انعكاسات جولات التراخيص على واقع الصناعة النفطية العراقية

انعكاسات جولات التراخيص على واقع الصناعة النفطية العراقية

د.عمرو هشام محمدد.مثنى مشعان المزروعي / مركز المستنصرية للدراسات العربية والدوليةأسباب اللجوء لتراخيص النفط  في ظل ما سبق وغيره من الاتجاهات المتنامية لتحرير الاقتصاد العراقي وجعله يعمل وفقاً لآلية السوق الحر، ناهيك عن الحسابات الستراتيجية والاقتصادية والجيوبوليتيكية لقوى كبيرة ومؤثرة على مستوى العالم والمنطقة الأقليمية،

 ظهرت دعوات لجولات التراخيص التي قامت بها الحكومة العراقية لتطوير الصناعة النفطية العراقية، وترى بعض الآراء أن هذه الجولات لم تأتِ بناءً على متطلبات اقتصادية لوضع سياسي واقتصادي مستقر، وإنما جاءت نتيجةً لضغوطات خارجية، لذلك تعددت الآراء وتباينت بشأن جولات التراخيص هذه فهناك من عدها نصراً للإرادة الوطنية، وهناك من عدها مشروعاً لاحتلالٍ اقتصادي جديد للبلد على الأمد البعيد. قبل الخوض في تحليل تراخيص النفط العراقية لابد من الإشارة الى أن هذا النمط من العقود هو ليس بدعة على الصناعة النفطية، وقد يكون من المفيد الاستعانة ببعض التجارب الدولية في عملية منح التراخيص، كي لا تواجه الحكومات المحلية أو الحكومة المركزية مشاكل مستقبلية من خلال اصدار تشريعات وقوانين متعجلة لا تراعي مصالح العراق في الأمد البعيد والمتوسط والقريب، ونورد في هذا المجال النموذج النرويجي في منح التراخيص والمشاريع المشتركة  ؛ والذي يتصف بالسمات الآتية: - مدة الاستكشاف ست سنوات، ويمكن تمديدها الى عشر سنوات وفق شروط محددة.- صيغة التعاقد هي مشاريع مشتركة تكون الدولة شريكا فيها.- تصر الدولة على أن تختار جهة التشغيل، وعلى غيره من الحاصلين على التراخيص أن يوقعوا اتفاق تشغيل مع تلك الشركة.- تستطيع الدولة أن تقرر حصتها من المشروع.- النظام المالي يفرض ضرائب تذهب مباشرة الى الدولة. - لا تطلب أية علاوات مالية .- يتم التفاهم مقدماً على كل شيء أثناء عملية التعاقد ما عدا برنامج العمل، إذ أنه قابل للتفاوض. - تصر الحكومة على تنوع المرخص لهم في كل مشروع من المشاريع ، ويشمل ذلك توليفة من شركات نفط وطنية ودولية، لأن كل شركة منها تجلب الى المشروع خبرة مختلفة وتعمل كل منها رقيباً على الأخريات .- تنفذ الدولة قبل الشروع بالتفاوض مع شركات النفط ومن خلال مديرية النفط الوطنية، مسحاً زلزالياً وتقييماً للمخاطر وغيرها من الدراسات الفنية لتقدير قيمة أي عقد، وعندما تدعى شركات النفط لتقديم عطاءاتها، فإنها تطالب بتقديم تقييماتها وبرامجها المقترحة.ومع كل هذه الجدلية المتصاعدة بشأن جولات التراخيص التي قامت بها وزارة النفط العراقية، تبقى لهذه الجولات مجموعة من المزايا ولها مجموعة من المثالب، نحاول بحثها باختصارٍ وتجرد ومن وجهة نظر أكاديمية، ويمكن تلخيص أهم المزايا لجولات التراخيص بالآتي:1- ترى بعض وجهات النظر المساندة لهذا الأسلوب بأنها انتصار للإرادة الوطنية المعترضة على مسودة قانون النفط والغاز التي تضمنت الإشارة حصراً لعقود المشاركة في الإنتاج، باعتبار إن هذه الجولات قامت على أساس عقود خدمة وليست مشاركة، تتقاضى بموجبها الشركات الفائزة بالعقود رسوم أنتاج محددة تتراوح بين 1- 2 دولار كمعدل عن كل برميل نفط يتم أنتاجه.2- أثبتت تجارب العراق السابقة خاصة في عقد السبعينيات نجاح تجربة عقود الخدمة، إذ طورت شركات برازيلية الاحتياطي العراقي وقفزت بمعدلاته قفزات مهمة من خلال عقود الخدمة.3- لا تستطيع الكوادر العراقية رغم كفاءتها النهوض بقطاع النفط والغاز بمعزل عن الشركات الأجنبية، إذ أنها تحتاج إلى تكنولوجيا متقدمة ورؤوس أموال طائلة، ونظراً لانقطاع العراق مدة طويلة تزيد على العقدين عن التطورات التكنولوجية في مجال النفط، لذا يصعب تعامل الكوادر العراقية مع التطورات المتسارعة في هذا المجال، ولعل مايثبت ذلك مشكلة حرق الغاز المصاحب التي تحتكر تكنولوجيا فصله شركات معدودة عملاقة الحجم مثل رويال دويتش الهولندية.4- إن إقحام شركات متعددية الجنسية لها ثقلها في استثمارات نفطية في العراق بشكل عام، وفي حقول مشتركة مع دول الجوار كإيران والكويت التي للعراق مشاكل حدودية معها، يعد ذا بعد ستراتيجي على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وقد تكون سبباً لخفض معدلات التوتر على الحدود مع الدول المجاورة، كما قد يحصل العكس والدليل على ذلك احتلال إيران للبئر الرابع في حقل الفكة وتعديات في الانتاج للكويت على حقل الرميلة.5- جعل العراق قوة اقتصادية على المستوى الإقليمي والدولي، وذلك بجعل طاقاته الإنتاجية تتناسب مع احتياطياته النفطية -إذ تعد نسبة الانتاج الى الاحتياطي هي الأدنى في العالم وتبلغ 0.8% كما أسلفنا- وأخذ حصته الحقيقية من السوق النفطية الدولية، وهذا ما قد يثير مخاوف وتدخلات دول نفطية مجاورة مثل دول الخليج وإيران.   وبالرغم من هذه المميزات المهمة إلا إن هناك سلبيات لا يمكن تجاوزها، لابد من الإشارة لها ومحاولة وضع معالجات مناسبة لها، ومن أبرز هذه السلبيات ما يأتي:1- لعل من غير المفهوم أو المبرر عدم وجود أجوبة لسؤال كبير ومحيّر: لماذا شملت جولات التراخيص أهم واكبر حقول نفطية عملاقة تنتج النفط منذ الثلاثينيات؟ ورغم كل الظروف والأوضاع الأمنية فإنها ماتزال تنتج بأيدٍ وخبرات عراقية، والحقول التسعة المعر

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top