البصرة تنذر الحكومة من  تظاهرات حاسمة  لو استمرّ تجاهل المحتجّين

البصرة تنذر الحكومة من تظاهرات حاسمة لو استمرّ تجاهل المحتجّين

 بغداد/ وائل نعمة

موجة احتجاجات هي الأوسع في العراق بعد 2003 يتوقع أن تندلع في الصيف المقبل في الجنوب قد تؤدي الى تغيير الحكومة في بغداد، بسبب ما اعتبرته تنسيقيات التظاهرات هناك بـ"هدر الوقت والمال" دون تحقيق أي إنجاز في المدينة الجنوبية الغنية بالنفط.
ومنذ بداية الشتاء الحالي، خالف المحتجون في البصرة كل التوقعات بانحسار موجة التظاهرات في المحافظة، بسبب اعتدال المناخ وتحسن التيار الكهربائي، لكنّ المطالب لم تتوقف، بل ازدادت ودخلت على خط تغيير حكومة البصرة ومحاولات اقتحام شركات النفط الاجنبية.
وفي الهوير، شمالي البصرة، اعتقلت السلطات المحلية أول من أمس الأحد، 6 متظاهرين في احتجاجات للعاطلين عن العمل الذين يقدر عددهم بأكثر من 140 ألف عاطل في البصرة.
ويقول سمير المالكي، أحد منسقي التظاهرات في البصرة لـ(المدى) إنّ "القوات الأمنية أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين قرب إحدى شركات النفط في شمال البصرة"، مشيراً الى أن السلطات المحلية تعتبر ان "شركات النفط خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه".
وتمتلك البصرة أكبر ثروة نفطية في العراق، حيث تضم 15 حقلاً، منها 10 منتجة و5 ما زالت تنتظر التطوير والإنتاج، وتوفر حوالي 59% من إجمالي الاحتياطي النفطي العراقي، وتبلغ إيرادات المحافظة من البترول نحو 60 مليون دولار يومياً.
وفي آب الماضي، وتحديداً في فورة الاحتجاجات، قطع متظاهرون 6 طرق تؤدي الى حقل القرنة 1 في البصرة، لكن رغم ذلك لم يتأثر عمل تلك الشركات أو يتوقف تدفق النفط.
وتسمح السلطات في البصرة للمتظاهرين بالاحتجاج بشكل يومي أمام مبنى المحافظة والدوائر الحكومية الاخرى، لكن المالكي يقول بأنها "تتعامل بقسوة شديدة مع كل من يقترب من شركات النفط".
وأصيب شخص واحد على الأقل في تظاهرات الهوير الاخيرة بطلق ناري وكان قد شارك فيها نحو 100 شخص.
تحذيرات
وحذّرت تنسيقية تظاهرات البصرة (الجهة المسؤولة عن تنظيم التظاهرات في المحافظة)، أمس، من تداعيات الصدام مع المتظاهرين، وقالت في بيان صحفي: "نرفض بشكل قاطع الاعتداء على المتظاهرين السلميين، وندعو إلى وقف التعسف الحاصل شمال البصرة"، مهددة بـ"نزول الجماهير إلى شوارع المحافظة".
ودعت إلى "إيقاف الإجراءات الأمنية، ومن ثم التحقيق بالأحداث التي جرت ومحاسبة المعتدين على المتظاهرين المطالبين بحقوقهم".
بدورها، عبرت مفوضية حقوق الإنسان، عن قلقها من جراء أحداث البصرة ومحذرة من عواقبها.
وقالت المفوضية في بيان صحفي، إنها تتابع بـ"قلق بالغ تطورات حركة الاحتجاجات في شمالي البصرة، التي وقعت فيها إصابات واعتقالات"، داعية حكومة البصرة وعلى رأسها المحافظ، إلى "العمل لاحتواء الأوضاع والاستماع إلى مطالب المتظاهرين، وإنفاذ مبادئ حقوق الإنسان باستخدام قواعد فض الاشتباك، وعدم اللجوء إلى استخدام الرصاص الحيّ وسوء المعاملة". كما شددت على الحكومة المركزية، "النظر لأوضاع البصرة بجدية بتوفير فرص العمل ومراجعة ملف عقود الشركات النفطية، والعمل على جعل الأسبقية لأبناء المدينة التي تقدم آلاف الضحايا سنوياً جراء التلوث من استخراج هذه الثروة"، محذرة من "تكرار الوعود غير النافذة، وترك الأمور بدون معالجات حقيقية".

تظاهرات منفعية
ورغم ذلك، يرفض المالكي وزملاؤه الانضمام الى تظاهرات المطالبين بالعمل، لانهم يعتبرونهم "منفعيين" ولا يخرجون إلا لطلب العمل. ويضيف قائلا: "هؤلاء عندما يسمعون بوجود تعيينات يخرجون الى الشارع، لكن حين نطالبهم بالانضمام إلينا في التظاهرات المطلبية يرفضون ذلك". وفي الاشهر الماضية سمع سكان الزبير في جنوب البصرة عن وجود 300 درجة شاغرة، وعلى إثرها خرج 10 آلاف شخص يطالبون بالتعيين، فيما كانت في ذلك الوقت التظاهرات العامة تضم بضع مئات.
وأسقط 200 عاطل عن العمل في البصرة نهاية العام الماضي، الجدار الكونكريتي لحقل القرنة 2 في شمال المحافظة، فيما كانت عدة اعتصامات قد جرت الصيف الماضي أمام الحقول النفطية في الجنوب التي تعمل فيها الشركات الاجنبية، للضغط عليهم في تعيين أبناء البصرة.
ويقول المحتجون ان الاجانب الذين يستولون على الحصة الاكبر من العمل داخل تلك الشركات، الذين يقدر عددهم بنحو 80 ألف عامل، يحصلون على رواتب بين 4 آلاف دولار الى 10 آلاف دولار شهريا، بينما يطالب البصريون بـ600 دولار كراتب شهري، مما قد يتيح المجال لعمل 100 ألف بصري بنفس مجموع رواتب جميع العمال الاجانب.

دورات سريعة
وتطلب تلك الشركات شروطاً خاصة للعاملين في الغالب لا تتوافر لدى العمال المحليين، لذلك لجأت الحكومة المحلية على وفق ما قاله النائب عن البصرة عبد عون علاوي لـ(المدى) الى "فتح مراكز لتأهيل العاطلين ومنحهم إجازات للعمل في تلك الشركات".
وتم الاتفاق على فتح 3 مراكز في الزبير، وأبو الخصيب، وشمال البصرة، لإجراء دورات سريعة تستمر لمدة شهرين في كل المهن، وتستوعب في كل دورة 900 عاطل، كما سيحصل المتدرب خلال فترة الدورة على راتب شهري قدره 300 الف دينار.
لكن بالمقابل لا تجبر تلك الشهادات التي سيحصل عليها المتخرجون من الدورات، الشركات الأجنبية على تعيينهم فورا، مما يعني ان تستمر تلك الشركات بالاعتماد على الأجانب.
ولا يعرف بوجه الدقة عدد الاجانب العاملين في الشركات الاجنبية او نسبة عدد العراقيين، لكن كل العقود الموقعة مع تلك الشركات تضمن حصة ما لا يقل عن 50% للعامل المحلي داخل تلك المنشآت.
وفي الشهر الماضي قال وزير العمل باسم الربيعي في مؤتمر عقده في البصرة إن "218 شركة متعاقدة مع الحكومة لم تراجع الوزارة لتحديد نسبة العمالة الأجنبية". وأشار الى أن "عدد الشركات التي كانت تراجع الوزارة هي 11 شركة فقط".
ويقول النائب علاوي وهو عضو في لجنة الخدمات في مجلس النواب ان "الوزير شكل نهاية الشهر الماضي 20 فرقة لإحصاء الاجانب داخل تلك الشركات، لكن النتائج ستحتاج الى بعض الوقت للكشف عنها".

بانتظار الصيف
وحتى ذلك الوقت يتوقع ان تزداد سخونة الاحتجاجات مع ارتفاع درجات الحرارة في الجنوب، حتى تصل الى الغليان في الصيف المقبل، خصوصا مع عدم اتضاح المعالجات لأزمات البصرة التي على أساسها اندلعت احتجاجات الصيف الماضي.
وحذر عدي عواد، عضو لجنة الطاقة في البرلمان والنائب عن البصرة، مطلع العام الحالي من "أيد خبيثة" لعبت بمقدرات الشعب، في تعليقه على عقد أبرمه محافظ البصرة أسعد العيداني مع شركة صينية لتحلية مياه البصرة بقيمة مليار دولار.
وقال النائب، حينها، إن الشركة الصينية قامت بأعمال "متلكئة" في الانبار وسحبت أكثر من مليار دولار ايضا دون ان "تضع طابوقة واحدة في المشروع".
ويقول سمير المالكي إن "حكومة بغداد لن تصمد لو استمرت تظاهرات البصرة الى الصيف المقبل، لأنها ستكون أمنذ 15 عاما".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top