غريب كامو .. في ترجمة جديدة

غريب كامو .. في ترجمة جديدة




ترجمة  / عادل العامل


كان للوجودية منظِّرها الكبير في شخص سارتر أما روائيها الكبير، ففي شخص كامو، كما جاء في مجلة الأيكونومست. و لا يزال هذا الكتاب، ( الغريب L'ETRANGER ) الصادر عامَ 1942، يرجع إليه الطلبة حين يكونون بحاجةٍ لمهرب " أنا في مقابلهم me-against-them ".  ذلك لأن كامو، من ناحيةٍ، كان يبدو جديراً بالمضاهاة ــ رومانسي منفلت قياساً بشبقية سارتر المتّسمة بالحملقة ــ و من ناحيةٍ لأن ( الغريب ) كرواية مزيج جذّاب من اللباب  pith و الغموض. و كان لها مترجمون عديدون منذ ستورت غلبرت، الذي أنجز لنا النسخة الإنكليزية الأولى في عام 1946. و كان سطره الافتتاحي : " أميMother  ماتت اليوم "، و إذ راح مترجمون آخرون يتبعون ذلك، بدأ السطر يبدو غير قابل للإزالة. لكن هذه الترجمة الجديدة ( إلى الإنكليزية )، التي قامت بها ساندرا سمِث، تختلف من الكلمة الأولى. فالسؤال الذي تطرحه هو كيف نتحدث حين نتحدث عن الأمهات.
و تبدأ المترجمة بالقول " أميMy mother  ماتت اليوم "، بتغيير صغير ( هو استعمال My هنا ) الذي يشير إلى أن مارسو، راوية كامو و أحد أبرد أشخاص القصة، يمكن ألاّ يكون بارداً كالمعتاد تماماً. و هو، على امتداد بقية الرواية، يشير إلى " ماما mama " بدلاً من " أم mother ". و هذا ليس مجرد مسألة تتعلق بما تعنيه كلمة " maman " الفرنسية. فبعد أن يُطلق النار على عربي على الشاطئ، يستقر مصير مارسو في المحكمة إلى درجة كبيرة على مسألة ما إذا كان يحب أمه أم لا. و هو لن يفشي كل شيء، و ذاك حيث تكمن مشكلته و بطولته معاً. و في عام 1955، وصف كامو بطله مورسول بكونه رجلاً يرفض أن يلعب اللعبة ــ و هو رفض يبدو، بلغة أرق، أكثر قوة.
إن هذه النسخة الجديدة من كتاب ( الغريب ) لا تتّسم بالرشاقة المهذبة لمترجمين أسبق، لكن مع انتقاءاتٍ ماهرة قليلة، جعلت المترجمة خطوط المعركة بين مارسو و العالم أشد. و أعطت التفافةً دقيقة لقصة قديمة.
و ملخص هذه الرواية أن بطلها مارسو، الذي يعيش في الجزائر أيام الاحتلال الفرنسي، يذهب إلى ملجأ توفيت فيه أمه ليحضر مراسيم دفنها من دون أن يظهر عليه أي حزن أو اهتمام جدي. و بعدها يقرر الذهاب إلى الشاطئ للسباحة حيث يلتقي فتاة تدعى ماري، و يذهبان إلى السينما  ويقضيان الليلة معاً. و في اليوم التالي يلتقي صديقه ريمون الذي تربطه علاقة بماري فيضربها بسبب ذلك. و بعد جملة من الأحداث المضطربة بين هؤلاء على الشاطئ، يطلق مارسو النار على شاب عربي من بعيد،  بسبب الإرهاق و الشعور بالملل و بسبب أشعة الشمس في عينيه، كما يقول للقاضي، و يُحكم عليه بالإعدام . و يُنهي كامو روايته على لسان مارسو، في زنزانته، قائلاً ، وفقاً لترجمة عايدة مطرجي إدريس للرواية الصادرة بالعربية عن دار الآداب : " ... و أمام هذا الليل المحمَّل بالعلامات و النجوم، كنت أنفتح للمرة الأولى على لامبالاة العالم. و إذ شعرتُ بالعالم شبيهاً بي إلى هذا الحد، أخوياً في آخر الأمر، أحسستُ بأني سبق أن كنت سعيداً، و أني كنت ما أزال سعيداً. و لكي يكتمل كل شيء، و لكي أحسّني أقل توحداً، كان يبقى لي أن أتمنى أن يكون هناك كثير من المشاهدين يومَ تنفيذ حكم الإعدام بي، و أن يستقبلوني بصرخات مليئة بالحقد و الكراهية ".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top