حكومة نينوى المؤقتة بدون صلاحيّات واضحة.. وفكرة الإقليم تغري سكّانها

حكومة نينوى المؤقتة بدون صلاحيّات واضحة.. وفكرة الإقليم تغري سكّانها

 ملفّات الفساد التي فُضحت بعد حادثة العبّارة تصدم رئيس الوزراء والمسؤولين

 بغداد/ وائل نعمة

تلاعب المدّ والجزر السياسي والأمني بفكرة إنشاء إقليم في نينوى خلال السنوات العشر الماضية، واليوم تشجع البصرة التي خطت لأول مرة منذ 2003 خطوات جادة باتجاه الفدرالية، السكان في الموصل للسير على الطريقة البصرية.
خيط رفيع يفصل بين الرفض والقناعة بأن الإقليم هو الحل الحاسم لمشاكل الموصل. ذلك الخيط هو التغيرات الأخيرة التي جرت في المدينة، بعزل المحافظ ومعاونيه، وخروج المسؤولين والسكان معاً عن الصمت بعد سنوات من الكتم الإجباري.


يشعر الاثنان (السكان والمسؤولون)، بحسب مراقبين، بحالة من الحرية لأول مرة منذ سنوات فجّرتها حادثة العبارة، التي أطلقت العنان لفضح ملفات الفساد المخفية في الموصل، بينما كانت تهمة "الدعشنة" جاهزة لمن يجرؤ من الطرفين على مثل ذلك الكلام.
ويقول حسن السبعاوي، وهو عضو في مجلس محافظة نينوى لـ(المدى): "صُدم رئيس الوزراء والمسؤولون بالقضايا التي فضحت بعد حادثة العبارة (...) كانت بعض الجهات تغطي على ما يحدث في المدينة."
لأول مرة من بعد تحرير الموصل من داعش (تحررت قبل نحو عامين) يجرؤ مسؤولون ونواب على اتهام جهات متنفذة في الموصل، تدعي انتماءها الى الحشد الشعبي، بمسؤولية غرق العبارة وتهريب النفط والسكراب.
وكانت لجنة تقصي الحقائق، وهي لجنة شكلها البرلمان قبل 5 أشهر للتحقيق في أوضاع الموصل، كشفت تورط شخصيات تدعي انتماءها الى كتائب الإمام علي، في عمليات الفساد في المدينة، وهو ما دفع البرلمان قبل أكثر من أسبوعين للتصويت على عدة قرارات تمنع وجود مثل تلك الجهات في نينوى.

من البصرة إلى الموصل
ووجدت الحكومة في بغداد - عقب صدور تقرير اللجنة وحادثة العبارة اللذين تزامنا تقريبا - نفسها أمام مأزق جديد بينما هي تحاول أن تطفئ النيران التي قد تشعل قريبا في البصرة، على إثر استمرار فشل الخدمات ومعالجة المياه المالحة، ما دعا (الحكومة) إلى أن تشكل خلية أزمة في الموصل لإدارة المدينة مؤقتاً.
الخلية التي حلت محل المحافظ نوفل العاكوب الذي أقاله البرلمان في جلسة 25 آذار الماضي، حظيت بتأييد شعبي، وتفاعل السكان معها بشكل كبير خاصة في حملات التنظيف التي انطلقت يوم أمس.
وعالجت الخلية برئاسة مزاحم الخياط وعضوية قائدي العمليات والشرطة، حتى الآن مشاكل طفيفة في المحافظة، مثل إعادة تسعيرة مولدات الكهرباء ورفع الكتل الكونكريتية من شوارع الموصل.
يقول حسام العبار، وهو عضو آخر في مجلس محافظة نينوى لـ(المدى): "خلية الأزمة مدعومة من رئيس الوزراء (..) نأمل أن تحصل على استثناءات لحل المشاكل في نينوى".
حتى هذه اللحظة لا توجد تفاصيل واضحة عن حدود صلاحية هذه الخلية، وفيما لو أنها قادرة بالفعل على ضبط الاوضاع في المحافظة، وإعادة الإعمار والنازحين، وهي أكبر عقدتين تواجهان نينوى.

نينوى بلا محافظ حتى حزيران
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، وهو من أشد المتحمسين للخياط، كان قد كلف الأخير قبل ذلك بعامين برئاسة لجنة لإعمار الموصل، ولم تنجز اللجنة أعمالاً واضحة، بل صنفت من قبل مسؤولين على أنها إحدى الجهات التي بعثرت جهود الإعمار.
ويقول مصدر مطلع في نينوى لـ(المدى) طلب عدم نشر اسمه إن "عبد المهدي وجّه بشكل غير علني أن يتم تأجيل النظر باختيار محافظ لنينوى على الاقل شهرين"، دون إيضاح الأسباب التي دعته إلى مثل تلك الخطوة.
وعملياً ستنتظر المحافظة 45 يوماً لاختيار بديل عن العاكوب، بينها شهر لجواب المحكمة الإدارية على الطعن الذي قدمه الاخير (قدمه في الاول من نيسان الحالي) حول قرار إقالته من البرلمان، و14 يوماً لفتح باب الترشيح والتصويت على محافظ جديد.
ولا يعرف مصير العاكوب، بعدما أصدر القضاء عقب يوم واحد من إقالته، أمراً باعتقاله مع 7 موظفين في الحكومة المحلية. وتقول بعض المصادر إن المحافظ قد يكون "خارج العراق الآن"، بينما المعتقلون الآخرون قد تم الإفراج عن أغلبهم بكفالة.

صلاحيّات محدودة
وكان البرلمان قد أصدر إلى جانب قرار إقالة المحافظ، عدة توصيات ،منها إغلاق المكاتب الاقتصادية في نينوى، وإخراج الحشد الشعبي، وإعادة النازحين، لكنّ انتصار الجبوري وهي نائبة عن نينوى تقول لـ(المدى) انه "لم يتحقق شيء من تلك التوصيات حتى الآن".
من جهة أخرى عاد زعيم التيار الصدري، مؤخراً، للحديث مرة أخرى عن الفساد في الموصل، بعد 5 أشهر على تحذيراته السابقة التي كانت السبب في تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق.
وقال الصدر في تغريدة جديدة بعد انقطاع دام لـ3 أشهر: "بعد أن حررت الموصل الحبيبة من أيدي الإرهاب الداعشي بفضل سواعد القوات الامنية والمجاهدين الأبطال.. ها هي اليوم أسيرة دواعش الفساد.. وتعاني السلب والنهب والاتفاقات التجارية حتى مع الإرهابيين الدواعش".
وأضاف إن "تلك المحافظة تحتاج الى وقفة جادة من ذوي الحكمة والتعقل لنبعد عنها أيدي الإثم والفساد والظلم والاختطاف".
وتقول الجبوري انه لايمكن حل مشكلة الفساد في الموصل بإقالة المحافظ، وإن "الصدر" تصله تلك المعلومات بالتأكيد.
وتضيف النائبة إن مشاكل نينوى لايمكن أن تحل عبر "خلية أزمة بدون صلاحيات واضحة"، مشيرا الى أنه "غير معروف فيما لو كانت خلية الازمة تملك صلاحيات دفع رواتب أو التوقيع على الصكوك".
وتخشى الجبوري أن يدفع الفشل المستمر في المحافظة إلى "اقتناع السكان بفكرة الإقليم خصوصاً إن البصرة تمضي بهذا الإجراء".
وفي شباط الماضي فاجأت مجموعة موصلية تقول بأنها "مستقلة"، الجميع حين أعلنت أنها تمتلك نصف مليون توقيع من أبناء نينوى مؤيدين لإعلان الإقليم، لتعيد انتعاش الفكرة التي طرحت مرتين قبل ذلك في عامي 2008 و2014 (قبل ظهور داعش)، ولم تصل الى مراحل متقدمة.

دواعش العبّارة
تدريجياً تلاشت أهمية خبر اعتزام تلك المجموعة "المستقلة" إنشاء إقليم مع التطورات الأخيرة وغرق العبارة، والبحث عن الضحايا الذي مازال يعتقد بأن 40 الى 45 منهم مازالوا في عداد المفقودين.
وساعدت بعض المنح من بغداد والتحالف الدولي في إرسال زوارق والمتطوعين، وخاصة الفريق التركي للغواصين (مكون من 25 غواصاً) في العثور على عدد أكبر من الجثث، خاصة أن الفريق الأخير يمتلك أجهزة سونار تكشف مكان الضحايا رغم تعكر المياه وسرعة جريانها.
بالمقابل يقول حسام العبار إن "109 جثث قد تم تسليمها الى الطب العدلي حتى اللحظة"، مشيرا الى أن بعض عوائل "داعش" حاولت وضع أبنائها المنتمين الى التنظيم في قوائم المفقودين، لكن تم اكتشافهم عن طريق قاعدة البيانات.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top