عقود الملايين والاحتراف الخليجي قوّضا أمل المونديال

عقود الملايين والاحتراف الخليجي قوّضا أمل المونديال

 زياد طارق : لن تروا مثيلاً للمنتخب الفدائي.. والقانون ظلم راضي وحسين

 مشاجرة والدي فـي الاتحاد وراء موته.. و"غمزة" بيروت ألقت بي فـي السجن!

 فوضى جمهور الدوري تناقض صموده تحت طلعات الأباتشي

 بغداد/ إياد الصالحي

حذّر اللاعب الدولي السابق زياد طارق أسرة كرة القدم من استمرار آفات الجهل والنفاق والمحاباة في نخر قاعدة اللعبة وسط هيمنة شخصيات لا علاقة لها بها، وتزايد السخط الجماهيري ضد أندية عريقة، وتهميش مواهب نادرة في فئة البراعم يُسهم في تقويض آمال المنتخبات الوطنية التي ترتكز صلابتها على أساس تنظيم كل تلك الحلقات المتفاعلة على وفق تخطيط سليم يدار من قبل خبراء متمرّسين وليس طلاّب مواقع لا همّ لهم سوى المزيد من المنافع!
وأضاف زياد في حديث لـ(المدى) يعد الأول للصحافة منذ إبتعاده كلياً عن كرة القدم عام 2005 وتركه الرياضة برمّتها: "برغم قطع صلتي عملياً بكل ما يمت لكرة القدم تلك الساحرة التي ضحّينا دون منّة لأجل خدمة شريانيها الرئيسيين "الدوري والمنتخب" وتفرّغي لعملي الحُرّ، إلا أنني أواصل متابعة شجونها عن بُعد وأتفاعل مع الجماهير المُحبّة والمتابعة لمسيرتي عبر موقع الفيسبوك ملاذي الوحيد للتقرّب من اصدقائي وتبادل الآراء مع أبناء جيلي من لاعبي التسعينيات الأوفياء".

دعوة ستانج
وأشار زياد الى أن " والدي رحمه الله طارق عزيز النجم الدولي السابق في ستينيات ونصف السبعينيات من القرن الماضي هو صاحب الفضل الكبير عليّ بعد الله، إذ كنت المحظوظ الأكبر بين عشرات من أبناء جيلي، تدرّجت على يده من فئات البراعم والاشبال والناشئين والشباب والأولمبي حتى وصلت الوطني واحترفت خارج العراق في قطر والأردن، ومثلتُ أندية القوة الجوية والزوراء والشرطة، واختتمت مسيرتي مع فريق الكرخ موسم 2005-2006، علماً تمّت دعوتي للمنتخب من قبل المدرب الألماني بيرند ستانج، لكنّي لم ألتحق لأن الظروف لم تكن طبيعية بسبب الاقتتال الطائفي المقيت ويومها غادرت الرياضة بلا رجعة".

جيل الفدائيين
وأكد أنه "حتى قدوم عام 2019 الذي نتمناه عام خير للعراق وشعبنا الطيب، لم تشهد الكرة العراقية منتخباً كمنتخب 1986 الذي نال شرف المشاركة في كأس العالم بالمكسيك ومنتخب 1993 العتيد بنجومه المكافحين تحت قيادة المدرب القديرعدنان درجال "غير المحظوظ في تصفيات مونديال أمريكا" ومنتخب 2007 صاحب الانجاز المُبهر في أمم آسيا، وأتوقّع أنه سيمضي قرناً كاملاً ولن يرى العراق جيلاً بذات القوة والمهارة والفدائية والتماسك والوفاء كالذي عايشناه، وربما يُكمن السبب في حبّنا للرياضة والتزامنا الكامل وتفرّغنا لها وانضباطيتنا تجاه المدربين والإداريين واللعب الجدّي لامتاع الجماهير".
وعزا زياد تكرار النتائج المخيّبة لكرتنا الى " تحسّن الموارد المالية للاعب نتيجة ارتفاع أقيام العقود بعشرات ملايين الدنانير وانفتاح تجارب الاحتراف الخليجي أمامه، هذان السببان قلّلا اهتمامه باستحقاقات ناديه والمنتخب، ولم يعد يفكّر بهما بحرص شديد، ولهذا حدث النكوص الكبير على مستوى سمعة اللعبة خارجياً بدليل أننا منذ 33 عاماً لم ننجح في التأهل الى كأس العالم مرة ثانية، ولولا أنجاز رفاق نشأت أكرم ويونس محمود عام 2007 بتزعّم قارة آسيا لظلّت كرتنا من دون رصيد يحفظ هيبتها وتاريخها.

احتراف.. مع وقف التنفيذ!
ولفت نجم المنتخب الوطني السابق إلى أن " أي لاعب لم يتعرّض إلى الظّلم في زمننا الصعب لا من مسؤول ولا اتحاد ولا مدرب، مَنْ لعب آنذاك وتوفّق نال نصيبه، ومن لم يَفلح لا دخل لأحد فيما آل اليه مصيره، أثنان فقط يمكن القول إنهما ظُلما لعدم اقتناص فرصة الاحتراف في الخارج هما أحمد راضي وليث حسين، الأول تلقّى عرضاً مُغرياً للاحتراف في البارغواي مع نادي انترناسيونال مقابل مليون ونصف المليون دولار وذلك بعد أن ذاعَ صيته كأفضل لاعب في آسيا عام 1989وقبلها بثلاث سنوات كان قد شارك في مونديال المكسيك، لكن نظام اللعبة والقانون في بلدنا لم يسمحا له بالتفاوض مع النادي، ثم ليث حسين تألق في العام نفسه مع منتخب الشباب في مونديال السعودية تحت قيادة المدرب الكفء أنور جسام وطلبتْ إدارة نادي برشلونة من ليث الحضور الى اسبانيا لدراسة العقد، لكنه مُنعَ من السفر أيضاً للسبب ذاته".

عقوبات الرضوانية..
وكشف عن سر قحط كرتنا إبان مشاركاتها في بطولات وتصفيات عقد التسعينيات بقوله: "لم يترك اتحاد الكرة وقتها أي دعم مالي أو معسكرات إلا ووفّرها من أعلى مستوى، لكن الخوف وراء ضياع أكثر من بطولة، فالحالة النفسية مهمة جداً للاعب كي يعطي الجهد اللازم ويركّز على هدفه، وأكبر دليل على ذلك في عام 1993تقدّم منتخبنا على كوريا الشمالية بهدفين في التصفيات الحاسمة لمونديال أمريكا، وحال تسجيل كوريا هدفها الأول أنتاب الخوف لاعبينا ودفعوا الثمن بدخول كرتين شباكنا لتصبح النتيجة (2-3) حرمتنا من إنجاز مهمة التأهل للمونديال".
واستطرد " لم يسلم لاعب ما من العقوبة في (الرضوانية وجبله) وفي مقر اللجنة الأولمبية نفسها إلا ما ندر، وأسوأ ما في العقوبة أن اللاعب لا يستحقها وتشعرهُ بالإهانة، أكيد سيكون هناك احباط شديد قبيل بدء المنافسة أو أثنائها، وشخصياً عوقبت بالسجن ثلاثة أسابيع في الرضوانية بسبب غمزة مجاملة لحامل الكاميرا أثناء عزف النشيد الوطني في نهائيات كأس آسيا ببيروت عام 2000 وكان معي هشام محمد وهاشم خميس أيضاً".

ثقافة اللاعب
وبيّن زياد :" إن سياسة التخويف نفسها يوم كنا نلعب في العهد الماضي بقدر ما قوّضت طموحاتنا في تحقيق نتائج متقدمة، إلا انها زادت اللاعبين انضباطاً وقوة لمصلحة النادي والمنتخب، وأتمنى أن يستشعر لاعبو اليوم بتلك السياسة ليقدّموا أقصى ما لديهم من عطاء مع المنتخب ويظهروا أعلى درجات الانضباط وينعموا بالحرية في كل شيء، فضلاً عن ضرورة تسلّحهم بالثقافة الواسعة لأنها من شروط نجاحهم في الملاعب واستمرار ثقة الجماهير بهم خاصة عندما يواجهون أسئلة مهمة في برامج حوارية تلفازية ربما يشعلون نار أزمة أو يخمدونها".

لا فضل لفييرا
وعن مدى ثقته بالكفاءات الوطنية لإنجاح مهام المنتخبات قال: "أنا مع إناطة مسؤولية المنتخبات للمدرب الوطني لأن العراق غنيّ بالكفوئين، ومن المؤسف أن بعض المدربين الأجانب الذين تعاقدنا معهم لم يكونوا بالمستوى المطلوب، بدليل أن الملاك المساعد واللاعبين هم من صنعوا مجد البرازيلي جورفان فييرا بانتزاعهم كأس آسيا 2007 بجهودهم، ولا فضل لفييرا على كرتنا، بالعكس هو استفاد من اللقب وتلقى عقوداً في إيران والإمارات ومصر والكويت، نحن أغنى دولة في العالم ومن المعيب أن نسلّم مقدّرات اختيار المدرب الاجنبي بيد سماسرة ووسطاء، المفروض إننا نتعاقد مع مدربين عالميين كبار".

فوضى الجمهور
وبشأن دور الجماهير في إنجاح الدوري من عدمه أكد:" نحتاج الى سلطة رياضية قوية توقِف فوضى بعض انصار الاندية الى مقرّاتها وتهديدهم إداراتها، فهذا السلوك يُخرّب اللعبة ويُزعزع استقرار الفرق، فسابقاً كان المشجّع يُعرب عن سخطه الشديد إذا ما قدّمنا أداءً غير مرضي، بل وحتى يُخرج عن طوره في الهتاف ضد اللاعبين والمدربين، لكن ضمن حدود المدرّجات ويغادر الى بيته، أما اليوم فأنه يقتحم الملعب ويتعدّى على اللاعبين ومسؤولي الفريق الضيف ويسبّب شغباً داخل وخارج الملعب، هذا أمر مُشين يجب إيقاف مخاطره بتطبيق القانون وفرض الغرامات، فالجمهور العراقي داعم رئيس للاندية وهو أعظم الجماهير الكروية عربياً، ويكفي أنه دخل التاريخ بصموده في المدرّجات مطلع عام 2003 متابعاً منافسات الدوري في وقت كانت مروحيات أباتشي الهجومية الأمريكية تحلّق فوق ملعب الشعب الدولي بكثافة وجميع المنشآت الرياضة كانت مدمّرة".

مشاجرة في الاتحاد
وأختتم زياد طارق حديثه : "رحم الله والدي طارق عزيز، مات ولم يأخذ حقوقه، كان حريصاً جداً على مصلحة اللاعبين الرواد القدامى، ويبكي لحال بعضهم، فأفضل حارس مرمى يبيع على أرصفة سوق شعبي، وأميز مهاجم يعمل حارساً في مدرسة، وذاك المدافع منظّفاً في مخزن تاجر، حال مأساوي مزمن لم تزل الدولة بعيدة عنه، وللعلم والدي لم يأخذ استحقاقه من منحة الحكومة فالوزارة ظلمته وكذلك الروّاد، والدي هو من أسّس رابطتهم وتابع مستلزمات الحصول على حقوقهم، وفي يوم تعرّضه للجلطة علمتُ من والدتي أنه كان قد تشاجر في اتحاد الكرة حول قانون الرواد الى حدّ انفعاله وعاد مسرعاً للبيت ويوجد شهود في الحادثة، كل ذلك ويخرج علينا البعض بلا خجل ويدّعي انه وراء إقرار قانون منحة الرواد والأبطال!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top