الأصول الشعبية للسينما الطليعية

الأصول الشعبية للسينما الطليعية

باريس/خاصّ

بالشراكة مع مركز جورج بومبيدو، تقدم مؤسّسة جيروم سيدو ـ باثيه دورةً مخصصة للسينما المُبكرة، وعلاقاتها مع الحركات الفنية الطليعية.
في فجر العشرينيّات من القرن العشرين، ظهر هناك جيل جديد من الفنانين وُلدوا مع السينماتوغراف، وكان هؤلاء يرتادون باجتهادٍ الصالات المظلمة، ويشعرون بالحماس تجاه الشخصيات التي يشاهدونها على الشاشة، وهكذا كانت السينما تُحفز خيالهم، وتُغذي ممارساتهم الفنية.
يعترف الشاعر، والكاتب "أندريه بريتون" بأنه لم يكن يعرف شيئاً "أكثر جاذبيةً"، ويعتبر الشاعر "روبرت دينسوس" السينما مثل "مخدر" قويّ، بينما يرى المُنظر المسرحي، والممثل، والكاتب، والشاعر "أنتونان أرتو" في السينما "أداة إثارة مروعة".
في نهاية الحرب العظمى، استولى هؤلاء الفنانين، سواءً كانوا شعراء، رسامين، أو موسيقيين، على الوسيط السينمائي لجعله أرضاً جديدة للتجريب.
استمدوا الدعم من روح الحركات الفنية الطليعية، السرعة، والحركات الميكانيكية للحياة الحديثة انعكست في العمليات، والتقنيات التي يحشدها الفيلم: مونتاج، مزج اللقطات فوق بعضها، تثبيت الصورة، الحركة المُتسارعة، الحركة البطيئة، ...
وبزعزعة رموز، وإشارات التجسيد، امتلأت تلك الأفلام بذكرياتٍ من مشاهد الحيل التي نشّطت السينما منذ بداياتها (الموكب الكبير، مصنع الحلم، رقصات مرعبة).
الأفلام الهزلية، حيث تتلاحق المطاردات، ومشاهد التحطيم، سوف نجدها في أفلام مثل "استراحة" لـ"رينيه كلير" عام 1924، أو في الفوضى المرئية، وعدم تناسق السرد في فيلم "العودة إلى المنطق" لـ"مان ريه" عام 1923.
بدورها، الأفلام العلمية مع العديد من اللقطات القريبة التي تكشف عن عالم غير مرئيّ حتى الآن، الهمت العين الحديثة لخيالهم العضوي (السينما السائلة، التحوّلات).
وكحال معاصريهم، فقد افتتن الفنانون الطليعيون أيضا بالمسلسلات، ومنها "مصاصو الدماء" للفرنسي لويّ فوييّاد (1915) الذي يمثل النموذج الأمثل.
وفيما إذا كان ظهور الطليعة السينمائية وُلد من هذا اللقاء الحماسي مع السينماتوغراف في أوائل القرن العشرين، سوف يواصل العديد من الفنانين، والمخرجين هذا المسعى لإعادة التفكير في التجسيد، وتحدياته من خلال منظور الصورة في حركة.
من خلال وضع رواد التجريب في دائرة الضوء، يفتح هذا البرنامج بشكلٍ متعمد على إنتاجات النصف الثاني من القرن العشرين التي تميزت في البداية بظهور طليعة سينمائية ثانية على الأرض الأمريكية. (مايا ديرين، هاري سميث، ستان براكاج ...)، ثم من خلال تجدد الاهتمام بسينما البدايات مع جيل من المخرجين في نهاية الستينياّت (إرني غير، كين جاكوبس).
بعد أن صاغوا الخيال الشعبي، استوحى هؤلاء الفنانين من هذا التراث، وبالأن ذاته، عمدوا إلى كسر رموزه.
هذه الحدود القابلة للاختراق بين السينما الطليعية، ومصادر الهامها، طورتها مؤسسة جيروم سيدو ـ باتيه، ومركز جورج بومبيدو، والتي سوف تسلط الأضواء عليها خلال الفترة من 9 وحتى 30 أبريل 2019.
من بين الأفلام التي سوف تقدمها هذه الحلقة:
المعطف (1926)، غريغوري كوزينسيف.أومو ميكانيكو (1921)، أندريه ديد.
باريس التي تنام (1924)، واستراحة (1924)، رينيه كلير.
وقد حرصت التظاهرة على توزيع هذه الأفلام في برامج موضوعاتية تحت عناوين دالة:
مصنع الحلم، الهلوسة، آلات الرغبة، الموكب الكبير، التحوّلات، السماء مرئية من الأعلى، الأرض مسطحة، رؤية من الأعلى، المدينة الحديثة، مصاصو الدماء، الجسد في كل حالاته، فوضى عامة، السينما السائلة، في الوقت المناسب..

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top