تظاهرة موحّدة في جميع المحافظات غداً

تظاهرة موحّدة في جميع المحافظات غداً

 بغداد/ جبار زيدان

يبدو أنّ الحراك الاحتجاجي يأخذ منحىً آخر، فعلى شبكات التواصل الاجتماعي التي حجبتها الحكومة يكافح الناشطون للتحشيد إلى تظاهرة موحدة منتصف نهار الجمعة للمطالبة بتحسين الخدمات.
وللحد من اتساع رقعة التظاهرات قطعت الحكومة خدمة الإنترنت بالكامل لمدة يومين مطلع الأسبوع الجاري، ثم اضطرت لإعادة الخدمة ، فيما استثنت شبكات التواصل الاجتماعي من الإعادة.

ورغم ذلك، يتواجد الناشطون والأشخاص العاديون على شبكات التواصل الاجتماعي بصورة شبه طبيعية بعدما نحجوا بإيجاد تطبيق يكسر الحجب الحكومي.
وكتب عدد من الناشطين على شبكة (فيسبوك) أمس: ندعو العراقيين إلى المشاركة بتظاهرة موحدة ستنطلق يوم الجمعة بعد صلاة الظهر.
ولم تكن حركة الاحتجاج وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة تراكم سنوات من الغضب الاجتماعي الذي كان معلّقاً بحجة الحرب ضد داعش.
بعد نحو ستة أشهر من إعلان "النصر" على التنظيم الإرهابي، عادت المشاكل الاجتماعية لتحتل رأس سلّم الأولويات، فعمّت الاحتجاجات المحافظات الجنوبية بدءاً من البصرة، ثم تمددت إلى المثنى وميسان وذي قار وواسط وكربلاء والنجف وبابل وبغداد أيضا.بدءاً من الانقطاع الكبير للكهرباء ومروراً بنقص المياه وانعدام الخدمات، وصولاً إلى توفير فرص العمل، مطالب جعلت الآلاف يصرخون على مدى عشرة أيام: "أين الحكومة؟".
من جانبها اختارت الحكومة أن تتحدث عن وجود "مندسّين" بين صفوف المتظاهرين، وتعتقل قواتها كل شخص يدعو للتظاهر أو يحرّض على اقتحام المقار الحكومية والحزبية.
ويقول الشاب علي أحمد (26 عاماً) إن "الحكومة العراقية تعمل على تشويه صورتنا بالبحث عن المندسين في التظاهرات، بدلاً من إسراعها في تلبية مطالب المتظاهرين والبحث عن المقصّرين من المسؤولين".
وأضاف أحمد، وهو متظاهر من محافظة البصرة، جنوبي البلاد في تصريح لـ(المدى)، إنّ "الأوضاع في البصرة أصبحت مأساوية، رغم أن المحافظة التي لديها موارد تمدّ العراق من جنوبه إلى شماله لم تأخذ أبسط حقوقها طيلة السنوات الماضية".
وأوضح: "تظاهرنا بسبب افتقارنا إلى أبسط حقوقنا وهي توفير الماء الصالح للشرب والكهرباء من قبل حكومتنا".
وأكد المواطن فلاح العيساوي، لـ(المدى) أن "هذه التظاهرات أسقطت الأقنعة عن وجوه الأحزاب الحاكمة التي سرقت ثروات الوطن باسم الديمقراطية"، مبيناً أن "الدماء التي سالت على أرض الوطن ستكون سبب زوال هذه الأحزاب إلى الأبد".
وفي النجف، المحافظة التي شهدت هدوءا خلال اليومين الماضيين بعد اقتحام محتجيها مطارها ومبنى المحافظة ومنازل سياسيين فيها، يقول فراس حرام، أحد منسّقي تظاهرة المحافظة إن "أخباراً شبه مؤكدة تشير إلى صدور مذكرات اعتقال ضد كثير من منسقي التظاهرات".
وتساءل في منشور على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، "بدلاً من دعوتهم (من قبل الحكومة) لعقد لقاء تشاوري مع قوات الأمن لفهم ماذا جرى، تتم معاقبتهم ،لأنهم داعون مستمرون للسلميّة".
وتوقع حرام أن يتم اعتقاله أيضا، وقال: "الفيديو الذي انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك من تظاهرة يوم الجمعة الماضي، وفيه أعلن أنا بمكبر الصوت وبشكل واضح أننا لن نرضخ لدعوات المطالبين بالذهاب إلى المقار الحكومية والمطار لعلمنا المسبق بأنها قد تتحول إلى تظاهرات عنيفة لأسباب مختلفة، وأننا باقون في الساحة. فضلاً عن ذلك نشرنا توصيات للمتظاهرين قبل يومين ، منها ما يشير إلى ملازمة مكان التظاهرة، وتحديد مدة محسوبة لها بساعتين فقط".
وتابع: "إذن اللعبة مكشوفة، قامت أحزاب السلطة الفاسدة عبر أذرعها الممتدة داخل الأجهزة الأمنية بترتيب هذه المذكرات ضد الأصوات الوطنية الشريفة والمسالمة لغرض التخلص منها أو تخويفها".
ويقول الناشط النجفي إنه فخور بما فعله: "والله ما يفعله ناشطو النجف وسائر المحافظات من مواجهة شجاعة للقمع والتخوين وتحكّم الأحزاب ميدانيّاً وإعلاميّاً وتدوينياً، مفخرة في تاريخ العراق، لم يسبق أن شهد تاريخ العراق المعاصر هذا الكم من الشباب الحيّ والجريء والنزيه بمواجهة سلطة غاشمة تحكم باسم ديمقراطيّة مزيّفة وقناع دينيّ". وختم بالقول "أنتم الأمل ولا خوف على مستقبل العراق بوجودكم".
يرى مقربون من الحكومة أن رئيس الوزراء حيدر العبادي تعرّض لـ"الظلم" في هذه الاحتجاجات، حيث أنه كان يحتاج وقتا أطول بعد تحرير البلاد من داعش لتنفيذ وعده بمكافحة الفساد الذي اعتبره امتداداً لداعش، لكن المحلل السياسي هشام الهاشمي، اعتبر في تصريح لوكالة (فرانس برس) أن العبادي هو "من ظلَم نهاية خدمته الناجحة عسكرياً... نهاية تُحسب عليه".
وبخصوص القرارات التي اتخذها العبادي في الأيام الأخيرة قال الهاشمي :إن "هذه الوعود لن تقنع المتظاهرين، خصوصاً أن العبادي على أعتاب نهاية ولايته، والتجاذب السياسي لا يضمن له حتى الساعة ولاية جديدة تمكنه من تنفيذ وعوده."
وصادفت يوم 14 تموز الذكرى الستون لثورة العام 1958 في العراق التي أطاحت بالمملكة العراقية الهاشمية التي أسسها الملك فيصل الأول تحت الرعاية البريطانية.
وقارن كثيرون بين الأمس واليوم، واعتبروا انتفاضة الجنوب بداية ثورة. ودعا البعض، تحت تأثير الغضب، وسائل التواصل الاجتماعي، إلى قيام حكم عسكري في البلاد.
لكن تلك الدعوات سرعان ما انحسرت مع انقطاع خدمة الإنترنت. ويعتبر الهاشمي المقارنة "منطقا ضعيفا، إذ لا مطلب بتغيير النظام اليوم". ويقول "رغم أن أسباب التظاهرات لا تزال قائمة، فإن هذه الاحتجاجات لن يكتب لها الاستمرار، لأن لا قيادة أو هوية سياسية لها، ولا سنداً إعلامياً أو عمقاً دولياً".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top