كلمة صدق: جبهات الرياضة المتضادّة

محمد حمدي 2019/02/16 07:05:42 م

كلمة صدق: جبهات الرياضة المتضادّة

 محمد حمدي

رحم الله شاعر العراق الكبير معروف الرصافي فقد كانت اضافاته الشعرية من عبر وامثال تغنينا في التعبير عن حالات كثيرة نتعرّض لها ونعيشها يومياً، وقد استذكرت قصيدته التي يقول في مطلعها (يا قومِ لا تتكّلموا - إن الكلامَ محرَّمُ - ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلاّ النُوَّمُ وتأخّروا عن كل ما يَقضي بأن تتقدّموا ).
ومناسبة الحديث والاستذكار هو حول طرح الآراء ومناقشتها التي اكتسبت بُعداً هائلاً كما معروف اليوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبصورة خاصة الفيسبوك الذي اصبح بحق جداراً حراً للتعبير ونشر الافكار على الصفحات الخاصة بأقل تقدير، ولكنه بذات الوقت اصبح نقمة تفقّدك الصديق والزميل لمجرد خلاف الآراء وإن كان بسيطاً بحدود المعقول، وفي مجتمعنا الرياضي ما أكثر الطروحات أو ما نواجه من قضايا وملفات تستلزم الايضاح أو إبداء الآراء والتفنيد أيضاً، ولكنها ستكون وبالاً عليك إن لم تكن ترضي جميع الاطراف التي تطالبك بالصمت، وأحذر فانك عرضة للاتهام والتحزّب والنعت بمختلف الالقاب حتى من أكثر الاصدقاء قرباً أزاء أي ميول تراه الأقرب اليك!
ولعل ما يدور اليوم من آراء متباينة عن طروحات اللجنة الأولمبية وانتخاباتها أو وجهة النظر الحكومية التي أثبتت وصوّرت حجم الانشقاق والتباعد والاختلاف وإن تكن قديمة جداً ومرّت عليها عقود بائسة من زمن ضياع الحلول، فإن تبعاتها تأتيكَ إن كان رأيكَ صريحاً وأشرتَ الى مكامن الخطأ أو قدّمتَ مقترحاً للتوفيق بين المؤسسات الرياضية التي لا تملك من الروح الرياضية غير العنوان المتداول.
ما اتحدث به من تبعات الرأي حدث معي ومع زملاء آخرين في مهنة المتاعب فعندما أشرت في كتابات سابقة الى حق الأولمبية والاتحادات الرياضية في إجراء الانتخابات وتنظيم العمل، إنبرى أحد الزملاء يفند ويعلّق ويصف ما نقول بأنه محاولات أو تبريرات لتمرير ملفات فاسدة، ولو اكمل الزميل القراءة حتى الأخير لأستشفَّ بأني تناولت القوانين المعطلة والبرامج الدورية البائسة للاتحادات الرياضية، وفي ذات السياق هاجمني زميل آخر بذات الطريقة أيضاً يتّهمني بالجري واللهاث خلف من يريدون تعليق الانشطة الرياضية والمشاركات الخارجية ومشكلة هذا الزميل أنه قرأ المقال من الأخير وفاتته البدايات أو انه اتخذ التعصّب منهجاً له وغلق ابواب الانفتاح في الفِكر والتبصّر.
الأمثلة كثيرة ومتعدّدة الأوجه وبالتأكيد مرّ بها جميع من تصدّى لكتابة العمود الرياضي أو حتى التحقيق والتقرير ولمن يريد أن يرى العجب ليشاهد ما كُتب عن فوز قطر بكأس آسيا وإن كانت الموضوعية تغلّف كتابته فكم منتقد وقف بالضد منه مروراً بزوبعة بسام الراوي وغيرها من الآراء التي يكون الزعل والعتب أقل نتائجها.
النقاش وثقافة الحوار المفقودة هي تركة من تركات الوجوه السياسية المتعاقبة وطبقناها في حياتنا اليومية الى أعد الحدود وتسلّحنا بالجبهات المتضادّة التي لا تريد التوصّل الى حلول وسطية أو قانونية ترضي المتخاصمين، وهذا ما يحصل بين المؤسسات الرياضية على اختلاف عناوينها، فلكل منهم شخوصه وطريقته التي يريد أن يسيّر بها المؤسسة على هوى ما يراه، ومن نظرية الصمت المطبق وحديث الطرشان وعدم الاستماع الى الآخر ينبغي أن يكون الحل حكومياً خالصاً من أعلى المستويات وبعيداً عمّا يمثل الحكومة وهي وزارة الشباب لأها أحد الاطراف الدائمة في الأزمة، وكم أتمنى أن يكون التدخّل من مجلس الوزراء وينهي مشاكل التقاطع والقوانين وغيرها الى الأبد وتنتهي بذلك فصول المسلسل المُملّ الذي اشتقنا الى حلقته الأخيرة .

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top