نافذة من موسكو..التطورات الرئيسة في العراق والمنطقة بالمستقبل المنظور

آراء وأفكار 2019/01/20 06:25:36 م

نافذة من موسكو..التطورات الرئيسة في العراق والمنطقة بالمستقبل المنظور

د. فالح الحمـراني     

وفقاً لدراسات نشرها المجلس الروسي للشؤون الخارجية، ومجموعة الأزمات لمنع الحرب الأميركية، ومعهد الشرق الأوسط، فإن التوترات الإقليمية التي أثارها "الربيع العربي" سوف تستمر في المستقبل المنظور. والكلام بالدرجة الأولى عن اشتداد المواجهة الأميركية وبعض دول المنطقة مع إيران. وقد يؤدي ذلك خلال الفترة حتى عام 2024 إلى ظهور مناطق ساخنة جديدة.
وما يتعلق بالعراق ففي حال اشتداد المواجهة بين الولايات المتحدة فان الضربة الرئيسة سوف تُنزل به. وستسعى الدول الغربية إلى فك ارتباك القوى الشيعية وبعض القوى العراقية النافذة عن إيران. كما أن المرتقب هناك مؤشرات على أن تنافساً إقليمياً سيجري من أجل استمالة العراق إلى هذه أو تلك من التكتلات التي تشهد المنطقة قيامها.
في السنوات القادمة، سيستمر الانقسام بين الدول السنّية. وقد تشكل في المنطقة تحالفاً من قطر وتركيا، والذي سيواصل التنافس مع الثلاثي :المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر. وستستمر هاتان المجموعتان في الصراع على بسط النفوذ في ليبيا وتونس. وفي الوقت نفسه، سيستمر دور تركيا في الشرق الأوسط في النمو. بالإضافة إلى ليبيا وتونس المذكورة أعلاه، سوف تنشط أنقرة في سوريا والعراق والخليج.
في سوريا، أحد السيناريوهات المحتملة للسنوات الخمس القادمة هو تجميد النزاع على خلفية التقسيم الفعلي للبلاد إلى عدة مناطق (الحكومة، التركية، الكردية /الأميركية). وعند تطور مناسب للأحداث (أولاً وقبل كل شيء، يتطلب هذا موقف بناء من المعارضة ودمشق) فإن التقدم ممكن في المفاوضات حول سن دستور جديد، والذي سيفتح الطريق أمام تحول جزئي (لكن ليس تفكيك) للنظام القائم. ولكن، من غير المرجح أن التقدم في العملية السياسية سوف يعيد الوحدة الحقيقية للبلاد حتى عام 2024.
يجب ألا نتوقع استعادة سريعة للاستقرار في ليبيا واليمن. وبسبب عدم وجود احتمالات لحل عسكري في المرحلة الأولى (ليس لدى أي من الطرفين تفوق واضح في القوات والوسائل وليس قادرا على توحيد البلاد بقوة السلاح) ، يجب أن نتوقع المزيد من "صومـلة" (أي شبيه بالصومال) للبلاد (تقسيمها إلى مناطق نفوذ بين الفصائل والقادة الميدانيين والهيئات المؤقتة شبه الشرعية للسلطة). السيناريو الأكثر تفضيلاً هو أن يشمل تطور الأحداث استعادة وحدة ليبيا شكلياً، تحت رعاية حكومة ائتلافية، مع تحول البلاد فعلياً إلى شكل من أشكال الكونفدرالية.
وسوف يستمر النزاع العربي الإسرائيلي. ومن غير المحتمل استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة، لأن الطرفين يتخذان موقفاً متشدداً بشأن قضية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. ويمكن أن يتغير الوضع فقط في حال تغيير القيادة في كل من إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية.
سوف يزداد دور القوى الأوروبية في المنطقة، وبالدرجة الأولى فرنسا. وسوف تنشط الدول الأوروبية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، خاصة في ليبيا وسوريا. ومع ذلك، فإن الخلاف وتضارب المصالح سيعرقل تنفيذ السياسات الفعالة (على سبيل المثال، إن وفرنسا وألمانيا تدعم قوى سياسية مختلفة في ليبيا). في حالة حدوث تفاقم جديد حول برنامج إيران النووي، من الممكن ازدياد الوجود العسكري في الخليج.
وفي السنوات الخمس القادمة ، ستبقى التحديات التقليدية أمام الاقتصادات العربية المتمثلة بالفساد والبطالة والاعتماد على تصدير المواد الخام، ودرجة منخفضة من التكامل الاقتصادي في المنطقة. في الوقت نفسه، ستنشأ مشاكل جديدة، بسبب الاتجاهات العالمية الحالية والعمليات السياسية.
إن بطالة الشباب، ونقص الاستثمار ستجبر دول المنطقة على البحث عن فرص جديدة لزيادة تصدير العمالة. وفي موازاة ذلك، من المرجح أن ينمو تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى البلدان المتقدمة النمو. وسوف تعاني اقتصاديات المنطقة بشكل متزايد من الآثار السلبية لتغير المناخ. وستزيد الزيادة في متوسط درجات الحرارة السنوية من ارتفاع درجات الحرارة في أشهر الصيف الحارة، الأمر الذي سيزيد من نقص الموارد المائية. وفي هذا الصدد ، يمكننا أن نتوقع ظهور مشاكل جديدة في الزراعة وزيادة أخرى في اعتماد البلدان على الموارد الغذائية.
في قطاع الطاقة في البلاد، سيتم إيلاء المزيد والمزيد من الاهتمام لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة (الشمس والرياح). هذا سوف يفتح فرصاً جديدة للشركات العاملة في هذا المجال.
الاتجاه الهام الآخر الذي سيستمر حتى عام 2024 هو نمو النشاط الاقتصادي الصيني في الشرق الأوسط. في ضوء خطط إغلاق الأسواق الأميركية، سيصبح الشرق الأوسط وجهة أكثر أهمية للصادرات الصينية. ولن تضعف اهتمام الشركات من جمهورية الصين الشعبية في مشاريع البنية التحتية الكبيرة. وسيكون وجود الصين في صناعات النفط والغاز أكثر وضوحاً.
سيظل الاتجاه الرئيس لتطور علاقات الاتحاد الروسي مع دول منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا خلال السنوات الخمس القادمة عسكرياً / سياسياً. إذا تم الحفاظ على دورة السياسة الخارجية الحالية (تحول إلى الشرق، واستعادة وضع لاعب عالمي)، فإن أهمية الشرق الأوسط لموسكو ستزداد. في العالم العربي، ستظل سوريا ومصر والجزائر الشركاء الرئيسين لروسيا. وترتبط الدولتان الأخيرتان بالاتحاد الروسي من خلال اتفاقات حول الشراكة الستراتيجية والتعاون العسكري- الفني على نطاق واسع.
إن احتمالية التطور النشط لعلاقات روسيا مع دول الخليج، وبالدرجة الأولى مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، كبيرة. يعود سبب الاهتمام في الاتحاد الروسي إلى رغبة الأنظمة الخليجية العربية في تنويع روابطها العسكرية والسياسية وتوسيع دائرة موردي الأسلحة. ومع ذلك، فإن تطوير العلاقات الثنائية مع المملكة العربية السعودية، على الرغم من الاهتمام المتبادل المُعلن، يعتمد بشكل كبير على الاعتبارات السياسية قصيرة الأجل. وفي الوقت نفسه، سيحافظ الاتحاد الروسي على علاقات وثيقة مع إسرائيل، التي يزداد دورها، نظرا لآن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أصبح إحدى قنوات الاتصال القليلة المتبقية بين الكرملين والبيت الأبيض.
من الناحية الاقتصادية ، فإن أهم مجالات التعاون هي تصدير الحبوب إلى الشرق الأوسط. بحلول عام 024 2، يمكننا أن نتوقع زيادة اعتماد بلدان المنطقة على إمدادات القمح الروسي. ولا تزال مجالات التعاون الاقتصادي الأخرى (التجارة والاستثمار) محل شك لأنها تعتمد بدرجة كبيرة على الوضع السياسي.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top