هل يعني الاستحقاق الانتخابي وجوب المشاركة في السلطة التنفيذية؟

آراء وأفكار 2018/12/22 07:00:46 م

هل يعني الاستحقاق الانتخابي وجوب المشاركة في السلطة التنفيذية؟

 د . علي كاظم الرفيعي *

من الحقوق والحريات الأساسية التي نصت عليها الوثائق والإعلانات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/كانون الاول /1948 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمدته المنظمة المذكورة في 16/كانون الأول / 1966 هو حق المشاركة في الشؤون العامة الذي يتمثل في الانتخابات لاختيار ممثلي الشعب وهذا يعني حق المواطن ليكون ناخباً أو مرشحاً لعضوية البرلمان والمجالس التمثيلية الاخرى ، بمختلف مسمياتها ، مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو الجمعية الوطنية أو مجالس المحافظات .,.الخ

الاستحقاق الانتخابي هنا ينصرف الى عضوية هذه المجالس وما يترتب عليها من حقوق وواجبات تنص عليها القوانين التي تنظم المجالس المذكورة .
يكثر الحديث عن( الاستحقاق الانتخابي ) من قبل قادة أحزاب السلطة والنواب ووسائل الإعلام مع ظهور نتائج كل دورة انتخابية وتحديدا ً مع الاستعدادات لتشكيل الحكومة ويذهب الحديث الى مديات أبعد في مطالب غير مشروعة أحياناً .
السؤال الذي ينبغي طرحه بهدف الإجابة عليه هو هل أن العضوية في مجلس النواب تستوجب مشاركة النواب في السلطة التنفيذية بركنيها الأساسيين رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ، وهو ما تبغي وتصر عليه أحزاب المحاصصة ؟؟
هل إن الفوز بعضوية مجلس النواب يستوجب أن تتقاسم الأحزاب الفائزة بأغلب مقاعد المجلس ، رئاسة الجمهورية والوزارات والهيئات المستقلة وقيادات دوائر الدولة الأخرى وهو ماتطالب به وبإصرار الأحزاب الحاكمة في المشهد السياسي في العراق منذ عام 2003 وحتى الآن ؟
لم يشترط دستور العراق لعام 2005 في الشخص المرشح لرئاسة الجمهورية والمكلف بتشكيل مجلس الوزراء أن يكونا من أعضاء مجلس النواب كما ذهبت الى ذلك دساتير عدد قليل من الدول وفي مقدمتها النظام البرلماني المعتمد في المملكة المتحدة (بريطانيا) والدستور اللبناني أي إنها تجمع بين العضوية في مجلس النواب والحكومة في وقت واحد .
بخلاف ذلك بالامكان في العراق تكليف شخص مستقل بتشكيل الحكومة من وزراء مستقلين فقط اذا توافرت فيهم الشروط التي حددها الدستور والقوانين المتعلقة بتنظيم مجلس النواب .
رئيس مجلس الوزراء المرشح من قبل الكتل النيابية الأكثر عدداً وفقاً للمادة (76/اولاً ) من الدستور من حقه من الناحية القانونية أن يشكل حكومته من عناصر مستقلة وليس ملزماً إطلاقاً تعيين الوزراء على اساس حصص مبنية على اعتبارات طائفية أو اثينية أو حزبية كما دأبت على ذلك أحزاب السلطة بعد عام 2003 بحجة الاستحقاق الانتخابي .
لقد ذهبت أحزاب السلطة في اعتمادها لنهج المحاصصة الى مديات أبعد من خلال تقاسمها لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والهيئات المستقلة والمواقع القيادية الاخرى في الدولة وفق نقاط محددة لكل هذه المواقع ترتبط بعدد مقاعدها في مجلس النواب وقد عبر عن ذلك صراحة رئيس مجلس النواب الاسبق السيد محمود المشهداني في مقابلة له مع احدى الفضائيات مؤخراً .
في الانظمة الديمقراطية الحقة تشكيل الوزارة وتعيين أعضائها لايرتبط بحقوق اتباع الاديان والمذاهب والقوميات والاعتبارات المناطقية .
الهوية الوطنية وليست الهويات الفرعية المذكورة هي المعيار الوحيد لاختيار الوزراء من مستقلين أو حزبيين وليس على أساس حصص تستند الى الاعتبارات المذكورة .
نعم ينبغي على رئيس الوزراء لغرض النجاح في مهمته ان يأخذ بعين الاعتبار الواقع السياسي عند تشكيل حكومته وذلك بأختيار عناصر مستقلة واخرى تمثل كتلاً أو أحزاب سياسية ممثلة في مجلس النواب وحسب ثقلها السياسي لغرض حيازة ثقة هذا المجلس عليها .
اثبتت تجارب أربع دورات انتخابية لمجلس النواب عن عدم تفعيل الدور الرقابي له على أداء الحكومة وكذلك تعطيل عمل الحكومة بعض المرّات بسبب مقاطعة بعض الوزراء لاجتماعات مجلس الوزراء تنفيذاً لتوجيهات الكتل السياسية التي ينتمون اليها ، رغم وضوح المسؤولية الناجمة عن هذه المقاطعة إذ نص الدستور في مادته (83) على أن مسؤولية رئيس مجلس الوزراء والوزراء أمام مجلس النواب هي مسؤولية شخصية وتضامنية بين جميع أعضاء المجلس فالوزير الذي يقاطع اجتماعات المجلس يكون مسؤولاً عن كل القرارات التي يتخذها هذا المجلس طالما لم يقدم استقالته .
لم يستطع رؤساء الوزارات طيلة السنوات المنصرمة إقصاء أو سحب الثقة من أحد الوزراء رغم قناعتهم بفشل أداء الوزير أو وجود شبهات فساد – وأحياناً مؤكدة – تحوم حوله ، كل ذلك بسبب دعم الكتلة النيابية التي اختارته ومؤازرة كتل نيابية أخرى قريبة لها في توجهاتها المحاصصية والنفعية .
إن التاخير في تشكيل حكومة السيد عادل عبد المهدي ماهو الا دليل واضح على ماتقدم وهو يكشف عدم الانسجام بين الكتل المتنفذه في البرلمان وهو مايهدد بأستمرار الصراعات في المستقبل.
كيف يمكن لرئيس الوزراء ان ينفذ برنامجه الوزاري إذا لم يكن له دور في اختيار ادوات تنفيذ هذه البرامج وهم الوزراء وهذا ما أعلن عنه في المؤتمر الصحفي الاسبوعي مؤخراً إذ قال بأن اختيار الوزراء يتم من قبل الكتل السياسية وجاء هذا التصريح رداً على السيد هادي العامري زعيم كتلة البناء الذي قال بأن اختيار السيد فالح الفياض تم من قبل السيد عبد المهدي .
إن الاصرار على التمسك بنهج المحاصصة السياسية بأية ذريعة كانت ماهو إلا دليل واضح على تمادي أحزاب السلطة – وهي معروفة للمواطن العراقي – وعدم الاصغاء لصوت الشارع العراقي الرافض لنهج المحاصصة واستهانة متعمدة بحقوق ومطالب المواطنين .
وبالمقابل على القوى الوطنية الرافضة للنهج المذكور الوقوف بحزم ضد ذلك وتجسيد مواقفها بكافة الطرق المشروعة ومنها تهيأة الرأي العام الذي يعود إليه أولاً وإخيراً اضفاء المشروعية على عمل سلطات الحكم .
* الامين العام للتيار الاجتماعي الديمقراطي

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top