TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: مرارة العلقم

مجرد كلام: مرارة العلقم

نشر في: 4 مارس, 2019: 12:00 ص

 عدوية الهلالي

هي أم ليست ككل الأمهات فقد فقدت خلال سنوات متقاربة أربعة من أبنائها مابين شهيد ومفقود ومريض بمرض عضال فضلاً عن استشهاد حفيدها الأثير مغدوراً بأيدي إرهابية ، وهو ابن مفقود ليس ككل المفقودين ، فقد ضاع دمه بين القبائل وعجز أهله عن اقتفاء أثره أو العثور على معلومة تدلهم عليه ..ففي عملية تفجير ارهابية لمركز شرطة سامراء قبل سنوات ، استشهد شقيقه مدير مركز الشرطة المستهدف بالتفجير وكان ضمن حمايته الشخصية ولم يجد له أهله أثراً بين القتلى او الجرحى فبدأوا حملة البحث عنه في المستشفيات والمعتقلات والسجون العراقية بكل أنواعها دون جدوى ..قال عنه من شهد الواقعة إنه كان حياً بعد التفجير ومصاباً في ساقه ..توقع أهله أن يكون مخطوفا من قبل الإرهابيين وهذا يعني أن يقطعوا الأمل في البحث عنه لكن ورود اسمه في قائمة الجرحى في مستشفى ابن سينا التابع للمنطقة الخضراء منحهم أملاً جديداً بكونه حياً ..قيل لهم إن كل جريح تتم معالجته في المستشفى المذكور يجري تسليمه بعدها الى الحكومة العراقية لتبت في أمره ، لكن كل من طرقوا بابه في تلك الحكومة نفى معرفته به ..ولأن والدته الثكلى لن تصدق يوما أن ابنها اختفى من الوجود مالم تدفنه بيديها او تعانقه حياً سليماً فقد واصلت عملية البحث عنه وصارت تسأل كل من يخرج من المعتقلات عن اسمه أو عن قصص مشابهة لقصته فوقعت ضحية نصب واحتيال من بعضهم وابتزوها بحجة انهم سيدلوها عليه وسيجلبوا لها رسالة أو صورة منه تؤكد وجوده ، وقال لها البعض الآخر إن هنالك معتقلين منذ سنوات لايعرف عنهم ذويهم شيئا فلايسمح لهم بالاتصال بهم ولايرد اسمهم في قوائم المعتقلين والسجناء في الحاسبات الالكترونية ومن دون سبب واضح ..بل سمعت أخباراً مفزعة عن قتل معتقلين وتعذيب بعضهم حد الموت أو إعدام أشخاص معتقلين بدلاً من آخرين يتم الافراج عنهم مقابل صفقات مالية كبيرة ..حاولت الأم ألا تصدق كل ماسمعته فما الفرق إذن بين سجون صدام الرهيبة وبين معتقلات يدخلها خليط من مذنبين وأبرياء فيخضع بعضهم لمحاكمات أو مساومات ويستنشقون هواء الحرية بعدها أو ينالون عقاباً عادلاً بينما تغيب أخبار البعض الآخر لسنوات وسنوات حتى يصيب الكلل أهاليهم ويكفون عن البحث عنهم ويصبح الحديث عنهم مطليّاً بمرارة العلقم فلا هم ضمن الأموات لتكون ذكرياتهم عزاء لأهلهم ولاهم ضمن السجناء ليتمكنوا من زيارتهم بين الحين والآخر ..يظل المفقودون إذن اناسا ضبابيين يصعب اقتناص ملامحهم وبناء قصص جميلة عن اللقاء القريب بها أو قصص حزينة عن فقدانها الى الأبد ..وتظل الأمهات الفاقدات لمثلهم معلقات بخيط أمل واهٍ وليس أمامهن إلا انتظار مالايأتي ..أليس من الواجب في هذه الحالات أن تحظى عملية إدارة السجون والمعتقلات في البلاد بشفافية تمنح النزلاء جميعا حق التواصل مع ذويهم بغض النظر عن كونهم مذنبين أو أبرياء وأن تجري عمليات تفتيش وتدقيق واسعة من قبل المفوضية العليا لحقوق الإنسان لرصد مصائر المفقودين وإعادة الحياة لمن ينتظرهم بشغف ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

سقوط 3 شهداء في انفجارات لبنان

انفجارات جديدة بأجهزة اتصال لاسلكية لعناصر حزب الله في لبنان

البرلمان يؤجل انعقاد جلسته

السفيرة الأميركية: العراق قادر على خلق نموذج اقتصادي يحتذى به

تصاعد أزمة السكن في العراق.. نقص الوحدات السكنية يهدد مستقبل ملايين المواطنين!

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

نتائج اجتماعية سلبية محتملة لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

العمودالثامن: لماذا تصمت نقابة المحامين؟

العمودالثامن: المندلاوي وشعار "مشيلي وامشيلك"

العمودالثامن: حين تغضب النقيبة !!

تشريع زواج القاصرات في العراق خيانة لهنَّ

العمودالثامن: حين تغضب النقيبة !!

 علي حسين لم يخترع بيان المثقفين العراقيين قصة اضطهاد وملاحقة المحاميتان زينب جواد وقمر السامرائي ، ولم يختلق المثقفون الموقعون على البيان حكاية صمت نقابة المحامين على ما جرى ويجري من شتائم واتهامات...
علي حسين

قناطر: بين طفولة الورق وشيخوخة الإلكترون

طالب عبد العزيز أشعر بغربة حقيقية أمام شاشة اللابتوب، وأنا أدوّن المادة هذه، لم أألفَّها والله، مع أنني أمضيت معها أكثر من عشرين سنة، تطالعني وأطالعها كل يوم، حتى صار بإمكاني ترتيب أفكاري، وكتابة...
طالب عبد العزيز

نتائج اجتماعية سلبية محتملة لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

لاهاي عبد الحسين وإنْ ظهرت بعض التصريحات المهدئة من قبل المتحمسين لمقترح التعديل الجائر بحق العائلة والمرأة العراقية والمواطن العراقي نتيجة الجهد الثقافي والأدبي والاعلامي العراقي المعارض الذي اشتركت به أكثرية من النساء والرجال...
لاهاي عبد الحسين

المجتمع الغربي يتجه نحو الفوضى والعنف!

ايف مونتناي ترجمة: عدوية الهلالي مع أعمال الشغب الأخيرة في المملكة المتحدة، رأينا أن المجتمع البريطاني لم يعد يمثل معجزة التوازن بين السكان المحليين والسكان القادمين حديثاً. بل إننا نشعر أن التوترات التي تم...
ايف مونتناي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram