باختصار ديمقراطي: عام جديد لوثبة الأسود

رعد العراقي 2018/12/30 06:58:04 م

باختصار ديمقراطي: عام جديد لوثبة الأسود

 رعد العراقي

منذ أحد عشر عاماً والكرة العراقية تبحث عن لقب حقيقي يليق بها يضاف الى إعجاز جيل 2007 حينما خطف إخوة يونس اللقب الآسيوي الأول للعراق بأداء فريد وعزيمة استثنائية أبهرت العالم وبصمتْ على حقيقة مقولة (أن الانجاز يولد من رحم المعاناة) .
إن جميع المتابعين كان يراهن على أن الكرة العراقية ستمتلك أسرار السيطرة والريادة لفترة طويلة جداً بعد أن جلست على عرش آسيا في حينها برغم تربّص وحسرة كبار المنتخبات الآسيوية التي سلّمت الراية لزعيمها الجديد وهي تشاهد منتخباً عنيداً لا يعرف التراجع طوع مأساة بلاده وحمل هموم شعبه بين حنايا فؤاد لاعبيه ليحوّلها الى بركان لا يهدأ يجول الميدان هجوماً ودفاعاً شرساً يرعب الخصوم، فيخترق الخطوط وصولاً للهدف حتى سجّلت المباراة النهائية أمام المنتخب السعودي سابقة فريدة حين اعترف النقاد أن أسود الرافدين قدّموا أداءً فنياً عالياً خارج عن المألوف وسجّلوا رقماً قياسياً في المطاولة والجهد البدني الذي شهد تصاعداً وبذات القوة منذ بداية المباراة ولحين انتهائها وهو أمر نادر الحدوث.
إلا أن ما حصل بعد تلك الملحَمَة قلبَ التوقّعات وسجّلت ما بعدها من مشاركات تراجعاً خطيراً وانحساراً في الانجازات حين فشلت محاولات الصعود الى كأس العالم 2010 ومن ثم الاخفاق في المحافظة على اللقب الآسيوي في نهائيات آسيا 2011 لتستمر بعدها أعوام القحط حين فرّطنا أيضاً ببطاقتي الوصول الى نهائيات كأس العالم 2014 و2018 وقبلها القبول بالمركز الرابع في نهائيات آسيا 2015 والذي يمثل أيضاً تراجعاً قياساً بحسابات الطموح وفرضية تصاعد الخط البياني للنتائج وليس هبوطه.
لقد اضاعت المنظومة الإدارية لاتحاد الكرة في حينه لفرصة لا تقدّر بثمن حين انشغلت بأفراح الحصول على اللقب الآسيوي وتناست أهمية استثمار الفوز وتوسيع رداء البطل ليحتوي الاجيال القادمة والتعامل مع الخطوات اللاحقة باحترافية سواء بتكريس فلسفة الأداء القتالي ليكون جزءاً من شخصية اللاعب العراقي أو المحافظة على نسق وصورة المنتخب بكل عناصره التي حقّقت اللقب ليكون أساساً للبناء والتجديد التدريجي من خلال تطوير أدائه عبر اختيار جهاز فني على مستوى عالمي كان يمكن أن يوظّف خبرته في الانطلاق به نحو الساحة الدولية وليكون مثلاً تسعى الفئات العمرية الاقتداء به، وهو ما لم يحصل مع الأسف.
اليوم، نقف على باب عام 2019 الذي سيشهد منذ بدايته مشاركة أسود الرافدين في نهائيات آسيا في دولة الإمارات كأول اختبار حقيقي برفقة ملاكه التدريبي الجديد وبتشكيلة شبابية ستكون أمامها مهمة مفصلية وحساسة لا تتمثل فقط بطموح الحصول على اللقب الثاني وإنما إحياء جذوة وروحية بطولة 2007 بكل جوانبها الإيجابية وتطبيقها على أرض الملعب لتشكل انطلاقة جديدة للكرة العراقية وفق فلسفة تمازج الأداء الفني والذهني مع الإحساس العالي بالمسؤولية.
على اتحاد كرة القدم أن يستغل تواجد أغلب أعضائه مع وفد المنتخب الوطني لتشكيل ورشة عمل تتولى خلق أجواء مثالية لتحفيز اللاعبين على استنهاض قدراتهم الذاتية والإرتقاء بعطاءهم داخل الميدان بخطوات مدروسة وثقة بالنفس تساعدهم على الثبات والتعامل باحترافية مع كل مباراة دون الضغط السلبي على مطلب الحصول على اللقب الذي يسبب ردّة فعل متشنّجة وقلقة تسلبهم قوة التركيز، والأهم أن تكون هناك رؤية للاتحاد لمستقبل ما بعد البطولة تعتمد على شكل الأداء قبل أن تركن الى النتائج، فتعالج الأخطاء وتستثمر وتطوّر وتحافظ على النجاحات إن تحقّقتْ لتستمر الى الاستحقاقات القادمة دون السماح بتكرار انتكاسة نتائجنا ما بعد تجربة 2007.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top