بعد أسابيع من رحيله..بيت ( المدى ) يُؤبِّن شيخ المجمع العلمي العراقي الراحل أحمد مطلوب

بعد أسابيع من رحيله..بيت ( المدى ) يُؤبِّن شيخ المجمع العلمي العراقي الراحل أحمد مطلوب

 زينب المشّاط
 عدسة/ محمود رؤوف

تقلّد العديد من المناصب الإدارية، من أهمها وزير الثقافة والإرشاد، لكنه غالباً ما هجر العمل الإداري وذهب الى العمل الثقافي والأدبي والأكاديمي، ألّف خلاله العديد من الكتب، وكرّس سنواته وجهده في مجال الأدب، الشعر، النقد، ومجالات أخرى فكرية ، فكان موسوعياً في عطاءاته، العلّامة ورئيس المجمع العلمي العراقي الراحل أحمد مطلوب،أقيم له حفل تأبيني في بيت المدى في شارع المتنبي صباح يوم الجمعة الفائت بحضور نخب ثقافيّة فكريّة....

سيرة علم ومناصب
رحل قبل أسابيع قليلة، لم يأخذ معه سيرته وذاكرته بل تركها لنا، لنكتب عنها ونقرأها، يتحدث عن رحيله الاكاديمي معتز عناد غزوان قائلا " لم يكن يحب الظهور إعلامياً خاصة مؤخراً، أحمد مطلوب من مواليد تكريت 1936، تخرج من كلية الآداب عام 1956 وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 1963."
عن المناصب التي تسلمها مطلوب يقول غزوان " إن مطلوب تسلم العديد من المناصب وسابق الى البناء خلال تسلمه هذه المناصب حيث أسس قسم الإعلام في كلية الآداب جامعة بغداد، وأسس جامعة المستنصرية وكان وزيراً للثقافة والإرشاد عام 1976 وعميد لكلية الآداب في جامعة بغداد بين عامي 1984 و1986، ثم تقلد منصب الأمين العام للمجمع العلمي عام 1996 الى عام 2003، ومن ثم صار رئيسا للمجمع العلمي العراقي من عام 2007 وحتى عام 2018." وألفّ مطلوب العديد من الكتب وكان إنتاجه الأدبي غزيراً من خلال كتبه وبحوثه وجلساته الثقافية والأدبية.

جائزة الملك فيصل
الفقيد الكبير ينال استحقاقه من الإشادة والثناء والتقدير والوفاء وإتاحة الوقت والجو الملائم لنقول عنه ما يستحق، هكذا يجد الاكاديمي سحاب الاسدي في الحديث عن الراحل قائلا " من خلال ما هو مُتاح لي من وقت سألتقط العديد من القراءات عن المعالم البارزة في سِفر أحمد مطلوب الخالد والحافل بالإبداع والعطاء لمنجز مهم ومميز بأصالته وعمقه وامتداده وما قدّم على مدى سنوات طوال."
وتحدث الأسدي عن بدايات أحمد مطلوب قائلا "البدايات الأولى له أشّرت تفوقاً واضحاً ، فهو في رحلته العلمية على مستوى الدراسة الثانوية يتنقل بين مدارس تكريت وكربلاء وبغداد، كان متفوقاً وحين ارتحل للدراسة في كلية الآداب والعلوم عام 1956 كان متفوقاً أيضا."بعد أن أنهى مشواره الدراسي بين العراق والقاهرة كما يذكر الاسدي " التحق مطلوب كتدريسي في كلية الآداب وواصل جهده ليرقى الى الاستاذية عام 1972 وشغل مناصب إدارية مهمة، لم يرق له المنصب الإداري ، فقد كان همه البحث والكتابة ،لهذا تفرغ لهما وتولى عمادة كلية الآداب في جامعة بغداد، وتولى رئاسة الهيئة العليا والحفاظ على سلامة اللغة العربية ثم انتقل الى منصب الامين العام للمجمع العلمي العراقي وبعدها رئاسته، ثم تسلمه منصب عضوية مجامع اللغة العربية في القاهرة والاردن ودمشق، إضافة الى رئيس تحرير مجالات كثيرة."
نشر الراحل أكثر من 50 كتاباً و100 بحث في تخصصات علمية متنوعة بين البلاغة والنقد وعلوم القرآن وغيرها ويذكر الاسدي انه "دعا لفتح مساحات متعلقة بتدريس علم المصطلح في الجامعات العربية وكان اهتمامه بهذا الجانب كبيراً جدا ونال جائزة الملك فيصل العالمية لجهده في مجال المصطلح العلمي."

سبّاق في مجاله
يجدُ أنّ الاحتفاء بالأدباء والأدب والمفكرين هو من سنن الأمم الراقية ،الأستاذ حسن عريبي يتحدث عن المفكرين ومن بينهم أحمد مطلوب قائلا " إن أحمد مطلوب مضى وظل فكره معيناً لنا ولأبنائنا، حيث نال مطلوب من خلال عطائه سمة الخلود."
ويشير عريبي إلى أن " البلاغة والنقد كانا من ضمن اشتغالات أحمد مطلوب وتدريسه وما حققه في أصول التراث العربي وفي صناعة المعاجم واللغة، وله في تحقيق النصوص ونشرها جهد كبير، إضافة الى كل ما قدم المجمعي الجليل الراحل حيث كان حاضراً في ما صنف وحقق من نفائس تشهد أنه سبّاق في مجاله."

جدّية البحث وموهبة الشعر
جاءهم شاباً حاصلا على الدكتوراه من جامعة القاهرة، كانوا آنذاك طلاباً في كلية الآداب قسم اللغة العربية جامعة بغداد، الناقد والباحث شكيب كاظم يتحدث عن معرفته بأحمد مطلوب ويقول " في خريف عام 1964 دخل علينا القسم وكان وسيما أنيقا وتولى تدريس مباحث القرآن والحديث النبوي الشريف واختار لي في وقتها كتاباً عن سورة " ق" ..."
من ضمن ما تحدث عنه كاظم هي أسباب التقاعس التي كان يشير إليها مطلوب وهي من صفات بعض الشباب المتقاعس ويقول عن لسان مطلوب " البعض قدم أوراقه للكلية العسكرية أو كلية الشرطة ،لأنه يجد أن الفقر هو مانع لإكمال التثقف والعمل الفكري." لم يخلق للمناصب حيث تميّز بجدية البحث وموهبة الشعر، وخلق للكتابة وقد اقتنيت كما يقول شكيب كاظم "من كتبه كتابه "البحث البلاغي"، وكتابه " البلاغة عند الجاحظ " وقد كنت أقرأ له شعر مجلة الاديب اللبنانية وما زلت أقرأ قصيدته الى "أبويّ الثاويين في تكريت" ومازالت عالقة في ذهني."
كان أحمد مطلوب شغوفاً بنشر كل ما كتب، وقد تميزت كتاباته بشكواه من قسوة الحياة، والغرض الأهم الذي كتب فيه الشاعر هو عن العراق وأوجاعه.

معجم تصحيح التصحيح
عن نقد النقد تحدث الدكتور محمد حسين علي في كتابات أحمد مطلوب وقال " من أهم منجزات الراحل أحمد مطلوب هو كتابه "معجم تصحيح التصحيح " وهو ما لا يستغني عنه أي أديب أو صحفي في بداية مشواره."ومن عنوان الكتاب يذكر الدكتور محمد حسين علي " كأن الكتاب يُشبه ما يعرف بنقد النقد وما يدخل عند أهل اللغة بالنقد التصريفي، حيث يحاول أحمد مطلوب أن يضع الألفاظ المستعملة بالعصر القديم والحديث التي خطّأّها البعض من مرجعيات اللغة المتشددين ولكن أحمد مطلوب بقراءته الدقيقة أعاد النظر في هذه المصطلحات ووجد أن ما يسوغ استخدامها على ألسنة الناطقين فبدلاً من التشدد والتعسف في الاستعمال اللغوي وبدلاً من تقييد الكتاب في قول كلمة دون أخرى جعلها أحمد ملطوب متاحة على ألسن المتحدثين ويقول إن اللغة أرحب وأوسع مما أن تضيّق الخناق عليها."
وفي ختام كلمة الدكتور محمد حسين علي قرأ قصيدة طويلة ذاكراً " إنها القصيدة التي كتبها الراحل الدكتور أحمد مطلوب عن زوجته الراحلة قبل رحيله بشهرين فقط ،السيدة خديجة الحديثي التي تتضمن مشاعر عظيمة راقية تستحق أن نقرأها ونُسلّط الضوء عليها."

النقد الأدبي الحديث في العراق
إلّا أن الدكتور داود العنبكي يجد أن نقد النقد جاء في مؤلفات أحمد مطلوب ولكن بشكل آخر وزاوية مختلفة عمّا هو معروف حيث يذكر قائلا " أحمد مطلوب فتح لنقد النقد حقلاً وباباً واسعاً وذلك من خلال كتابه " النقد الادبي الحديث في العراق" ."
ويشير العنبكي إلى أنّ " هذا الكتاب يدخل ضمن باب النقد." ذكراً " أنا أتصور أن نشر هذا الكتاب أي "النقد الأدبي الحديث في العراق" شجّع كُتّاب وأدباء ومفكّرين آخرين بعده، وحتى من الباحثين على الدخول في هذا المحور الكتابي ، أمثال عباس توفيق وثابت الآلوسي ومحمود جابر عباس وغيرهم ."

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top