كواليس: مسرحنا بحاجة إلى جمهور واسع متذوق !

سامي عبد الحميد 2019/03/26 12:00:00 ص

كواليس: مسرحنا بحاجة إلى جمهور واسع متذوق !

 سامي عبد الحميد

استطاع المسرحيون العراقيون أن يوسّعوا مساحة الجمهور المتذوق اعتباراً من أوائل الخمسينيات من القرن العشرين وبالتدريج حتى الثمانينيات ثم تراجع الخط البياني وأخذ بالانخفاض بعد ذلك وحتى اليوم . وقد أخذ الجمهور المتذوق بالانحسار وأصبح هذه الأيام مقتصراً على عوائل وأقرباء العاملين بالمسرح وأصدقائهم وعلى طلبة المعاهد الفنية وكليات الفنون الجميلة وكان لذلك الانحسار أسباباً ولعل أهمها ما يأتي :
أولاً: عدم تأسيس مسرح دائم يقدم خلال الموسم المسرحي عدداً من المسرحيات لمؤلفين ومخرجين بارزين وفقاً لخطة معدة مسبقاً .
ثانياً : عدم تقديم مسرحيات كاملة مدتها ساعتين أو أكثر تعتمد في مضامينها على موضوعات اجتماعية أو سياسية تهم المواطنين جميعاً . وهنا أتذكر كيف كان الجمهور يتقاطر إلى مسرح بغداد لمشاهدة مسرحيات مثل ( الخان ) ليوسف العاني أو (بغداد الأزل بين الجد والهزل) لقاسم محمد أو ( بيت برناردا البا) للوركا وسامي عبد الحميد . وكان يزحف إلى مرح الرشيد لمشاهدة مسرحيات مثل ( الجنة تفتح أبوابها متأخرة) لفلاح شاكر ومحسن العلي أو مسرحية ( نديمكم هذا المساء) لعادل كاظم ومحسن العزاوي و(مطريمه) لعواطف نعيم وعزيز خيون .
ثالثاً : معظم المسرحيات التي تقدم هذه الأيام بين الحين والآخر قصيرة ذات مضامين غير مؤثرة في المتفرجين وقد لا تكون مفهومة من الغالبية وبأشكال تدعي التحديد وهي غير مقنعة ، يؤلفها مؤلفون غير معروفين ويخرجها مخرجون غير مشهورين كما في السابق.
رابعاً : غياب الفرق الخاصة ( الأهلية ) عن الساحة المسرحية وعروضها التي كانت تنافس عروض الفرقة الوطنية ، مثل فرقة المسرح الفني الحديث وفرقة المسرح الشعبي وفرقة مسرح اليوم وفرقة اتحاد الفنانين وكلها بلورت جمهورها المتذوق والمتزايد عدداً .
خامساً: غياب الكاريزما لدى عدد كبير من المشتغلين في الفن المسرحي من مؤلفين كيوسف العاني وعادل كاظم وطه سالم ومحي الدين زنكنة وفلاح شاكر ومن المخرجين أمثال إبراهيم جلال وجاسم العبودي وبدري حسون فريد وعوني كرومي وممثلين وممثلات أمثال خليل شوقي وزينب وناهدة الرماح وسليمة خضير ومحمود أبو العباس وخليل عبد الواحد .
سادساً: توسع رقعة المسرح التجاري وتدني عروضه المسرحية مما أعطى انطباعات سيئة عن العمل المسرحي وأدى إلى امتناع أعداد كبيرة من المتذوّقين
. لمشاهدة العروض المسرحية .
واليوم إذا أردنا أن نعيد إلى مسرحنا جمهوره الغفير المتذوق ونحوّل ارتياد المسارح إلى عادة اجتماعية حضارية فلا بد من أتابع ما يأتي :
أولاً : إقامة مسرح دائماً وخصوصاً من قبل الفرقة الوطنية للتمثيل .
ثانيا – إحياء الفرق الأهلية الخاصة واسنادها مالياً في بداية عملها الجديد من قبل وزارة الثقافة .
ثالثا: اشتراط تقديم مسرحيات ذات مضامين شعبية تعكس هموم المواطن وطموحاته نحو حياة أفضل ومسرحيات اجتماعية طويلة تغطي ساعات السهرة فيها المتعة والعبرة .
رابعاً : إقامة رقابة صارمة على عروض المسرح التجاري لكي لا تشوه سمعة الفن المسرحي وتوسيعة وتبتعد عن الابتذال والتهتك والاساءة للخلق .
خامسا: إعمار بعض أبنية المسارح مثل مسرح الرشيد ومسرح بغداد ومسرح النجاح .
سادساً: إضافة مسرح دائم موجّه للأطفال كي تتم تنشئة جيل مسرحي متذوق .
سابعاً : تأسيس فرقة ظل للفرقة الوطنية ، فرقة مكونة من الشباب ومن المتخرجين في المعاهد والكليات الفنية .
ثامناً : إخراج ميزانية الفرقة الوطنية من التمويل الذاتي وتخصص ميزانية خاصة لها ضمن الميزانية السنوية للدولة . كما هو الحال في الدول المتقدمة .
تاسعاً : العمل على تنوع البرنامج المسرحي السنوي للفرقة الوطنية للتمثيل بحيث يشمل عروضاً للمسرحيات الأجنية والعربية المشهورة إضافة إلى المسرحيات العراقية .
عاشراً : إحياء التراث المسرحي العراقي باعادة تقديم مسرحيات عراقية سبق وأن نالت شهرتها لمؤلفين ومخرجين ومصممين معروفين.
أحد عشر : تأسيس تقاليد مسرحية مثل تقديم ملحمة كلكامش سنوياً على أن يخرجها كل مرة مخرج متمكن وتقديم عروض لمسرحيات معدة عن حكايات ألف ليلة وليلة ، لكي تتخذ من الفن المسرحي جذباً سياحياً وهذا ما سبق وأن أشرت إليه مرّات عديدة .

تعليقات الزوار

  • حمزة علي

    الاستاذ العزيز , شكرا جزيلا على هذة الالتفاته المهمة الى ضرورة توعية الجمهور بالمسرح في هذة المرحلة. هل تعتقد ان غياب تقديم درس المسرح في المدارس الحكومية في المراحل المختلفة هو عامل اخر في عدم معرفة و تذوق الفن المسرحي وابداعه ؟

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top