رأيك وأنت حر: سيناريوهات سرية للغاية

الأعمدة 2018/08/28 08:06:42 م

رأيك وأنت حر: سيناريوهات سرية للغاية

 جزائر السهلاني 

ثلاثة سيناريوهات كادت أن تودي برياضة العراق , اختلفت هذه السيناريوهات بالشخوص المتصدية لها والآليات التي استخدمتها كذلك باستخدامها لمسبباتها , إلا إنها ارتبطت بوحدة الموضوع والتوجّهات , حيث اجتمعت جميعاً على هدف عرقلة إتمام الانتخابات , ومع ما تم إيضاحه بشكل معلن من قبل الكثير من المهتمين بالشأن الرياضي والمطلعين على الأسس غير القانونية والمؤثرات السلبية التي يمكن أن تحدث , بالرغم من ذلك فإن المتصدّين لهذه السيناريوهات تمادوا في تجاهلهم لمنطق العقل والقانون واستمروا في حياكة جلباب الضرر على الرياضة العراقية , وإن ما رفع النقاب عن هذه السيناريوهات وعرّى وجهها الموجِع على رياضة العراق هو اجتماع جاكرتا بين الأولمبية العراقية من جانب والأولمبية الدولية والمجلس الأولمبي الآسيوي من جانب آخر.
السيناريو الأول حرّكته أصابع متنفِّذة في اللجنة الأولمبية لعرقلة مسيرة الانتخابات , استندت تحرّكات هذا السيناريو على دفع الاتحادات إلى المطالبة بتأجيل الانتخابات , ومع الأسف الشديد فقد انساقت إليه دون علم بتبعاته بعض من هذه الاتحادات الأعضاء في الجمعية العمومية للجنة الأولمبية العراقية , هذه الجمعية المعطّلة الجهد والقرار منذ عامين , حيث لم تكن شريكاً بكل ما يجري من تصاعدات المواقف في الأولمبية العراقية ولم تحقق اجتماعاً واحداً خلال المدة المذكورة , ولم تكن جزءاً من القرار حتى في تقرير سياستها المالية والإدارية , وهي واحدة من أهم حقوقها القانونية , التي سلبها مكتبي الأمانة المالية والأمانة العامة.
لقد اعتمد هذا السيناريو على ركيزتين هشّتين جداً أولهما الموقف القانوني للجنة الأولمبية أو ما يسمى (الكيان المنحل) وفي هذا السياق يتبادر إلى الذهن أسئلة منطقية كثيرة , أولها إذا لم يكن للجنة كياناً قانونياً بما يتعلّق بالانتخابات وإجراءاتها؟ فكيف تتمتع بالصفة القانونية للإجراءات الأخرى؟ كإيفاد الوفود والصرف المالي ومفاتحة سفارات ووزارات وبرلمان عراقي وأعلى مؤسسات الدولة الحكومية؟ فإذا كان أصل الكيان غير قانوني فكيف يمكن لجزء من إجراءاتها أن يكون قانونياً دون جزء آخر؟ فمن أين استمدّت قانونيتها باتخاذ القرار وتسيير المهام والصلاحيات والامتيازات؟ وما الصفة التي تتواجد فيها مكوّنات اللجنة بكل قياداتها؟ وإذا كان الكيان غير قانوني فما هي الصبغة القانونية لشخوصه؟ وكيف استمدّت هذه الشخوص بما فيهم رئيس اللجنة والمكتب التنفيذي قانونيتهم إذا كان كيانهم العام غير قانوني؟ أما الركيزة الثانية فهي أكثر هشاشة مما سبقتها وتتمحور في استقلالية الأنظمة الداخلية للاتحادات وخياراتها في تحديد مساراتها الانتخابية واللغط حول قانونية تشكيل الهيئة المشرفة للانتخابات, كذلك حول قانونية الهيئات الإدارية للأندية من عدمها , بعد انتهاء المدة القانونية لعملها, وهنا أسأل الأمين المالي سرمد عبدالإله والأمين العام حيدر الجميلي , بصفتيهما متصدّين لهذا السيناريو, هل الانتخابات التي أتت بكما إلى موقعيكما في اتحاديكما أجريت في عام 2013 على نظام داخلي أم على قانون الاتحادات الرياضية رقم 16؟ وهل طعنت اتحاداتكم الدولية بإجراءاتكم طبقاً لهذا القانون؟ ومن شكّل الهيئة المشرفة لانتخابيكما؟ أليس رئيس اللجنة الأولمبية ذاته رعد حمودي؟ وهنا يستفزّني سؤال أتوجّه به إلى رئيس اللجنة الأولمبية , ألم يقدم لك اتحاد السباحة الذي يتزعّمه عبدالاله كتاباً رسمياً يطالبك بتشكيل هيئة مشرفة لانتخابات اتحاده في وقت قريب سابق؟ وما هي الاتحادات التي ألغيت انتخاباتها في 2013 بقرار من مجلس شورى الدولة؟ أليست الاتحادات التي أجريت انتخاباتها طبقاً لنظام داخلي؟, وإذا كانت الهيئات الإدارية للأندية فقدت قانونيتها لعبورها على مدة الأربع سنوات حسب القانون الذي تدّعيان بحماية الإجراءات من خلاله , فكم من الوقت مضى خارج المدة القانونية لاتحاديكما؟ والكل يعلم وكما هو موثّق بأن انتخابات اتحاد السباحة والفروسية تمّت في شهر شباط من عام 2013 ونحن الآن في عام 2018 وهل المكتب التنفيذي ما زال ضمن الأربع سنوات المقرّرة له قانوناً؟ وهل الاتحادات بمحض إرادتها وقعت خارج المدة القانونية لعملها وهي أربع سنوات؟ أم كنتما جزءاً مهمّاً من هذه المسؤولية غير القانونية؟ وإذا لجأت أي من الأطراف إلى أي من المحاكم الاتحادية لمقاضاة أي من الهيئات الإدارية للاتحادات, فماذا ستكون دفوعات الاتحادات التي أوقعتها هذه المغامرات خارج الصلاحية القانونية؟ وماذا ستكون النتائج؟
اعتقد ببساطة سيجيبك أي مبتدئ بالقانون بأن هذه الهيئات الإدارية توصف بأنها وضعت نفسها تحت طائلة القانون, ومن تسبّب في ذلك؟ أليس إصراركما على عدم إقامة الانتخابات كان السبب الرئيس بهذا الوضع اللا قانوني الذي ترتّب على هذه الهيئات الإدارية للاتحادات؟
إن اجتماع جاكرتا ومادار فيه وما أفضى إليه من نتائج وإشارات معلنة من قبل ممثلي الأولمبية الدولية والمجلس الآسيوي, يؤكد بأن هذه المغامرات جعلت رياضة العراق واقفة على حافة العقوبات, وإبعاد شبحها مرهون بشكل قاطع على إجراء الانتخابات التي سعيتم لعرقلتها بكل الوسائل, وإن موعد الثلاثين من أيلول هو الحدّ الفاصل بين إيقاف الرياضة واستمرارها , فأي منزلق تسعون لوضع رياضة العراق فيه؟.
أما السيناريو الثاني فلم يختلف عن الأول سوى بتغيير الشخوص, فكان الهدف أيضاً عرقلة مسيرة الانتخابات, وهنا تصدّت له مجموعة من تجّار الرياضة وبالتنسيق مع شخصية عراقية بالمهجر كان يعي جيداً بأن العبور على الثلاثين من أيلول يؤدي بما لا يقبل الشك إلى عقوبة الرياضة العراقية بالإيقاف, متبجّحاً بإمكانياته في إعادتها إلى نقطة الانطلاق مرة أخرى حسب إدعاءه بمدة لا تزيد عن شهرين, وتلك المجموعة سعَتْ أيضاً إلى التواصل مع بعض الاتحادات لحثّها على عدم إقامة الانتخابات, وكادت أن تدحلب رياضة العراق إلى المجهول , لولا يقظة البعض. إننا ندرك جميعاً من خلال التجارب العملية القريبة بأن بلداناً طالتها العقوبات لسنوات كثيرة, مع إن اشكالياتها كانت أقل تعقيداً من موقف الرياضة العراقية الحالي, حيث تعتبر الأولمبية الدولية موقف الاتحادات العراقية في عدم إقامة الانتخابات في توقيتاته هو تمرّد معلن على سياستها, إن ما حدث في هذه البلدان كان أيضاً عبارة عن مزايدات واستعراض عضلات غير مدروس مشابه لما يحدث في رياضتنا الآن , هذا السيناريو كان أكثر سرية ، لكنه تواجد في جسد الأحداث الرياضية القريبة التي نتعايش معها الان, وكان سيؤدي إلى نفس النتيجة بإيقاف الحركة الرياضية العراقية وشلّ مفاصلها إلى أمد غير معلوم.
للسيناريو الثالث وجهة مختلفة عن الأثنين السابقين لكنه يتوارد معه بالهدف, فهو ينمّ عن ضعف إداري في طبيعة إدارة المؤسسات الحكومية وقصر بصيرة لطبيعة المهام وتراتب المسؤوليات. وهو سيناريو المؤسسة الحكومية , المتمثّل بموقف بعض من دوائر وزارة الشباب والرياضة , والذي كان يدفع أيضاً باتجاه عدم إتمام العملية الانتخابية , والغريب بهذا السيناريو إنه استند على ركائز تتقاطع تماما مع كتابي الأمانة العامة لمجلس الوزراء بخصوص الانتخابات , مما يؤشر إرباكاً واضحاً في وحدة الموقف الحكومي في إجراءاته , فالأمانة العامة لمجلس الوزراء وهي المؤسسة الوليّة على جميع الوزارات تقرّر قانونية الإجراءات في العمليات الانتخابية للاتحادات في حين يعلن بعض من ملاكات وزارة الشباب والرياضة عدم قانونيتها.
بالمحصلة النهائية ما عاد في الأمر لبس أو يحتاج إلى زيادة إيضاح فاجتماع جاكرتا حدّد صنفي التوجّهات , أما صنف مع إكمال الإجراءات الانتخابية وإبعاد شبح العقوبات عن رياضة العراق أو صنف ثاني مع عرقلة الانتخابات وإجراءاتها تحت أي مبرر وصولاً إلى العقوبات , واعتقد أن الأيام القريبة القادمة ستُطفي على السطح معرقلة المعرقلات , أو أساس كل ما وضعت من فخاخ صيادي الرياضة العراقية , ألا وهي معرقلة الهيئة المشرفة على الانتخابات وإجراءاتها القانونية الصِرفة التي يبدو إنها استشاطت غضباً من في جعبته معز يمعمع, وإن غداً لناظره قريب.

*المدير التنفيذي للجنة الأولمبية الوطنية

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top