إلغاء البطاقة التموينية ينذر بأزمة بين الكتل ووزرائها

إلغاء البطاقة التموينية ينذر بأزمة بين الكتل ووزرائها

استغرب حزب الدعوة الحاكم والمنضوون داخل ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي تسارع ممثلي الكتل النيابية إلى انتقاد إلغاء الحصة التموينية وتحويلها إلى بدل نقدي. وفيما اعتبر أعضاء في الائتلاف إن المعترضين على إلغاء الحصّة التموينية لهم دوافع سياسية، قدم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتذاره للشعب العراقي عن تصويت وزراء التيار لصالح القرار، مطالبا الحكومة بالعدول عن قرارها. وقرر مجلس الوزراء في جلسته الثامنة والأربعين التي عقدت الثلاثاء الماضي استبدال الحصة التموينية المطبقة حالياً بمبالغ نقدية توزع على المشمولين بالنظام المذكور بواقع (15) ألف دينار لكل فرد.

في غضون ذلك وعد رئيس الحكومة نوري المالكي بزيادة بدل الحصة إلى 25 ألف دينار. وأشار إلى أن نظام البطاقة التموينية بحاجة إلى الإصلاح، مؤكدا أن مجلس الوزراء قرر توفير المواد الغذائية في الأسواق بالإضافة إلى المبلغ المقرر.
وانتقد النائب عن ائتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي ما وصفها ب"مزايدات" بعض الكتل السياسية على موضوع إلغاء الحصّة التموينية، مطالبا بـ"الكشف عن أسماء الوزراء الذين صوتوا على إلغائها".
وقال المالكي بحسب بيان تلقت "المدى" نسخة منه امس ان "الغريب هو تسارع وتسابق بعض الكتل السياسية على الصعود أمام الكاميرات الإعلامية وإعلاء الصوت في المطالبة بالعدول عن قرار إلغاء البطاقة التموينية متناسين أن الوزراء الذين صوتوا على القرار هم أصلا من كتلهم السياسية، فالمعلوم للجميع أن ائتلاف دولة القانون لا يملك سوى حقيبة واحدة لوزارة التعليم العالي ولا نعرف كيف تم تمرير القرار إذا كانت جميع الكتل السياسية قد شعرت بغبن المواطن بهذا القرار".
وأضاف أن "الكتل السياسية التي أغرقت وسائل الإعلام بتصريحاتها ومؤتمراتها وبياناتها عليها ان تكشف بكل شجاعة أسماء وزرائها الذين صوتوا على القرار وان تعطي التبريرات المنطقية لتصويت وزرائها على القرار قبل أن تلقي التهم على الحكومة التي يمثل وزراؤها فيها أكثر من 90%"، مطالباً الكتل بـ"عدم الكيل بمكيالين أمام الشعب العراقي فقط لأغراض إعلامية أصبحت مكشوفة للجميع، فوزراؤهم يصوتون على إلغاء البطاقة ونوابهم ينتقدون الإلغاء ولا نعرف ما هي الآليات التي تعمل بها تلك الكتل في تعاملها مع وزرائها".
وتابع النائب عن دولة القانون وفقا لما ورد في البيان "إننا سبق ان علقنا وقلنا ان القرار كان متسرعا والذنب يقع على وزراء الكتل المهيمنة على الكابينة الوزارية ولا نظن أن رئيس الوزراء نوري المالكي يستطيع الغاء تصويت غالبية الكابينة الوزارية (...) أصبحنا في حيرة من أمرنا في الطريقة التي نتعامل بها مع كتل سياسية لا نجد لها موقفا واضحا في كل الأمور التي تهم المواطن فهم يقولون شيئا أمام الإعلام ويفعلون أشياء مغايرة لها في الكواليس".
الجدير بالذكر ان النائب المالكي أدى بتصريح متناقض قبل يومين في حديث لوكالة "أين" اعتبر فيه قرار مجلس الوزراء إلغاء مفردات البطاقة التموينية واستبدالها بمبلغ 15 ألف دينار، "متسرعا، وعلى المجلس أن يراجع حساباته".
ودعا المالكي بعض الكتل السياسية إلى "الكف عن تأجيج الشارع العراقي واستغلال همومه ودمائه للتربع على الكراسي ولأغراض انتخابية والنظر ولو لمرة واحدة بعين المسؤولية إلى المواطن الذي صوّت لهم بدل البقاء كأبواق همها الوحيد إظهار الحكومة ودولة القانون والمالكي بأنهم لا يريدون الخير للشعب".
وأضاف انه "على الرغم من أن مجلس الوزراء لا يتخذ قرارا دون دراسة، إلا انه تسرع باتخاذ هكذا قرار ويجب أن يراجع بعض الحسابات، لأن هناك 60 ألف وكيل بطاقة تموينية، وهؤلاء مصدر رزقهم عملهم، وهل بالإمكان توفير فرص عمل لهم، كما ان هناك اسماء وهمية في البطاقة التموينية، وحين يتم توزيع المبالغ سيتسلمون ملايين الدنانير على مدى توزيع أموال مفردات البطاقة التموينية".
من جانبه أوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ حيثيات القرار في بيان له، مبينا أن "مجلس الوزراء قرر استبدال البطاقة التموينية المطبقة حالياً بمبالغ نقدية توزع على المشمولين بالنظام المذكور بواقع 15 الف دينار لكل فرد، بزيادة مبلغ 3 آلاف دينار عن قيمة المفردات، وتوضع ضوابط ملزمة لتسعيرة الطحين بما يضمن عدم التلاعب بالأسعار ابتداءً من الأول من شهر آذار المقبل 2013".
وبيّن أن "المفردات الخمس للبطاقة التموينية، وهي الرز والسكر والطحين والزيت وحليب الأطفال، تكلف مبلغ 12 ألف دينار للفرد الواحد شهرياً، لذا فقد قامت الحكومة العراقية بزيادة هذا المبلغ ليصبح 15 ألف دينار للفرد الواحد شهرياً".
وعد نائب عن العراقية تصويت وزراء القائمة لصالح إلغاء البطاقة التموينية كان بوجود ضغوطات سياسية تمارس في داخل مجلس الوزراء فضلا عن المجاملات لرئيس الحكومة.
وقال النائب حمزة الكرطاني إن "قرار إلغاء البطاقة التموينية خاطئ ومجحف بحق الشعب العراقي"، مضيفا أن "على الحكومة أن توفر البدائل لكل المواطنين بدون استثناء".
واعتبر الكرطاني في اتصال مع "المدى" أمس أن "قرار مجلس الوزراء إلغاء مفردات التموينية فشل في توفير الأمن الغذائي للعراقيين"، مرجحا ان تكون موافقة وزراء العراقية على التصويت لإلغاء البطاقة التموينية تمت تحت الضغط والمجاملات، متابعا "لدينا عتب كبير على وزرائنا لموافقتهم في إلغاء البطاقة التموينية لإضرارها بشرائح مختلفة".
من جانبه، وصف رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي قرار الحكومة بإلغاء البطاقة التموينية، بـ"القرار الخطير" لأنه يؤثر على قوت الشعب، مبينا أن الإصلاح الذي بررته الحكومة لإلغاء البطاقة واستبدالها بمبالغ مالية "لا يتم على حساب الشريحة الأكثر تضررا من إلغاء البطاقة التموينية"، محذرا من ازدياد أعداد المتضررين من الفقراء.
وقال النجيفي، بحسب بيان لمكتب رئيس مجلس النواب، إن "معالجة الخلل الذي اثر في توفير مواد البطاقة التموينية، أجدر من إلغائها بالطريقة التي غابت عنها ضمانات توفير المواد الغذائية بالأسواق، ولابد من حصول توافق وطني لاتخاذ مثل هكذا قرار مصيري".
في غضون ذلك، اعتبرت النائبة عن التحالف الكردستاني آلا طالباني أن اعتراض النواب على الغاء البطاقة التموينية لا يمثل رأيا سياسيا او اتهاما لرئيس الوزراء.
وقالت النائبة عن التحالف إن "الوزراء يختلفون عن النواب، نحن نمثل الشعب، وتلقينا عشرات الاتصالات من المواطنين والخبراء الاقتصاديين اوضحوا لنا خطورة الغاء التموينية". واصفة القرار بالمتسرع، متابعة "كان من الأفضل أن يؤخذ الموضوع بالتدريج وليس بشكل مفاجئ لأنه رفع من الأسعار وزاد مخاوف المواطنين من شح المواد الغذائية".
واضافت طالباني في حديث لـ"المدى": "نحن لا نمثل برأينا جهة سياسية او نقف ضد رئيس الوزراء وكتلته ونرفض أن يخضع الأمر للصراعات السياسية"، متابعة "نحن في التحالف الكردستاني انتقدنا وزير التجارة التابع لكتلتنا حين وصف القرار بـ"الجريء والمدروس"، مؤكدة انهم (التحالف الكردستاني) ينتظرون تبريرات الوزير والتدابير والضمانات التي تحدث عنها في حال إلغاء التموينية.
وكان وزير التجارة خير الله حسن بابكر قد أعلن في وقت سابق ان قرار مجلس الوزراء بإصلاح البطاقة التموينية هو قرار جريء ومدروس.
ولاقى القرار ردود فعل لافتة، أبرزها ما أعلنته كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، عن رفضها للقرار في حال عدم توفير البدائل المناسبة لحصة المواطن الغذائية، مؤكدة في الوقت نفسه أن التطبيق الصحيح لهذا القرار سيوفر الكثير من الأموال المهدورة على شراء مواد غذائية فاسدة.
وقال الأمين العام لكتلة الأحرار ضياء الأسدي إن "التيار يرفض قرار مجلس الوزراء القاضي بإلغاء حصة المواطن الغذائية اذا لم توفر الحكومة البدائل المناسبة على الرغم من إدراكنا أن التطبيق الصحيح لهذا القرار سيوفر الكثير من الأموال المهدورة على شراء مواد غذائية فاسدة او رديئة وسيخلص العراق من الحلقات الوسيطة للسماسرة والمفسدين".
واضاف الاسدي في حديث لـ"المدى" أن "ما تفعله الحكومة اليوم في موضوع البطاقة التموينية دليل واضح على عدم التخطيط والتخبط في صناعة السياسة واتخاذ القرارات وهو الأمر الذي طالما انتقدناه".
وأوضح الأسدي "سنشهد عودة لسياسة المكرمات بعد أن بدأت الحكومة برفع القيمة التعويضية للبطاقة التموينية إلى عشرين أو خمسة وعشرين ألفاً"، متابعا "ليعلم الجميع أن الشعب العراقي لا يستجدي الف دينار او ألفين من حكومته الاتحادية الخادمة له، بل هو الذي يملك ويهب لحكومته".
وفي معرض حديثه عن إلغاء الحصة التموينية، قال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في بيان تلقت "المدى"، نسخة منه إنه "بعد العتب الشديد والاستغراب والاستهجان الكبيرين على ما صدر من قرار إلغاء مفردات البطاقة التموينية واستبدالها بمبلغ مالي، وأقر ذلك من رئيس الوزراء بحجة الفساد، فهل يا ترى تلغى لقمة الشعب بسبب الفساد، أم يلغى الفساد من اجل لقمة العيش؟".
وأضاف الصدر متسائلا "لماذا ألغيت التموينية فقط، والفساد قد استشرى في كل شيء، فهل نلغي الإعمار والخدمات والأمور الإدارية وغيرها، أم نلغي لقمة العيش"، مؤكدا أنه قرر "الوقوف مع الشعب ورفضه لهذه الخطوة، وتشكيل لجنة حوزوية برلمانية للتحقيق في هذه القضية".
ودعا الصدر، البرلمان إلى "استضافة رئيس الوزراء وكل الجهات المسؤولة إن أمكن"، مطالبا كل من وافق وصوت على القرار بـ"الاعتذار للشعب فوراً"، كما طالب "رئيس الوزراء بزيادة الحصة التموينية كمية وزيادة مفرداتها وتحسين نوعيتها بما يتلاءم والمستوى المعيشي للعائلة العراقية".
وشدد زعيم التيار الصدري على ضرورة أن "ينقض البرلمان القرار، أو يسعى لتأجيله لحين موافقة الشعب عليه، وإن لم يوافق فلابد من منعه، وأن يضغط على الحكومة ورئاسة الوزراء للعمل على كشف الفساد في الحصة التموينية ووزارة التجارة بل في كل مفاصل الحكومة".

تعليقات الزوار

  • ابو علي العراقي

    ان كنت تدري فهذه مصيبة ....وان كنت لاتدري فالمصيبة أعظم

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top