إيزيديّة تنجح  في الهروب من دواعش سوريا بعد 5 محاولات فاشلة

إيزيديّة تنجح في الهروب من دواعش سوريا بعد 5 محاولات فاشلة

 ترجمة/ حامد أحمد

المسير نحو الحرية دام أكثـر من 53 ساعة مع ولدها الصغير تحمله معها طوال الطريق. لم تكن تلك محاولتها الاولى للهروب، فقد حاولت خمس مرات سابقة قبل ان تنجح، ولكن كان من الممكن أن تتعرض للرصاص في مكانها إذا ما مسكها المسلحون وهي تهرب. لقد قطعت الأم وطفلها طريقاً عبر جثث في الظلام، ولما بلغ بهما التعب مبلغاً، حضن أحدهما الآخر وناما على الممر الترابي.

فريال همست بأذن ولدها البالغ خمسة أعوام تطمئنه بأن جديه ينتظرانه وإنهما أخيرا في طريقهما للبيت، وذلك بعد أربع سنوات قضياها أسيرين في قبضة تنظيم داعش. لكنه لم يصدقها.
قالت فريال وهي تستذكر تجربة هروبها مع ابنها من داعش هذا الشهر "كان خائفاً جدا، كنت ماسكة بيده ونحن نواصل المسير بسرعة.
كشفت فريال 20 عاما، انه خلال مدة احتجازها تملّكها ستة أشخاص مختلفين، تباعاً من شخص لآخر عندما يريد مسلح ان يغيرها أو مجرد لتسوية دين مع آخر، ووصفتهم بقولها: "إنهم وحوش يعاملوننا كحيوانات ."
الأعمال الوحشية التي ارتكبت ضد الإيزيديين في جبل سنجار عام 2014 حفزت الولايات المتحدة منذ البداية على شن ضربات جوية ضد المسلحين وبدأت عندها حملة دولية للقضاء على خلافة داعش المزعومة، وبعد أربع سنوات منذ ذلك الحين قد ينتهي التنظيم في غضون أيام بطرده من معقله الاخير في منطقة باغوز شرقي سوريا .
سردت فريال، قصتها الاسبوع الماضي في مدينة، عمودة، شمالي سوريا بعد ان تم نقلها الى هناك بعد إنقاذها هي وابنها من قبل قوات كردية سوريّة تدعمها الولايات المتحدة. طوال فترة المقابلة التي اجرتها مع صحيفة واشنطن بوست كانت تبقي عينيها على ابنها هوشيار، وتحاول إبقاءه بجنبها كلما يحاول التحرك بعيدا. تفاصيل القصة التي روتها أكدها أفراد من عائلتها في شمال العراق وكذلك عبر فريق من نشطاء إيزيديين اتصلت بهم سراً على مدى أشهر قبل الهروب في محاولات لتهريبها الى بر الأمان .
تستذكر فريال كيف قدم مسلحو داعش الى قريتهم، تل بنات في سنجار عند اجتياحه الموصل عام 2014 وكان ابنها هوشيار رضيعاً في حينها وقررت هي وزوجها هاشم، وبقية أفراد العشيرة الهروب مستقلين سيارة مع بقية الإيزيديين الهاربين من القرى المحيطة بجبل سنجار.
وتمضي فريال بقولها "لم نستطع السير بسرعة كانت السيارة محملة بعشرة اشخاص وبعد قطع أميال قليلة قطع داعش الطريق علينا واقتادونا أسرى."
وكان داعش يفصل الرجال والاولاد الكبار عن النساء وبقية الاطفال وغالبا ما يقوم بإعدام الرجال رمياً بالرصاص. أما النساء فقد تعرضن لانتهاكات في مواقع احتجاز وبعد ذلك تم بيعهم لمسلحين في سوق الرقيق للاستعباد الجنسي . تقول فريال إنها وقعت بيد مسلح عراقي من داعش يكنى باسم أبو خطاب، وكان أكثر الاشخاص إساءة في معاملتها، مشيرة الى انه حتى ابنها الصغير هوشيار كان يتعرض للضرب من قبل هذا الشخص. وإن مسلحاً آخر أجبره على وضع يده على صفيح ساخن. منذ ذلك الوقت حاولت فريال الهروب ولكنها لم تنجح، وتقول انه مع كل محاولة هروب فاشلة كانت العقوبة تزداد قساوة، مشيرة الى انه بحلول العام 2017 تخلت عن هذه المحاولات وبقيت مطأطئة رأسها متحملة الإساءة والانتهاكات فقط للإبقاء على سلامة ابنها هوشيار. واضافت فريال بقولها "كنت أعرف إذا قاومتهم قد يحرمونني من ابني الى الابد، وقد فعلوا ذلك بكثير من نساء أخريات ."
ومع تقلص رقعة الخلافة الى قطعة أرض صغيرة خلال الاشهر الاخيرة كان محتجزوها يتنقلون أسبوعياً لتلافي الضربات الجوية الاميركية. وكانت القوات الديمقراطية السورية المدعومة من أميركا تتقرب منهم أكثر في زحفها لطردهم من آخر معقل لهم في سوريا .
وتقول فريال انه في كانون الثاني الماضي أصيبت بشظية في منطقة باغوز السورية اثناء مواجهات مع داعش ولم تتوافر أي رعاية صحية، مشيرة الى ان عيادة القرية كانت مهجورة ولم يكن فيها أي دواء .
وتمضي بقولها "تم دفعنا للشارع وكنت ما أزال أنزف، لم يكن هناك دواء وشاهدنا أناس على الطريق متروكين للموت ." وجاءت الفرصة لفريال وابنها للهروب عندما ازداد الإحباط بصفوف مسلحي داعش وقرروا استخدام فريال وابنها كبطاقة عبور عند اعتراضهم من قبل الجيش الديمقراطي السوري .
في الساعة الثانية والنصف فجراً قام مسلح اوزبكي وعائلته بدفع فريال وابنها من الخيمة في قرية باغوز لتمشي أمامهم وبدأوا الرحلة على الطريق الترابي ليومين مع شدة البرد. وفي الساعة الثامنة صباحا من اليوم التالي سمعوا صوتاً يناديهم، وكانت أضوية كاشفة تشق السماء تنطلق من المكان، كانت تلك نقطة عسكرية للجيش الديمقراطي السوري المدعوم من أميركا. مسلحو داعش رفعوا أيديهم فوق رؤوسهم منادين بالرحمة. ووفقاً لشخص كان حاضرا عن نقطة التدقيق الامني، قال ادّعوا بأنهم كانوا يساعدون إيزيدية على الهروب وحافظوا على سلامتها. ولكن هذه المناشدة لم تنفعهم حيث تم اعتقالهم واستمرت فريال وابنها بالمسير .استغرق الوقت ثلاثة أيام لتتمتع فريال أخيرا بالحرية ولكنها ماتزال خائفة من احتمالية عودة المتطرفين لأخذها من جديد .
وقالت فريال "سأبقى أخشاهم ما دمت حية، قد تكون روحي قوية، ولكن عقلي سيبقى مضطرباً ."
عن: واشنطن بوست

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top