اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > نجم والي: فقط النساء قادرات على تغيير هذا الظلم

نجم والي: فقط النساء قادرات على تغيير هذا الظلم

نشر في: 14 مايو, 2018: 07:00 م

رجاء الشجيري  

 يرافقه الجدل مع كل خطوة او فعل ثقافي، علمته الحروب أن السلام هو لغة العالم.. سلام ظل يبحث عنه في منفاه وفي رواياته التي تنبذ الحرب،حظيت روايته ما قبل الاخيرة (بغداد مالبورو) بإهتمام النقاد، انه الروائي العراقي نجم والي وارث (ملائكة الجنوب) ومكتشف جنانه وسط الجحيم. في معرض بغداد إلتقيته فوجدته حاملاً هموم المهمشين والاقليات والمظلومين وصادحاً بصوتهم، فكان هذا الحوار:

*تستخدم زمكنة عراقية في معظم أعمالك الأخيرة كالحرب في حي الطرب وبغداد مالبورو وملائكة الجنوب ومكان اسمه كميت، فهل أعانك المنفى في استحضار هذه المفردات أم هي اشتغالات ذاكرتك كروائي يستعيد الأشياء عبر مخيلته؟
- الاثنان معاً، المنفى ساعدني ليس أن استذكر هذه الأماكن فقط انما اكتشافها من جديد لأننا جغرافياً أن ابتعدنا عن المكان نكون هناك بالمنفى أكثر قربا، لأن من يعيش الروتين اليومي لا تلفت نظره الكثير من الأشياء التي تتغير يومياً، على عكس الذي يبتعد عنه، لذلك كنت أبحث دوما عن التفاصيل والأماكن المهمشة بالعراق لانها لا إراديا ارتبطت بذاكرتي وبتجربة خاصة بحياتي سواء "حي الطرب" أو "كميت" "تل اللحم" أو "ملائكة الجنوب" كلها تدور في البصرة والعمارة وكلها فيها تجارب خاصة قبل المنفى أصلا وتطورت بعد ذلك قبل ذهابي للمنفى 28-10-1980، أروي لك القصة التالية: قبل اسبوع من مغادرتي العراق، وكأني عرفت أن غربتي ستطول، قمت بزيارة خالاتي الـ" 13" واحدة واحدة وهن موزعات في محافظات العراق من الكوت والحب والشطرة لقلعة سكر وحتى الناصرية، تل اللحم وسوق الشيوخ.. لا تنسي تجربتي بالوحدات العسكرية خلال الخدمة العسكرية الإلزامية في معسكر التاجي، في القاعدة البحرية في البصرة مترجما لجنرالين المانيين شرقيين، بالمحاويل وجبل سنجار وبغداد.. فكل هذه التفاصيل والأمكنة مخزونة استحضرتها وهيمنت عليّ ولا زال مشروعي في كتابة (تاريخ الجحيم العراقي واكتشاف جنته) قيد الوجود ايضا

*كيف صغت "بغداد مالبورو" رواية مضادة للحرب بامتياز مع أنها تناولت أحداث حرب عشناها بمرارة؟
- الكتابة عن الحرب، لابد وأن تأتي في النهاية ضدها، بهذا الشكل جاءت بغداد مالبرور تصف الخراب وهي تدعو للسلام.. كل ادبي يدعو لذلك ابتداء من رواية (الحرب في حي الطرب) التي نُشرت 1993 بالعربية، برغم أنها ظهرت أولاً في المانيا بترجمتها للألمانية من قبل المستعرب يورغن باول عام 1989، لسبب بسيط لم تكن هناك دار نشر في بيروت جرأت على نشر الرواية خوفاً من النظام العراقي من بطشه ومن الانحرام من عطاياه، هل نسيتي؟ أنها اول رواية بالعراق تناولت وجهة نظر حرب غير نظرة السلطة الحاكمة.. رواية "بغداد مالبورو" تحكي عن جنديين عراقي وأمريكي يتبادلان الشعر والسجائر.. وأنا أيضا كنت جندياً معهما.. فالجنود

* كيف قرأت الرواية العراقية وكيف ترى أبرز ملامحها وهل هناك تغيرات فنية فيها وتجارب استوقفتك؟
- الرواية العراقية تطورت جدا بعد 2003 حيث انتهت الرقابة رسميا وأصبحت هناك مسؤولية الكاتب نفسه على نفسه وتعامله مع الرقابة الذاتية، وكل كاتب يستطيع ان يكسر هذه الرقابة سيبدع بالتأكيد لأننا لكتابة رواية جيدة لا نحتاج الا لموضوع جيد ورغبة بالحكي بالسرد.. والموهبة تأتي بعدها، ويجب توفر الحرية تماما بالسرد، ولهذا بدأت تتنفس الرواية وتهتم بالمهمشين والأقليات وبدأت تكسر التابوات حتى الدينية والجنسية.. هذه ملامح الرواية الجديدة والرواية العراقية تستحق مكانتها المميزة عربيا وعالميا. ومن الكتاب الذين استوقفوني اذكر "حسن بلاسم" الذي حصل على جائزة انتنبنتد الانجليزية التي لم يحصل عليها اي عربي او "علي بدر" الذي فاز بجائزة فرنسية لم يفز بها اي عربي ايضا .. طبعاً قائمة الروائيين والروائيات العراقيين المتميزين طويلة، لذلك على البلدان العربية ربط الأحزمة، الرواية العراقية قادمة لامحال.

* لابد إذن أن نأتي الآن على روايتك الأخيرة "إثم سارة"، خاصة في هذا السياق، حدثنا إذن كيف اخترقت عقر المجتمع الخليجي عن طريق بطلتك في هذه الرواية؟
- في أبريل 2010 زرت المملكة العربية السعودية، أو مملكة الظلام، كما تسميها بطلة روايتي سارة، بدعوة من السفارة الألمانية في الرياض، هم وفروا لي فيزا دبلوماسية سمحت لي بحرية التجول في هذا البلد الكبير بحرية، قمت في حينه بجولة أدبية بالتعاون مع الأندية الأدبية هناك وبتنظيم من الملحق الثقافي الألماني، تجولت 3 أسابيع تقريباً، بعض الجولات قمت بها عن طريق الطائرة، بعضها بسيارة جي أم سي مع الملحق الثقافي الألماني، هكذا قرأت في الرياض، الدمام، الظهران، القطيف، الخُبر كل المنطقة الشرقية حيث تدور أحداث الرواية، ثم إلى بريدة عاصمة منطقة القصيم، المنطقة التي وُلد فيها مرسس الأيديولوجية الوهابية، محمد عبدالوهاب، بعدها زرت جدة ومكة، جولة رائعة حقيقة، شكراً للبلد الذي أحمل جنسيته، في الأنترنيت يستطيع المرء مشاهدة أفلام توثيقية للرحلة، كما عملت القناة الأولى للتلفزيون الألماني فلماً رائعاً عن الرواية مباشرة بعد صدورها بترجمتها الألمانية، في الفيلم يرى المشاهدون صوراً لي في السعودية، وأنا أجلس أأكل في مطعم برج الوليد بن طلال في الرياض، أعلى مبنى هناك، أو وأنا أتحدث أمام جمهور من الرجال، بكلمة واحدة، كانت رحلة غنية، مكثفة، فكيف إذا تعلق الامر بدفتر مولسكين أسود سلمته له إمراة هناك كتبت فيها يومياتها؟

* في نيل وفرات وموقع جاملون لبيع الكتب تتصدر رواية"اثم سارة" منذ أيام قائمة الأكثر مبيعاً، رقم واحد.
- نعم في المانيا أيضاً تزداد الرواية شعبية كل يوم منذ كتابة مجلة دير شبيغل عنها ووضعها في القمة، مباشرة بعد صدورها بخمسة أيام، وبعد تصوير ريبورتاج تلفزيون القناة الأولى الألمانية، وكتابة صحف كبيرة عنها إضافة إلى بثّ 3 دقائق في النشرة الأخبارية الأساسية في القناة الأولى من التلفزيون النمساوي أو أر أف، كل ذلك يجعل شهرة الرواية تتزايد، ومخاوفي تتزايد بالتساوي، ليس قلقاً عليّ، بل أكثر قلقي على سارة.

*في النهاية تريد أن تقول، لا يهم، إذا كان ما قرأته جرى فعلاً أم من صنع خيالك؟
- بالضبط، هل تتذكرين الجملة التي أفتتحها بوريس فيان لروايته "زبد الأيام"؟ كتب "هذه القصة حقيقية لأنني أنا الذي أخترعها"، بالضبط ينطبق هذا على إثم سارة، وعلى مجمل ما أكتب، كل ما أكتبه على الورق حقيقي، خارجه هو الخيال.

* "بإسم كل البنات المجهولات ضحاياك" رددت سارة تلك العبارة على الجسد شبه الميت الملقى على سرير المستشفى قبل أن ترفع الكمامة عنه .. هل أريد أن تتخلص من دور الضحية وتتقمص دور الجلاد؟
- أفضل جواب على هذا السؤال كتبته أول قارئة للرواية في الخليج، أديبة عمانية حادة النظر، كتبت على جدارها في الفيسبوك، ولتسمح لي بإستعارته منها ما معناه، لأنني لا أحفظه تماماً الآن: المشهد الأخير في الرواية، هو رمز لجلب مرحلة كاملة للصمت، أي لخنقها. لا أظن أن سارة أرادت أن تكون الجلاد، فهي حتى عندما تقتل، تعرف أنها تلجأ لفعل ما كان عليه أن ترتكبه، مجلة شبيغل الألمانية عنونت المقال النقدي في مديح الرواية بالشكل التالي: إرهابيو الفضيلة. نجم والي يروي في "إثم سارة" عن جريمة عادلة.

* في النهاية لابد من سؤال أخير: ماذا تعني الجائزة لنجم والي وماذا أضافت له؟
- الجائزة عموماً نوع من الاعتراف بالمنجز.. وهي نوعان نوع يذهب إليه الكاتب وهذه لا أنظر إليها لانه يختلط فيها الحابل بالنابل وانا بصراحة لا أهتم بجوائز الخليج على الاطلاق بل بالعكس انا اكتب روايات إشكالية عن الخليج.. وجوائزهم لا تضيف او تعني لي شيئا.. فانا لست بكاتب جوائز. والنوع الاخر من الجوائز هو من يأتي للكاتب وهذه تعنيني أكثر لأن الاولى هي عبارة عن بحبوحة لعيش الكاتب وخاصة الشاب في بداياته اكثر من كونها اي شيء اخر، أما الثانية فهي اعتراف بالمنجز، فأنت لا تستطعين اخفاء دهشتك، عندما يتصل بك ويقول لك، أنك حصلت على الجائزة الفلانية، وأنت أصلاً لم تفكري بها، كنت أتجول في شوارع مانهاتن نيويورك مثلاً، عندما رنّ جرس الموبايل، لتخبرني إمرأة من فيينا من مؤسسة كبيرة، وتقول لي، تهانينا سيد والي، جائزة برونو كرايسكي للكتاب لهذا العام 2014 ذهبت إليك، يا للدهشة، ليس بسبب سمعة الجائزة أو المبلغ، بل لأن لجنة تحكيم من ثلاثة عشر شخصاً اختارت الرواية ولا أنا ولا دار النشر تقدمت بها، أصلا غير مسموح التقديم للجائزة، مثل النوبل، نفس الشيء حصل قبل اسابيع، عندما وصلتني رسالة من وزير ثقافة إقليم بافاريا، السيد يهنأني بحصولي على جائزة كوندورديا التي يمنحها الإقليم لكاتب جنسيته ألمانية سنوياً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: جولة موسيقية في فيينا

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

الشعر.. هل سيجد له جمهورا بعد مائة عام؟

صورة المثقف في رواية بنات غائب طعمة فرمان

(لعنة فلوريس)، رواية برازيلية تربط الماضي بالحاضر بخيوط الدانتيل

مقالات ذات صلة

عام

"أناس مستقلون".. ملحمة أيسلندية عن صراع الانسان في سبيل الاستقلال

عرض/ علاء المفرجيأناس مستقلون: رواية أيسليندية كتبها هالدور لاكسنيس الحائز على جائزة نوبل وترجمتها عبير عبد الواحد، تتناول كفاح المزارعين الأيسلنديين الفقراء في أوائل القرن العشرين، بعد أن تحرروا من عبودية الديون. ويعيشون في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram