مصادر عليمة: إرغام معتقلي الاحتجاجات على توقيع اعترافات مفبركة وتعهّدات

مصادر عليمة: إرغام معتقلي الاحتجاجات على توقيع اعترافات مفبركة وتعهّدات

 بغداد/ محمد ضاحي

تؤكد معلومات أنّ عدد المعتقلين والجرحى أثناء التظاهرات الأخيرة بلغ أكثـر من 1200 شخص، وتشير إلى أن بعض المعتقلين قد جرى إرغامهم، قبل السماح لهم، بالمغادرة على توقيع "اعترافات" مفبركة وتعهدات بعدم المشاركة في الاحتجاجات.
كما أكد ناشطون وسياسيون قريبون من الأحداث أن "الأمن" أخفى مصير ما يقارب 30 متظاهراً اعتقلوا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية التي شهدت التظاهرات.

وبحسب الناشطين فإن الحكومة استخدمت "أساليب بوليسية" في قمع الاحتجاجات، وكذلك أساليب تعذيب محرّمة دولياً.
ووفقاً لإحصائيات تابعتها (المدى) فإن عدد القتلى في التظاهرات التي انطلقت مطلع الشهر الجاري في البصرة وانتقلت الى محافظات الوسط والجنوب، بلغ 14 شخصاً بينهم منتسب واحد، وهذا ما أكدته مفوضية حقوق الإنسان.
وأشّرت الإحصائيات جرح واعتقال 1224 شخصاً، نصفهم جرحى، فيما الآخرون معتقلون بحسب المواد (477 و240 و230 و229) من قانون العقوبات العراقي، وقد أُطلق سراح 570 منهم بكفالة فيما لا يعرف مصير 30 متظاهراً حتى الآن.
وأعقب هذه الاعتقالات استخدام العنف المفرط المتبادل بين القوات الأمنية والمتظاهرين من خلال استخدام الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه الساخنة والحجارة في محافظات ذي قار والنجف وبغداد والديوانية، فيما لم تحدث حالات عنف مفرط في محافظات البصرة وميسان وبابل وواسط.
وتنص المادة 229 من قانون العقوبات على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على مئتي دينار كلّ من أهان أو هدد موظفاً أو أي شخص مكلف بخدمة عامة أو مجلساً أو هيئة رسمية أثناء تأدية واجباتها بسبب ذلك، فيما تنص المادة 230 من القانون على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاث مئة دينار كل من اعتدى على موظف أو شخص مكلف بخدمة عامة أو مجلس أو هيئة رسمية أثناء تأدية واجباتهم أو بسبب ذلك، وتنص المادة 240 من القانون: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مئة دينار كل من خالف الأوامر الصادرة عن موظف أو مكلف بخدمة عامة أو من مجالس البلدية أو هيئة رسمية أو شبه رسمية ضمن سلطاتهم القانونية أو لم يمتثل لأوامر أية جهة من الجهات المذكورة الصادرة ضمن تلك السلطات وذلك دون الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها القانون.
وأخيراً تنص المادة 477 على:
1 ــ يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مئتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من هدم أو خرّب أو أتلف عقاراً او منقولا غير مملوك له أو جعله غير صالح للاستعمال أو أضرّ به أو عطله بأية كيفية كانت.
2 ــ تكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الجريمة تعطيل مرفق عام أو عمل من أعمال مصلحة ذات منفعة عامة أو إذا ترتب عليها جعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر.
3 – وإذا ترتب على الجريمة موت إنسان فتكون العقوبة السجن.
وبحسب محامين تحدثوا لوسائل إعلام فإن القوات الأمنية أفرجت عن معتقلين رغم أن المواد المعتقلين وفقها لا تسمح للإفراج عنهم من دون محاكمة أو إطلاق صراحهم بكفالة، وهو أمر يؤشر أن التهم كانت "جاهزة" وهدفها إنهاء الاحتجاجات.
وفضلاً عن هذه الاعتقالات، يقول المركز العراقي لدعم حرية التعبير في بيان تابعته (المدى)، إن "أكثر من 15 صحفياً تعرضوا إلى اعتداءات مختلفة"، مشيراً إلى "إطلاق سراح أحد الصحفيين بعد اعتقاله خلال التظاهرات التي انطلقت قبل أسبوعين في ست محافظات بجنوب العراق". ويتحدث المركز عن وجود خمسين مذكرة قبض أخرى بحق الصحفيين والمدونين في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعليقاً على ذلك، يقول الخبير الأمني هشام الهاشمي، لـ(المدى) أمس، إن "هناك تقارير جاهزة" يوقع عليها المعتقلون بسبب التظاهرات أو "تنتزع الاعترافات من المحتجين المعتقلين تحت التعذيب".
ويوضح: "المعتقلون يوقّعون على اعترافات أنهم ينتمون الى جهات سياسية ،منها مجموعة الصرخي أو مجموعة قريبة من أفكار حزب البعث" وهي تهم جاهزة بإمكان القوات الامنية اعتقالهم وفقها مستقبلاً حتى لو أطلق سراحهم الآن.
ويتابع الهاشمي أن "أسباب الاحتجاجات الشعبية نابعة من الحاجة إلى الخدمات، والأخيرة هي من دفع كل هؤلاء (المحتجين) الى النزول للشارع".
وينتقد الخبير المطّلع على نتائج الاعتقالات والإجراءات الحكومية مع المتظاهرين قائلاً إن "مراكز الشرطة وأماكن الاعتقالات غير شفافة في ذكر نتائج التحقيق مع المعتقلين، كما أنها غير شفافة في ذكر عدد المعتقلين أيضا.. المنظمات الحقوقية الدولية وحتى المحلية لا تستطيع الوصول الى هذه المراكز للتعرف على ما يجري داخلها".
وكتب ناشطون عبر صفحاتهم في (فيسبوك) أن القوات الامنية تعذب المعتقلين بشكل مأساوي وتستخدم الصعق الكهربائي ووسائل تعذيب ممنوعة في انتزاع الاعترافات، ويقول الهاشمي: هناك "مصادر أمنية تزود" المنظمات الدولية والناشطين بالمعلومات عن المعتقلين "وطرق تعذيبهم مقابل أموال"، ورغم ذلك "لا تكون الأرقام دقيقة 100 %".
ويشير الهاشمي إلى أن عدد "المتعتقلين بلغ (348) تم اعتقالهم بأوامر قضائية أو من دونها أفرج عن أغلبهم وما تبقى من هؤلاء ما يقارب 25 شخصاً وهم تحت الاعتقال القسري".
ويعاود الهاشمي انتقاد الحكومة قائلاً: "تعاملت مع المتظاهرين بالطريقة البوليسية، سواء كانت عبر القوات الامنية (التي قمعت المتظاهرين) أو من خلال الإعلام الحكومي" الذي تجاهل المحتجين.
بدوره، يؤكد سكرتير الحزب الشيوعي رائد فهمي، لـ(المدى) أن "الاعتقالات طالت ناشطين سلميين معروفين بمواقفهم المنضبطة، وعدم اعتدائهم على الممتلكات العامة"، مضيفاً إن "الاعتقالات تمت بشكل عشوائي من دون أي أوامر قضائية".
وأوضح فهمي، وهو مرشح الحزب في الانتخابات الاخيرة، انه "تم إطلاق سراح بعض المتظاهرين بعدما أخذت منهم تعهدات بعدم التظاهر مرة أخرى". ووصف فهمي هذه التعهدات بـ"ممارسة غير قانونية وغير دستورية".
وأيد فهمي ما تحدث به الهاشمي قائلا: "وصلتنا معلومات تتحدث عن ضرب المعتقلين، ولهذا ندعو المنظمات الدولية الى مراقبة ومتابعة الوضع الإنساني لمعتقلي التظاهرات"، مؤكداً أن "الاستمرار في قمع المتظاهرين واستخدام العنف ضدهم سيعقّد المسألة بشكل كبير، وربما المطالب الخدمية تتحول الى مطالب سياسية بسبب عمليات القمع".
بخلاف ذلك يقول عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي إنه "لم تصل إلينا أي شكوى بوجود عمليات تعذيب تعرض لها المتظاهرون المعتقلون، ولا توجد أي أدلة بوجود هكذا معلومات".
وأضاف المطلبي في حديث مع (المدى) أمس: "نحن نطالب بعدم اعتقال أي متظاهر، فلا يجوز اعتقال المتظاهرين من دون أوامر قضائية وبشكل عشوائي في المناطق السكنية أو الساحات العامة".
كما قال المطلبي إننا "ندعو المتظاهرين الذين تعرضوا الى عمليات تعذيب أو انتزعت منهم الاعترافات بالقوة الى تقديم الشكاوى الى مفوضية حقوق الإنسان مع الأدلة فهي الجهة المسؤولة عن هذا الموضوع".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top