الموصليّون يمحون آثار داعش بموائد أفطار طويلة للفقراء

الموصليّون يمحون آثار داعش بموائد أفطار طويلة للفقراء

 ترجمة/ حامد أحمد

تحت جنح ظلام مدينة الموصل يقوم كل من رايان وعلي بكسر الصمت عبر قرع طبليهما بين أزقة المدينة معلنينِ عن وقت وجبة السحور التي تسبق فجر يوم جديد خلال شهر رمضان.
كان تنظيم داعش الذي بسط سيطرته على المدينة عبر السنوات الثلاث الماضية قبل ان يطرد منها في تموز الماضي، قد منع قرع الطبول فضلا عن تقاليد وطقوس رمضانية أخرى تميز روح شهر الصيام البهيجة ابتداءً من فجر كل يوم الى الغسق.
ولكن منذ بدء رمضان هذا العام في منتصف شهر أيار الحالي، شرع كل من رايان خالدي وعلي محبوب، بإحياء جولاتهما الليلية بقرع الطبول مرتديين اللباس التقليدي المتمثل بالكوفية على الرأس مع الجلبية أو"الدشداشة"العربية.
ويقول رايان 25 عاما، إن قرع طبول رمضان، الذي يطلق عليه اسم"المسحراتي"هو جزء من"موروث ديني واجتماعي لمدينة الموصل". المدينة المتضررة من الحرب التي بقيت على مدى قرون كمركز تجاري وثقافي للشرق الاوسط.
لكنّ مسلحي داعش، ووفقاً لتفسيرهم السيّئ لمبادي الإسلام، قد أصدروا تشريعاً يحكم بأن قرع الطبول في رمضان هو إثم وذلك بتأييد من محاكمهم الخاصة وأتباعهم.
ومن المثير للسخرية، أن اهالي الموصل عاشوا رمضان عام 2014 كأي رمضان آخر، عندما بدأ بعد أيام قليلة فقط من إعلان داعش لخلافته المزعومة الممتدة ما بين العراق وسوريا.
كانت العوائل تتوافد الى متنزهات منطقة الغابات الممتدة على طول نهر دجلة في ساعات الغروب الباردة نسبيا ليتبادلوا وجبات الإفطار في ما بينهم عند الانتهاء من صيام نهار كامل.
وفي كل أنحاء المدينة، كان رجال ونساء يتجمعون في مقاهٍ ومطاعم، وكثير منهم من تراه وهو يدخن النارجيلة أو السيكارة، كان ذلك قبل أن يصدر تنظيم داعش تعليماته التشريعية بفصل الجنسين ومنع التدخين الذي يؤدي لعقوبة جسدية بالجلد.عندها اضطرت جميع مطاعم ومقاهي الموصل المفتوحة الى إغلاق أبوابها.
أم رغد 29 عاما، ربة بيت قالت إن"قسماً من المحال بقيت مفتوحة للتجارة بعد الإفطار ولكن الناس كانوا يخشون الخروج خشية تلقيهم عقوبة من مسلحي داعش الذين دائما ما يجدون أي عذر لإلقاء القبض على شخص ما."
رمضان هو وقت للمّ شمل أفراد العائلة في جميع البلدان الاسلامية، ولكن في الموصل فإن مثل هكذا مناسبة تتميز أكثر بقضاء عدة ساعات تجوال في الاسواق لجمع مكونات الاطباق الرئيسة التي تشتهر بها المدينة في هذا الشهر.
ناهض عبد الله، 32 عاما سائق سيارة أجرة، يقول إنه تحت حكم داعش"لم يكن للنساء الحق بالخروج من البيت، إلا في حالات الضرورة القصوى، وحتى في هذه الحالة فيجب أن تكون برفقة رجل مع ارتداء النقاب الذي يغطي كل الوجه".
حسن عبد الكريم 26 عاماً، الذي قتلت شقيقته عندما قصف بيتهم في مدينة الموصل القديمة العام الماضي، يقول إن مسلحي داعش دمروا معظم المساجد في الموصل.
ويضيف عبد اكريم بقوله"الآن نضطر الى الإصغاء والانتباه لسماع الأذان من مآذن بعيدة لكي نعرف موعد الإفطار."
ويقول عبد الكريم، إنه إذا كانت هناك طرق معينة لمعرفة وقت أذان الإفطار بالضبط، فإن معرفة بدء وقت الصيام يكاد يكون مستحيلا، موضحا ذلك بقوله"ليس لدينا كهرباء أو أجهزة موبايل تعمل لمعرفة الوقت بالضبط متى يبدأ الفجر ليوم الصيام."
أبو سلمان 45 عاما، لم يعايش الحياة تحت تنظيم داعش أبدا، كونه قد تم تهجيره قبل سيطرة التنظيم على المدينة في العام 2014 وقد عاد ليجد بيته ومتجره قد تم تدميرهما.
وقال أبو سلمان"اعتدنا أن يكون شهر رمضان من أفضل أوقات السنة للنشاط التجاري. أما الآن فليس لديّ مصدر تمويل أرتزق منه وأضطر للعيش على المساعدات."
بينما تنتظرعوائل موعد انطلاق حملة إعادة إعمار المدينة والمعونات لمساعدتهم في الوقوف على أقدامها من جديد، فقد أحيا (المصلاويون) تقليداً آخر وهو نصب موائد إفطار طويلة في الشوارع لإطعام الفقراء.
أم محمد 45 عاما، قالت"إنها مبادرة جميلة وهي من شيم أهالي الموصل المعروفين بشعور التكاتف لديهم في الايام العصيبة"، مشيرة الى أنه بفضل التبرعات فإنها قادرة على إعالة أطفالها بوجبة طعام كاملة من دجاج ورز وعصير عند إحدى الموائد المنصوبة في حي باب لكش في المدينة".
عن: وكالة فرانس برس

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top