فيتو أميركي أوقف تجهيز العراق بـ1200 ميغاواط عبر الخطوط الإيرانيّة

فيتو أميركي أوقف تجهيز العراق بـ1200 ميغاواط عبر الخطوط الإيرانيّة

 بغداد/ محمد صباح

منعت الخزانة الأميركية المصارف العراقية من التعامل مع إيران بعدما أرسلت إعماماً وصل إلى البنك المركزي العراقي في بداية شهر تموز الماضي يهدد بفرض عقوبات اقتصادية على كل مصرف لديه تعاملات مالية مع طهران.وبهذا الإعمام باتت الحكومة العراقية غير قادرة على تسديد ما بذمة وزارة الكهرباء من ديون متأخرة الدفع لإيران، وهو أمر دفع الأخيرة إلى إيقاف تزويد العراق بالطاقة وفجّر الأزمة الأخيرة.
ويقول عضو في اللجنة المالية في البرلمان السابق لـ(المدى) إنّ "الخزانة الأمريكية أبلغت البنك المركزي بداية تموز بعدم السماح لأيّ مصرف عراقي بالتعامل مع إيران"، مهدّدةً بـ"تجميد أموال المصرف الذي يخالف التعليمات الصادرة عن الخزانة الأمريكية".
وأضاف عضو البرلمان السابق طالباً عدم الكشف عن اسمه أن "أزمة الكهرباء تتحملها الوزارة ولجنة الطاقة الوزارية ومكتب رئيس مجلس الوزراء"، مؤكداً أن "هذه الجهات الثلاث مسؤولة عن إبرام العقود وإحالة المناقصات إلى الشركات العاملة في القطاع الكهربائي".ويضيف أن "المبالغ التي صرفت على قطاع الكهرباء تصل إلى 45 مليار دولار يضاف إليها قروض وقعتها حكومة حيدر العبادي"، لافتاً إلى أن "قيمة الفساد في هذه المبالغ تقدر بحوالي 30 مليار دولار".
وفي سياق متصل، يكشف مصدر مطلع على تفاصيل الأزمة بين بغداد وطهران، قائلا إن توقف تزويد إيران للعراق بـ 1200 ميغا واط فجّر الأزمة في المحافظات العراقية.
ويوضح المصدر المطّلع، أنّ "الإيرانيين لديهم ديون متراكمة في ذمة وزارة الكهرباء العراقية تصل إلى مليار دولار، فضلاً عن مشاكل في تجهيز منطقة الأحواز الإيرانية بالطاقة الكافية التي ترتفع فيها درجات الحرارة في الصيف" ما تسبب بعدم توزيد العراق بالطاقة.
وكان وزير الكهرباء قاسم الفهداوي المجمّد حالياً قد أعلن في وقت سابق عدم توصل الوفد العراقي الذي زار طهران برئاسته إلى اتفاق بشأن الاستمرار بتزويد العراق بالطاقة عن طريق خطوط الاستيراد المعمول بها منذ عشر سنوات.
ويلفت المصدر المطلع إلى أن "فولتية الخط الإيراني دائماً ما تكون ضيعفة بسبب طول المسافة وارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف"، مؤكداً أن "هناك جوانب أخرى تتعلق بالعقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة وتعيق تحويل الأموال من العراق إلى إيران".
ويؤكد المصدر، حديث عضو اللجنة البرلمانية قائلاً إنّ "البنوك العراقية ترفض تحويل المبالغ إلى إيران بسبب العقوبات الأمريكية، فضلاً عن رفض الجانب الإيراني الحصول على مستحقاته بالدينار العراقي بسبب فرق العملة"، مؤكداً أنّ "هذه هي المشاكل الحقيقية وراء توقف الخط الإيراني".
ويرى المصدر المسؤول أنّ "هذه المشكلة يجب حلها عن طريق تدخل الإدارة الأمريكية من خلال السماح للعراق بالشراء والتحويل بالدولار"، مؤكداً أن "الإجراءات الأمريكية والعقوبات التي فرضتها على إيران تمنع العراق من تسديد الأموال".
ويعرب المصدر المطلع، عن قلقه من "استمرار الحكومة العراقية بالاعتماد على إيران في معالجة أزمة الطاقة الكهربائية في العراق"، لافتاً إلى أن الموقف في العراق أصبح محبطاً "بعد توقف تجهيز العراق بـ1200 ميغاواط بشكل نهائي بسبب مشاكل التحويل والعقوبات الاقتصادية"، كما يقول إنّ العراق مهدّد بتوقف تجهيزه بالغاز الإيراني الذي يغذي قرابة 3000 ميغاواط أخرى.
كما يلفت المصدر المطّلع إلى أنّ "سيطرة داعش على بعض المحافظات ساهم في خروج محطات بيجي الحرارية والغازية والبخارية والموصل وعكاز عن الخدمة التي يقدر إنتاجها بقرابة 4000 ميغا واط".
وبشأن الحلول يقول المصدر المطّلع، إن "الخلافات السياسية السابقة أجهضت المساعي التي قامت بها وزارة الكهرباء عام 2013 عندما تحركت على دولة الكويت لربط منظومة الكهرباء الوطنية بالمنظومة الخليجية عن طريق محافظة البصرة للتخلص من أزمة الكهرباء".
وعلى مدار السنوات الماضية لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من حل الأزمة التي صرفت عليها عشرات مليارات الدولارات حيث تتفاقم مع اشتداد درجات الحرارة في الصيف وتتدنى فيها ساعات تجهيز المواطن بالتيار الكهربائي.
ويوضح المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه أن "عمليات ربط خطوط الكهرباء بدول الجوار تتطلب مسافات قريبة من أجل تأمين وصول التيار الكهربائي بفولتية عالية"، مبيناً أن "أفضل الطرق لربط العراق بالمنظومة الخليجية يكون عن طريق دولة الكويت التي لا تبعد عن البصرة سوى 200 كيلو متر فقط".
ومنذ صعود أزمة التظاهرات الأخيرة، أصدر مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي بياناً قال فيه إن رئيس الحكومة كلف وزير الكهرباء قاسم الفهداوي والكادر المتقدم بالوزارة بالتوجّه فوراً إلى المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع لتوقيع مذكرة تعاون بمجال الطاقة.
لكنّ الوفد لم يذهب إلى السعودية، وبعد أيام فقط وجّه العبادي بتجميد عمل وزير الكهرباء بسبب أزمة الطاقة.
وعرضت السعودية، يوم الإثنين، عقد اتفاق مع العراق تبني بموجبه محطة كهربائية خلال ١٢ شهراً لتصدير إنتاجها الى العراق بربع قيمة ما تورده إيران.
والمحطة الكهربائية التي وافقت السعودية على بنائها داخل أراضيها في حال موافقة العراق تعتمد على الطاقة الشمسية وتنتج ثلاثة آلاف ميغاواط.
ونقلت تصريحات عن المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية مصعب المدرس قوله إن الاتفاق ينتظر موافقة الحكومة العراقية.
وقال المدرس إن العراق سيشتري الكهرباء بسعر 21 دولاراً لكل ميغاواط/ ساعة وهو ما يعادل ربع قيمة ما كانت تبيعه إيران من طاقة.
ولكن حتى هذا العرض قد ينقضه عدم التوافق بين القوى السياسية، خصوصاً أن الحكومة العراقية التي تواجه أكبر الأزمات الآن بسبب الكهرباء لم تنظر في العقد أو تناقشه في اجتماع مجلس الوزراء الذي عُقد أمس.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top