كواليس: لا مسرحية بدون ((بروفة))

سامي عبد الحميد 2018/05/22 06:11:54 م

كواليس: لا مسرحية بدون ((بروفة))

 سامي عبد الحميد

في صفحة الثقافة المسرحية في صحيفة (المدى) تعرّض الباحث (أحمد شرجي) الى متعة المخرج العراقي (جواد الأسدي) في بروفاته للمسرحيات التي أخرجها سواء مع (منظمة التحرير الفلسطينية) أم مع جهات منتجة أخرى، وكأن (الأسدي) هو المخرج المسرحي الوحيد الذي يجد متعة في تمارينه لأية مسرحية يخرجها.
المخرج المتمكن والمبتكر لا بد أن يجد مثل تلك المتعة خلال التمارين وذلك لأن المتعة تلك تأتي من الاكتشاف حيث أن مرحلة التمارين هي فرصة لأكتشاف أسرار النص المسرحي سواء في مجال (الظروف المعطاة) أو في مجال (الفعل الدرامي) أم مجال العثور على (ثيمة) المسرحية أم في مجال الوصول إلى أبعاد الشخصيات الدرامية وعلاقاتها ودوافعها وأهدافها.
قد تأتي متعة (البروفة) من تحليل النص المسرحي بعد تفكيكه وإعادة بنائه ويسري التحليل في مناطق مختلفة وأبرزها تحليل معاني كلمات النص الظاهرية والخفية، وتحليل أنغام تلك الكلمات حيث أن للانغام تأثيرها في ابراز معانيها، وتحليل ايقاع الجمل حيث للايقاع تأثيره أيضاً في إبراز المعاني وايصال المشاعر.
وتتأتى متعة (البروفة) من اكتشاف كل ما يفيد في ايصال رؤية المخرج الى المتفرج وأكتشاف كل ما يثير اهتمام المتفرج وكل ما يثير دهشته وبالتالي متعته وهنا لا تقتصر متعة (البروفة) على المخرج وإنما على الممثلين وعلى الفنيين العاملين في المسرحية ومن ثم على متلقي تلك المسرحية. إذن تتمثل متعة (البروفة) في الاكتشاف والمخرج الذي لا يعمل وفق مبدأ الاكتشاف لا يمكن أن يكون ناجحاً.
ولا تقتصر متعة البروفة على الاكتشاف فقط وإنما تتماداها الى ايجاد البدائل ولإيجاد البدائل علاقة بالاكتشاف وليس هناك من مخرج مبتكر لا يبحث عن البدائل والمخرج الذي يكتفي بما هو جاهز إنما هو نفير أو قاصر.
وتتأتى متعة البروفة أيضاً عندما يجلس المخرج في أحد مقاعد المتفرجين وينظر إلى عمله عن بعد وبذلك يحقق ما سمي (المسافة الجمالية) حيث لا يستطيع المخرج المنغمس في عمله أن يكتشف عيوباً أو نواقص هذا العمل ولا يكتشف مدى تأثيره في المتفرج. ومن العيوب أو النواقص عدم تحقيق الايقاع المناسب لكل مشهد من مشاهد المسرحية، والايقاع المناسب للعرض المسرحي ككل.
من حق (جواد الاسدي) أن يتغنى ببروفاته لأنها تجلب له المتعة – متعة الاكتشاف وايجاد البدائل ومن حقه أن يؤلف أكثر من كتاب بهذا الخصوص لأنه أراد أن يثبت القيمة الحقيقية لتمارين المسرحية وفوائدها لكي يعطي دروساً لأولئك المخرجين الذين لا يعطون للبروفة الاهمية نفسها التي يعطيها هو لها، أو لأولئك المخرجين الذين يستسهلون العمل بالبروفة ولا يعطوه الوقت المناسب فالذي يستسهل والذي يستعجل الأمور لا يمكن أن يعتبر مخرجاً بالمعنى الحقيقي لمهمته. وبلا شك في أن (جواد الأسدي) تعلم أهمية البروفة ومتعتها من المخرجين الأساتذة الذين عمل معهم سواء خلال دراسته في بلغاريا أو خلال عمله في فرقة المسرح الفني الحديث في مسرح بغداد. وبدون بروفة طويلة الأمد متجمعة في التحليل والمتطلعة الى الاكتشاف لا يمكن أن ينتج عنها مسرحية ناجحة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top