السيول تشرِّد آلاف المدنيين وتدمِّر ٦ آلاف خيمة للنازحين

السيول تشرِّد آلاف المدنيين وتدمِّر ٦ آلاف خيمة للنازحين

 منازل البصرة يغمرها الماء بعد أزمة عطش كارثيّة

 بغداد/ وائل نعمة

زادت السيول التي اجتاحت مناطق متفرقة من البلاد، وخاصة الواقعة الى الشمال من العاصمة بغداد، من حدّة أزمة النازحين المستمرة منذ 4 سنوات، فبدلاً من إعادتهم الى مناطقهم الأصلية صارت الحكومة تبحث لهم عن خيم جديدة عوضاً عن التي دمّرت في موجة الفيضانات الأخيرة.
وسلطت أزمة الفياضانات الاخيرة الضوء على سوء الخدمات والبنى التحتية والفساد الإداري والمالي في مناطق متفرقة من البلاد.
واجتاحت المياه القادمة من سوريا مراكز إيواء لنحو 200 ألف نازح جنوبي الموصل، وشرّدت أيضا، بحسب عضو مجلس محافظة نينوى حسن السبعاوي، سبعة آلاف عائلة في ناحية القيارة جنوب المحافظة.
وتضم هذه المناطق نحو ستة مراكز لإيواء النازحين منذ فترة احتلال "داعش" لنينوى (2014) والعمليات العسكرية التي لحقتها.
ويقول السبعاوي لـ(المدى) أمس إن "الحكومة تتصرف حيال أزمة السيول وكأن المخيمات هي المكان الأصلي للنازحين ولا تبحث عن إعادتهم الى مناطقهم الأصلية".
ويقدر المسؤول المحلي تضرر نحو 6 آلاف خيمة في تلك المراكز. وقال: "لايوجد مكان يذهب إليه النازحون، وعليهم البقاء في المناطق المغمورة".
ومازال 700 ألف نازح داخل نينوى منذ عام 2014 بالاضافة الى 350 ألفاً في كردستان ومدن أخرى من أهالي نينوى وحدهم.
وينتقد السبعاوي، المتواجد قرب مخيمات النازحين، ما أسمته الحكومة "الاستنفار لمعالجة السيول، ويقول:"لم أر أي استنفار حتى الآن"، كما أن الحكومة لم تعد تبحث في الاسباب التي تمنع عودة أغلب العوائل النازحة الى ديارهم.
وترفض الفصائل المسلحة استقبال السكان في بعض المدن. كذلك هناك 54 ألف منزل متضرر في نينوى، بينها 11 ألف دار في الموصل القديمة التي مازالت متضررة بشكل كبير.
ووجّه رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، الجمعة الماضية، بتشكيل خلية أزمة في قيادة عمليات صلاح الدين والتشكيلات المدنية وطيران الجيش، لإجلاء العوائل المحاصرة بمياه السيول في صلاح الدين ونينوى.
وذكر المكتب الإعلامي لعبد المهدي أن الأخير "يتابع شخصياً بشكل مستمر تطورات السيول المدمرة التي ضربت قضاء الشرقاط ومناطق أخرى من محافظة صلاح الدين ونينوى وأدت الى عدد من الوفيات والمفقودين، وانهيار جسر الحورية القريب من قرية الحورية".
ووجّه عبد المهدي، بحسب البيان بتشكيل خلية الازمة "مدعومة بالمروحيات والآليات الثقيلة للتدخل الفوري والإشراف المباشر على عمليات الإنقاذ لتقليل الخسائر البشرية والمادية وتعزيز الدفاعات ضد الزيادة المتوقعة في مناسيب المياه خلال اليومين المقبلين".

الحذر من "داعش"
لكنّ الأسوأ كان قد حدث في الشرقاط، شمال تكريت، حيث يعيش القضاء منذ تحريره قبل أكثر من عام، في أجواء متشنجه بسبب التهديدات المستمرة لبقايا "داعش" التي تشن في العادة هجمات متى ماساءت الأحوال الجوية. ويقول عبد سلطان عيسى ممثل الشرقاط في مجلس محافظة صلاح الدين في اتصال مع (المدى) امس، كانت هناك "مخاوف من استغلال داعش لموجات السيول، ودخلت القوات في إنذار لمنع أي خرق أمني".
وداهمت المياه السكان في القضاء الذي يشطره نهر دجلة الى أيمن وأيسر، في الثالثة من فجر يوم الجمعة الماضي، وغمرت المياه نحو 3 آلاف منزل، بينها 1000 تضررت بشكل كبير.
واستمر وجود المياه 12 ساعة، قبل أن يذهب الجزء الاكبر منه الى مجراه الطبيعي باتجاه نهر دجلة، لكن المياه ظلت عالقة داخل المنازل.
وقال عيسى إن السيول التي جاءت من وادي الجرناف قادمة من سوريا، دمرت جسرين في المدينة، وانقطع التواصل بين ضفتي النهر، حتى إصلاح جزء من أحد الجسرين. واضاف ان المياه "تسببت بمقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين".
واستقبلت العشائر في القرى القريبة أكثر من 5000 مشرد بعد ان دمرت السيول المنازل والماشية والسيارات.
وينتقد المسؤول المحلي التلكؤ في إنشاء سد على وادي الجرناف متعطل منذ عام 2010. وقال ان " المشروع كان سيجنبنا الغرق ويساعد في خزن المياه للطوارئ".
وأعلنت وزارة الصحة أمس وفاة 17 شخصاً وإصابة 178 في عموم البلاد جراء السيول التي ضربت مناطق متفرقة من البلاد.
وكانت الصحة قد أعلنت في وقت سابق تسجيل 10 وفيات بسبب السيول، خمسة منها في محافظة صلاح الدين، وواحدة في محافظة ميسان، وأخرى في محافظة ذي قار وفي البصرة.

انقطاع التيّار الكهربائي
وأول من أمس سقط 6 قتلى في السيول والأمطار الغزيرة التي ضربت مناطق العزيزية في واسط، كما أوقعت العواصف أعمدة الضغط العالي وغطت المناطق بالظلام.
ويقول صفي البدري، عضو مجلس محافظة واسط لـ(المدى) امس ان "جنوب الكوت يحتاج الى 200 ميغاواط، واصلاح الاعمدة المتضررة يحتاج الى أسبوعين".
وأشار المسؤول المحلي الى أن هناك تفاهماً مع محافظة ذي قار للحصول على نصف الحاجة من التيار لحين إصلاح الشبكة في واسط. وتضررت مئات المنازل في المحافظة على إثر السيول. وقال البدري إن أحد المنازل سقط فوق امرأة وثلاثة من أطفالها وأدى الى مقتلهم في الحال.
وبلغ حجم السيول القادمة من إيران باتجاه واسط القريبة من الحدود الشرقية، بنحو 2000 متر مكعب في الثانية، فيما لا توجد غير سدود بدائية (ترابية) لمنع تدفق المياه.
ونقلت خلية الإعلام الحكومي، أمس الأحد، عن وزارة الموارد المائية تأكيدها السيطرة على الوضع المائي الوارد من شرقي البلاد.
وقالت خلية الإعلام، إن "السيول التي وردت من الجهة الشرقية للعراق مسيطر عليها وبدأت بالانحسار ووجهت نحو خزنها في هور الشويجة وتصريفها الى نهر دجلة من فتحتي النشامة وأم الجري".
وكانت الموارد المائية قد قالت إن "البلاد شهدت سقوط أمطار غزيرة في مناطق متفرقة نتجت عنها سيول أغلبها وردت الى نهر دجلة في القاطع الشمالي"، مبينة ان "تصريف النهر وصل الى أكثر من 3000 متر مكعب في الثانية".
وأضافت الوزارة في بيان سابق ان "هذه الكميات سيتم تحويلها الى منخفض الثرثار لتعزيز الخزين المائي ورفد نهر الفرات عند الحاجة".

غرق بعد عطش !
وفي البصرة التي كانت تعاني حتى قبل شهرين من شح المياه، غمرت السيول أجزاء كبيرة من قضاء الفاو.
وبحسب مسؤولين في المحافظة فان 150 منزلا قد تعرضت للغرق، وارتفعت المياه الى مستوى نصف متر داخل الدور السكنية.
وأعلنت مديرية الدفاع المدني، عن إنقاذ عائلتين مكونتين من تسعة أشخاص محاصرين جراء السيول في الفاو.
وأكد أمين وهب عضو مجلس المحافظة لـ(المدى) أمس أن "بعض المنازل الطينية قد سقطت بسبب الامطار الغزيرة".
وقال وهب إن "أغلب الطرق في جنوب البصرة قد انقطعت لأنها طرق طينية وغير معبدة".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top