زيارة عبد المهدي البصرة  تفتيشيّة  ولم تنفّذ مطالب البصريين

زيارة عبد المهدي البصرة تفتيشيّة ولم تنفّذ مطالب البصريين

 بغداد/ وائل نعمة

مع تجوال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أثناء زيارته المفاجئة إلى البصرة، صعّد المتظاهرون من مطالبهم ووصلوا هذه المرة إلى الدعوة لتشكيل حكومة طوارئ محلية. زيارة عبد المهدي التي تشبه ما يفعله الحاكم في القصص، الذي يأتي متنكراً ويفاجئ المسؤولين في مواقعهم، كانت قد سبقتها مطالبات من ناشطين بأن يتولى الأخير إدارة البصرة لفترة معينة قبل أن يشتعل الوضع هناك.

ومنذ 6 أشهر، وهو وقت انطلاق التظاهرات الصيفية الأخيرة، لا يرى المتظاهرون "جديّة" من السلطات المحلية في البصرة لتغيير واقع المدينة التي تفتقر الى الخدمات بينما هي تطفو على بحر من النفط وتسد 90% من نفقات العراق.
ويعتقدون المتظاهرون أن الحكومة المحلية تتعمد "الفوضوية" في إدارة ميزانية عملاقة خصصت للبصرة مؤخراً، لمنعهم من مراقبة ومحاسبة المسؤولين، على الرغم من أن المحتجين يرون أن تلك الأموال جاءت بسبب نزولهم للشارع لأيام.

زيارة تفتيشيّة
القبعة والمعطف الطويل الذي ارتداه عبد المهدي، أظهره وكأنه الشخصية النمطية للمفتش في أفلام هوليوود البوليسية، حيث كانت زيارته "تفتيشية" أكثر مما هي اعتيادية، حيث "فضحت" على وفق ما يراه المتظاهرون فشل الحكومة المحلية التي سارعت بدورها الى الترحيب بالأخير.
يقول علي شداد الفارس، وهو عضو في مجلس محافظة البصرة لـ(المدى): "نحن رحبنا بزيارة عبد المهدي، وهي كشفت أننا (مجلس المحافظة) كنّا على حق في انتقادنا للمحافظ".
وحمّل رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، المحافظ اسعد العيداني مسؤولية ما حدث في البصرة الصيف الماضي ودخل الاثنان في مشادة كلامية أمام البرلمان في أيلول الماضي.
يذكرأنّ عبد المهدي عندما زار البصرة كان العيداني خارج العراق.
ويؤكد الفارس وعدد من زملائه في المجلس أن العيداني، قد حصل على استثناءات لم يحصل عليها أي محافظ سابق، حيث خصص له 800 مليار دينار بصلاحيات كاملة لإنقاذ البصرة من واقعها الخدمي المتراجع، لكن لم يتقدم بخطوة واضحة حتى الآن.
وأشعلت تلك الاموال بحسب الناشطين في البصرة الصراع على منصب المحافظ، حيث لايزال العيداني متشبثاً بموقعه ويرفض بالمقابل التخلي عن كرسيه في البرلمان، فيما يتوقع أن يتصاعد الصراع مع توقع رصد مبالغ جديدة للبصرة بعد زيارة عبد المهدي.

بدون مهوال
كان لافتاً في الزيارة الأخيرة خروج عبد المهدي عن السُنّة التي سنّها سلفه العبادي في تعامله مع ملف البصرة وتبعه بعده عدد من المقلدين من وزراء ومسؤولين، وهي عقد الاجتماعات في فندق الشيراتون (أكبر فنادق البصرة) بحضور بعض المؤيدين والعشائر.
ويقول كاظم السهلاني وهو ناشط بصري لـ(المدى) تعليقاً على زيارة عبد المهدي للمدينة: "من الجيد انه لم يكن ببرنامج الزيارة لقاء زعماء العشائر والاستماع الى المهوال (وهو الشخص الذي يردِّد الأهازيج العشائرية(".
وحدث في الزيارة، أن ذهب رئيس الوزراء الى المناطق الفقيرة مثل الحيانية، بدلاً من التجوال في الاحياء الراقية والجلوس في الفنادق.
ويضيف السهلاني: "عدم لقائه بالحكومة المحلية أو أعضاء مجلس المحافظة يؤكد أنه غير راضٍ على أدائهم، وهو ما كنا نقوله طوال الأشهر الماضية".
وكان عبد المهدي خلال الزيارة يتصل فقط بنائب المحافظ محمد الطاهر، فيما قال علي شداد الفارس إن رئيس الوزراء "التقى فقط بالكوادر الوسطية التي لا تستطيع أن تلتقيه في بغداد أو أي مكان آخر".

حلّ الحكومة المحليّة
ورغم تفاؤل البصريين بطريقة زيارة عبد المهدي المفاجئة، إلا أن السهلاني، وهو أحد الناشطين في التظاهرات، يقول إنهم كانوا يطمحون الى الأكثر. وتابع: "كنا نتوقع أن يقوم بحل الحكومة المحلية ومجلس المحافظة ويشكل إدارة مؤقتة".
ويضيف السهلاني: "رئيس الوزراء يعرف جيداً مطالبنا، وحل حكومة البصرة ومجلسها من المطالب التي نطمح الى تنفيذها الآن".
ومع انتهاء فترة ولاية المجالس المحلية المحددة بأربعة أعوام، برزت مطالبات برلمانية عدة بالتعامل مع الملف، منها جمع أكثر من 100 توقيع للتصويت على مشروع قانون لحل تلك المجالس أو تجميدها لحين إجراء الانتخابات الجديدة.
لكن بالمقابل كان قد أيد نواب عدة إلغاء المجالس بشكل نهائي مقابل منح الصلاحيات للمحافظ ونوابه، على أن يكونوا تحت إشراف مجلس النواب الاتحادي ومراقبته.
وتكلف رواتب ومخصصات نحو 500 عضو في المجالس المحلية، ملياراً ونص المليار شهريا وخُصص لهم نصف مليون دينار للضيافة ونصف مليون دينار آخر لوقود العجلتين المخصصتين لكل عضو فضلاً عن تخصيص 20 جندياً للحماية ورواتبهم تصل الى 20 مليون دينار. بحسب وثائق نشرت عام 2016.
في المقابل، يقول عضو مجلس محافظة البصرة إن ما كشفه رئيس الوزراء عبد المهدي في زيارته البصرة "يلغي فكرة ان مجالس المحافظات حلقة زائدة لأنه اكتشف بأننا لسنا السبب في تعطل المشاريع في المحافظة وإنما الجهات التنفيذية".

تشغيل نصف المشاريع
ووعد عبد المهدي خلال زيارته التي صعب على وسائل الإعلام تتبعه لأنه تنقل بسرعة كبيرة بين مشروع وآخر وبين حي وآخر، بتشغيل محطة كهرباء في البصرة بطاقة 600 ميغاواط وزيادة إنتاجها إلى 1000 ميغاواط.
كذلك زار المستشفى التركي في المدينة، ووجه بضرورة المتابعة اليومية ووضع الحلول الفورية وتجاوز الروتين، وتسهيل الإجراءات الكفيلة بإنجاز المستشفى والطرق المؤدية إليه، بحسب بيان لمكتبه.
وقال عبد المهدي بعد تفقده عدداً من المشاريع الخدمية في البصرة انه "إذا استطعنا أن نحرك نصف المشاريع المتلكئة فالعراق بخير".
وكشف علي الفارس أن هناك "370 مشروعاً متلكئاً في البصرة من عام 2014 والسنوات اللاحقة، بنسب إنجاز متفاوتة".
في المقابل قال كاظم السهلاني إن سكان البصرة "لم يجدوا حتى الآن خطة واضحة للمحافظة في إدارة المشاريع التي خصصت لها الأموال بتعب المتظاهرين وإصرارهم".
وتابع قائلا: "ربما هذه الفوضوية مقصودة حتى لا نستطيع مراقبتهم وكشف فسادهم".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top