قرار سياسي خفي بالتراجع عن فكرة إخراج القوّات الأميركيّة من العراق

قرار سياسي خفي بالتراجع عن فكرة إخراج القوّات الأميركيّة من العراق

 نائب: قوّات التحالف تدرِّب وتسلِّح لواءً عسكريّاً كلّ 45 يوماً

بغداد/ وائل نعمة

يوماً بعد آخر تنكشف أوراق جديدة بشأن تراجع القوى السياسية والبرلمان عن مشروع قانون تحمست له بعض الاحزاب، لإخراج القوات الامريكية من العراق.
المشروع أضحى الآن وكأنه حركة مستعجلة، سرعان ما تم تلافيها من البرلمان الذي بدوره رمي الكرة الى ملعب رئيس الوزراء، الذي عليه اتخاذ القرار بنفسه.
وقبل عدة أسابيع، وصل أغلب النواب الى قناعة بأن ليس من مصلحة العراق، الآن على أقل تقدير، أن يدفع باتجاه إجلاء القوات الأمريكية.
لكن بقيت تلك القناعات في طي الكتمان، منعاً من الحرج الذي ستقع فيه بعض الأحزاب مع جمهورها الذي ينتظر وعودها بإخراج القوات الأجنبية.
ولكي يتجنب الجميع (قوى سياسية ونواب) الحرج، فكروا بأن يتم تغيير صيغة القانون من "إخراج قوات" الى "تنظيم" وجودها داخل العراق.
ولم يقتصر ذلك التحول في الداخل، لكن حتى في طهران الذي زارها عبد المهدي السبت كشفت بعض التصريحات عن تناقض بين كلام مرشد الجمهورية علي خامنئي وقائد عسكري إيراني كبير، قد يفسر بأن الجمهورية الإسلامية في مأزق بين جمهورها وبين ما يجري على الأرض. وقالت وسائل إعلام إيرانية يوم السبت إن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أخبر عبد المهدي أثناء تواجد الاخير في مقر المرشد: "يجب التأكد من أن الأمريكيين سيسحبون قواتهم من العراق بأسرع ما يمكن ،لأن طردهم يصبح صعباً عندما يستمر وجودهم العسكري طويلاً في أي بلد". وقال خامنئي إن "الحكومة العراقية، والبرلمان، والنشطاء السياسيين الحاليين في البلاد لا يرغبون في (بقاء) الأمريكيين ...ويخططون لإبعادهم عن السياسة العراقية"، فيما لم يضم البيان الرسمي الصادر عن رئيس الحكومة عن اللقاء الذي جمع الطرفين، أي تلميح لمثل تلك التصريحات.
وتتضارب التصريحات المنشورة مع ما قاله رئيس الاركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، أمس، بأنه بحث مع رئيس أركان الجيش العراقي عثمان الغانمي التواجد العسكري الاميركي في العراق، وأن الاخير "طمأنه بانه ستكون له سيطرة أكبر في هذا الصدد وان تواجد القوات الاميركية هو لتدريب القوات العراقية فقط وهم (القوات) تحت إشراف الجيش العراقي". وتتطابق هذه التصريحات، مع ما قاله عبد المهدي في شباط الماضي، عقب زيارة القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي باتريك شاناهان، الى بغداد حينما أشار الى أن "القوات الأجنبية في العراق بما فيها القوات الأمريكية ليست لديها مهام سوى تدريب الجانب العراقي وتقديم الإسناد في محاربة عناصر داعش فقط".

الاتفاقية الأمنيّة
بدوره قال عبد الخالق العزاوي، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان لـ(المدى): "ليس من حق أي دولة أن تحدد طريقة تعامل العراق مع وجود القوات الاجنبية (...) هذا قرار عراقي". وأضاف العزاوي وهو عضو في ائتلاف الوطنية إن "العراق والولايات المتحدة مرتبطان باتفاقية رسمية وقعت من قبل الحكومة العراقية".
وخلال الاشهر الثلاثة الماضية، تنصل رئيسا الوزراء السابقان حيدر العبادي ونوري المالكي عن إدخال القوات الامريكية الى العراق.
وجاءت تلك الاحداث في وقت صعدت فيه قوى سياسية قريبة من الحشد الشعبي، خطابها ضد تواجد القوات الاجنبية في العراق.
وأعلنت تلك الجهات اعتزامها تقديم مشروع قانون لإجلاء القوات. وفي شهر كانون الثاني الماضي، قدم رئيس كتلة سائرون المحسوبة على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قانوناً بهذا الصدد.

تبدّل المواقف
في ذلك الوقت بدأ التراجع يظهر تدريجيا. ويقول نائب طلب عدم نشر اسمه لـ(المدى) ان "البرلمان مازال ينتظر ردود عبد المهدي عن الاسئلة حول حجم ومكان القوات الاجنبية وقواعدها (...) وحتى ذلك الوقت سيبقى أمر إجلاء القوات معلقاً".
وأشار النائب وهو عضو في لجنة الأمن في البرلمان الى أن الأسئلة الموجهة لم تحدد بسقف زمني، مضيفاً بالقول: "أغلب القيادات العسكرية في الجيش والشرطة أكدت لنا حاجتها لبقاء القوات الامريكية من أجل التدريب والإسناد والتصوير الجوي". وبين النائب أن القوات الاميركية والاجنبية الاخيرة تُخضع كل القوات الامنية الى دورات مستمرة، بمعدل 45 يوماً تدريب لكل لواء، كما توفر أسلحة وتجهيزات كاملة بعد نهاية كل دورة "حتى الآليات الخاصة بنقل الوقود والماء ".
وبحسب تلك المعطيات يتوقع النائب أنه في أحسن الأحوال قد يتحول القانون المقترح من "سحب القوات" الى "تنظيم وجود القوات في العراق".
وقال رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهو جزء من كتلة البناء، التي تضم جهات معارضة للتواجد الامريكي، في مطلع شباط الماضي، ان "إصدار أي قانون لإخراج القوات الأجنبية من العراق يتطلب موقفاً من القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، وأنه سيتم توجيه طلب لعبد المهدي للحضور إلى البرلمان، للكشف عن أعداد القوات الأجنبية المتواجدة في البلاد والدور الذي تؤديه".
وزاد الحلبوسي حيرة شركاءه في حديثه الاخير من العاصمة الأميركية واشنطن، الذي اشار فيه الى ان "الوجود الأميركي ضمانة للعراق، والمطالبة بسحب قوات التحالف في هذه المرحلة تصبّ في مصلحة الإرهاب"، قبل أن ينفيه بعد ساعات من نشره.
بعدها بدأ بعض النواب المتحمسين الى تشريع القانون، الى تبرير تعطل إدراجه في البرلمان الى كثرة زيارات الحلبوسي، فيما قال عضو تحالف سائرون صباح الساعدي، إن تحالفه "لم يسحب المشروع، وقد وقع البعض في هذا الوهم"، داعياً الحلبوسي إلى "إحالة المقترح إلى اللجان النيابية المختصة: الأمن والدفاع، والعلاقات الخارجية، وفقاً لأحكام النظام الداخلي".
بالمقابل قال العزاوي، عضو لجنة الامن في البرلمان، ان اللجنة "لم تتسلم حتى الآن أي مشروع حول إخراج القوات الامريكية".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top