عام على إعادة الانتشار في كركوك.. النازحون الكرد لم يعودوا إلى منازلهم.. ومجلس المحافظة معطّل

عام على إعادة الانتشار في كركوك.. النازحون الكرد لم يعودوا إلى منازلهم.. ومجلس المحافظة معطّل

 بغداد/ وائل نعمة

في مثل هذه الايام قبل سنة واحدة كان الجميع ينتظر كشف لغز الحويجةالمنطقة الواقعة جنوب غرب كركوك التي اعتبرت حينها آخر معاقل داعش ومركزا لتجمع عناصره الهاربة من عمليات التحرير.
كان الجميع يتنظر ان تتحرر المدينة بخطة لا تختلف عن الخطط العسكرية المتبعة في تحرير الموصل والرمادي، إلا ان القوات الامنية نفذت عملية تطهير "شكلية" ثم ادارت ظهرها صوب مركز كركوك في حملة عسكرية عرفت وقتها باسم "فرض القانون" كان هدفها إجبار قوات البيشمركة المنتشرة في المدينة على الانسحاب.
بعد عام من تلك الحملة آلت الاحداث الى فوضى كبيرة جرت في المدينة المتنوعة القوميات، تمثلت في ارتفاع معدلات الجريمة وعودة السيطرات الوهمية لأول مرة في العراق منذ القضاء على "القاعدة" والمليشيات في 2008.
في ذلك الوقت كان رئيس الوزارء حيدر العبادي يهدد باتخاذ إجراءات تصعيدية ضد كركوك في حال شاركت في استفتاء تقرير المصير الذي أجراه الإقليم في أيلول من العام الماضي، حتى فاجأ الجميع بإرسال قوات كبيرة الى المدينة الغنية بالنفط، وأجبر قوات "البيشمركة" على الرجوع الى حدود ماقبل عام 1991، او مايعرف بالخط الازرق.
وحوّل العبادي كركوك خلال عام من الاحداث بحسب ما يقوله النائب السابق عن المحافظة شوان الداودي، الى "ثكنة عسكرية". ويضيف قائلا لـ(المدى) امس: "كل شيء يتحكم به العسكر ، حتى الندوات الثقافية يجب ان تكون بموافقتهم".
ويضيف النائب السابق ان المظاهر المدنية قد غابت من المدينة، وقبل أيام فضّت القوات العسكرية تظاهرة في كركوك مؤيدة لاحتجاجات البصرة.
وبحسب مسؤولين في المدينة، فإن القائد في جهاز مكافحة الإرهاب معن السعدي يسيطر على كل مفاصل كركوك، ولديه صلاحيات واسعة تشبه الى حد كبير صلاحيات "الحاكم العسكري".
والسعدي قام قبل ايام، على وفق مجلس محافظة كركوك، بإغلاق محال بيع الخمور والنوادي الليلية دون مشورة أحد. ووصف مجلس المحافظة إجراءه بـ"الطائفي" وبأنه لم يراعِ حقوق الأقليات في كركوك.

كيف فُرض القانون في كركوك؟
خلال 48 ساعة من إجراء إعادة انتشار القوات الاتحادية في المناطق المعروفة بـ"المتنازع عليها"، أعلنت الاخيرة أنها اكملت عملية "فرض الامن" في كركوك وديالى ونينوى.
وأكد بيان وقتها عن القيادة: "إكمال فرض الأمن لما تبقى من كركوك وشملت قضاء الدبس وناحية الملتقى، وحقل خباز وحقل باي حسن الشمالي وباي حسن الجنوبي". وهو مافسر بعد ذلك ترجيحات بعض المراقبين ان الهدف كان السيطرة على حقول النفط وليس لأهداف "تثبيت القانون" كما كانت تقول الحكومة في بغداد.
واعتبر رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وقتذاك، انسحاب قوات البيشمركة من كركوك بأنه جاء "نتيجة لقرار انفرادي" اتخذه بعض الأفراد التابعين لجهة سياسية داخلية في كردستان، قبل ان يتهم الاتحاد الوطني صراحة بما حدث في المحافظة.
ودفعت الاحداث نحو 100 ألف من الكرد في كركوك لمغادرة المدينة صوب كردستان، خوفاً من أعمال انتقامية كما حدث في "طوزخرماتو" القريبة من كركوك، حيث تم تفجير 400 منزل وحرق ألف محل تجاري يمتلكها مواطنون كرد في القضاء المتنوع التابع لصلاح الدين.
ويقول شوان الداودي إن 30 ألف كردي لم يعودوا حتى الآن الى كركوك. ويشير النائب السابق الى أن هناك "مضايقات كبيرة يتعرض لها الكرد في المدينة وبعض النازحين لايعودون بسبب سوء المعاملة".
ويتحدث النائب الكردي عن إجراءات غير مبررة لدخول الاحياء السكنية يتعرض لها الكرد حصرا، حيث يتطلب ترك اكثر من مستمسك رسمي في السيطرة الامنية قبل الدخول الى المنزل.

انفلات أمني وأعمال انتقاميّة
بعد أقل من شهرين من انتشار القوات الاتحادية في كركوك، ظهرت مجموعة مسلحة جديدة في مناطق جنوب المحافظة عرفت باسم "أصحاب الرايات البيضاء". استخدمت تلك المجموعة أساليب شبيهة بأساليب "داعش" لكنها لم تقم بعمليات تفجير أو إرسال انتحاريين.
زاد ظهور تلك المجموعة في ذلك التوقيت الاوضاع في كركوك سوءاً. وصارت الطرق السريعة أسيرة بيد المسلحين بعد غروب الشمس. وقتل واختطف عشرات المسافرين على تلك الطرق بسبب حواجز أمنية وهمية.
وفشلت القوات الامنية في عدة حملات عسكرية في السيطرة على الوضع، وقالت أطراف شيعية في كركوك إن الحكومة في بغداد ارتكبت خطأ كبيرا حين أبعدت الملف الامني عن الكرد وجاءت بقوات غريبة عن المنطقة.
وكان هناك اتفاق قد أبرم بين هادي العامري، رئيس تحالف البناء الآن، وقائد الحرس الثوري قاسم سليماني، بحسب مسؤولين شيعة، على ان يعود الكرد للمشاركة في حكم كركوك بعد عملية الانتشار، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
ويقول الداودي: "القوى الكردية بعيدة عن الإادارة وعن الملف الامني، كما ان هناك اعتقالات عشوائية لعدد كبير من الكرد بدون مذكرات توقيف أصولية". وبيّن النائب السابق أن نواباً كرداً قدموا مذكرة في وقت سابق للتحقيق بالأمر.

صورة من الداخل
وظلت عمليات الخطف والقتل مستمرة في محيط كركوك، حتى إطلاق حملة "ثار الشهداء" في تموز الماضي، التي كانت رد فعل على إعدام "داعش" 6 عراقيين كان قد اختطفهم في الطريق السريع الرابط بين بغداد وكركوك.
وقُسمت أطراف كركوك الى قطعات وتراجعت الى حد كبير عمليات القتل، لكن التفجيرات في داخل المدينة كانت مستمرة، حيث تعرضت كركوك في الاسبوع الاخير الى 5 تفجيرات، وفي كل مرة تُشنُّ حملات مداهمة ضد الكرد بحسب المسؤولين هناك.
بالمقابل تمدد العرب في كركوك على السلطات الإدراية والوظائف كما يقول نجاة حسين العضو التركماني في المدينة، مستغلين وجود المحافظ بالوكالة والنائب الحالي راكان سعيد الجبوري، وهو عربي من الحويجة.
ويقول حسين في اتصال هاتفي مع (المدى) أمس ان "المحافظ لايستطيع لوحده ولا القوات الامنية ضبط الامن في داخل كركوك"، بالاضافة الى ان الحويجة مازالت تضم بؤراً ونشاطاً لـ"داعش" لأنها حررت بطريقة مستعجلة.
وتكررت السرقات في كركوك في وضح النهار، فيما يُتهم المحافظ الذي يقوم بتخصيص المبالغ المالية بشكل فردي بسبب غياب مجلس المحافظة، عن الاهتمام بالمناطق العربية على حساب المناطق التي يعيش فيها الكرد والتركمان.
ويقول حسين ان "السكان يشكون وان المشاكل التي كانت موجودة قبل أحداث كركوك تضاعفت الآن 10 مرات ولا يوجد حل قريب".
ومنذ عام يتعطل المجلس ولا تجري فيه أي جلسات، حيث يتغيب 13 عضوا من أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني عن المجلس، فيما العرب والتركمان منقسمون. ودعت المجموعة العربية أمس الى استغلال الذكرى الاولى لأحداث كركوك لتشكيل إدارة موحدة.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top