتقديرات، فقدت دفعت سيطرة داعش على الموصل في حزيران 2014، الى انخفاض عدد المسيحيين الى نحو 200 شخص يعملون في بعض الوظائف الحكومية وفي الجامعات، فيما كان عددهم قبل ذلك الوقت أكثر من 3 آلاف.
كذلك لم يعد الى سهل نينوى - المعقل الرئيس للمسيحيين في المحافظة -سوى 70%، حيث كانت أعدادهم هناك تصل الى أكثر من 150 ألفاً، فيما هاجر نحو 20% من مسيحيي نينوى الى خارج البلاد.
وكان رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم لويس ساكو قد قال، بعد احتلال داعش للموصل ونزوح المسيحيين منها، إنّ المدينة تفرغ من المسيحيين لأول مرة في تاريخ العراق.
وأحرق تنظيم داعش خلال فترة سيطرته على المحافظة 40% من منازل المسيحيين في نينوى، بينها 70% من منازل بطنايا، و10% من منازل بغديدا، وهي مناطق مسيحية. فضلا عن تدمير 20 كنيسة، بينها كنائس تاريخية.
وكانت الموصل لوحدها تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها الى ما قبل 1500 سنة بحسب رئيس الطائفة الكلدانية.
ويذكر المرشح المسيحي كنا، بأنّ طائفته تتنافس في الانتخابات بدافع الوطنية والشراكة، مضيفاً أن "البعض يعتقد بأنها مقاعد رخيصة، لكن بعض الفائزين كانوا قد حصلوا على 10 آلاف صوت".
وقُتل منذ عام 2003، ما يقارب 1200 مسيحي في حوادث عنف متعددة في عموم العراق، بينهم 700 شخص قتل على الهوية، بحسب منظمات إنسانية مسيحية.
وهاجر خلال تلك الفترة 800 ألف مسيحي من البلاد من أصل 1.4 مليون مسجلين قبل 2003.وتراجعت أعداد الطائفة في بغداد الى 150 ألفاً مقابل 600 الف قبل 2003. وتقدر المنظمات المسيحية هجرة بين 15 و20 مسيحياً في اليوم الواحد، بالاضافة الى الاستيلاء على عقاراتهم.

التأثير على النازحين
ويخشى مرشحون عن الطائفة الإيزيدية تعرّض ناخبيهم في مخيمات النازحين الى ضغوط من جهات سياسية للتصويت لصالح قوائم معينة، فيما أكد المرشح عن الطائفة صائب خدر أن "الإيزيديين طالبوا الامم المتحدة بالتدخل لحماية الناخبين هناك".
وكان نحو 300 ألف إيزيدي قد نزحوا من الموصل وسنجار، التي احتلها داعش بعد شهرين من سيطرته على الاولى. ويوضح خدر وهو مرشح من ضمن 6 مرشحين عن الطائفة في نينوى في تصريح لـ(المدى)، أن "العديد من الاحزاب والقوى السياسية تحاول سحب المقعد الوحيد من الإيزيديين". وأشار الى صعوبة التنافس مع تلك القوائم المدعومة بسبب امتلاكها المال والقوة.
وكانت مجموعة من الإيزيديين على غرار المسيحيين قد انضمت الى تشكيلات شيعية ضمن الحشد الشعبي في فترة الحرب على داعش، فيما تتهمها جهات سياسية في نينوى بأنها منتمية عقائدياً الى حزب العمال الكردستاني.
بدوره، يؤكد المرشح عن الإيزيديين أن "هناك إحباطاً وعدم رغبة في الذهاب الى صناديق الاقتراع لدى طيف واسع من الناخبين".
وكان 10 آلاف إيزيدي قد قتل أثناء احتلال داعش لنينوى قبل 4 سنوات، بحسب ناشطين في الطائفة التي يبلغ عدد نفوسها نحو نصف مليون.
كما خطف التنظيم 6 آلاف إيزيدي، عاد حتى الآن نصفهم فقط. كذلك عثر خلال معارك التحرير على 43 مقبرة جماعية، إضافة الى العشرات من مواقع المقابر الفردية، التي تضم جثثاً تعود للطائفة.

كوتا الشبك والصابئة والفيليّة
وإلى جانب الإيزيديين والمسيحيين، فهناك 6 قوائم منفردة للصابئة في بغداد، و12 قائمة في واسط، حيث أضيف مؤخراً مقعد للكرد الفيلية.
أما الشبك، الذين تقدر أعدادهم بنحو 200 ألف نسمة، فيملثهم في نينوى 3 قوائم، تواجه هي الاخرى تنافساً من بعض القوى السياسية لضمها الى مقاعدها في البرلمان.
ويقول قصي عباس، وهو مرشح عن الطائفة في اتصال مع (المدى) إن "أبناء الطائفة توزعوا في قوائم الحكمة، والفتح، والنصر، بالاضافة الى قوائم الاحزاب الكردية. وأشار الى أن منافسيه في نينوى مدعومون من جهات سياسية.
ويقطن الشبك في مناطق شمال شرق الموصل في تلكيف، وبعشيقة، والحمدانية، وبرطلة، بالاضافة الى النمرود الواقعة جنوب شرق الموصل.
ولأول مرة في تاريخ العراق، هاجر من الطائفة أثناء فترة سيطرة داعش ما يقارب 500 عائلة الى أوروبا، فيما تم تدمير 20% من منازل الشبك.
ويخشى المرشح عن الشبك أن تساهم الظروف السيئة التي عاشها أبناء طائفته خلال تلك الفترة، بالاضافة الى تأخر توزيع بطاقات التصويت في نينوى الى "ضعف المشاركة بالانتخابات".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top