ندوة حوارية ... الهوية الطائفية وتأثيرها على التعليم

ندوة حوارية ... الهوية الطائفية وتأثيرها على التعليم

أربيل / المدى

ضمن فعاليات ونشاطات معرض أربيل الدولي للكتاب بدورته الرابعة عشرة أقيمت ندوة حوارية بعنوان (الهوية الطائفية وتأثيرها على التعليم) شارك فيها د. محمد إحسان، د. يوسف حمه صالح، والكاتب الصحافي علي حسن الفواز قدّمها وأدارها الصحافي حسين رشيد الذي وجه سؤاله الأول:
ما بعد ٢٠٠٣ أخذت مناهج التعليم تعمل على ترسيخ نوع من الطائفية الهادئة وبشكل تدريجي أخذت معاول الطائفية تدخل بقوة الى المناهج ثم دخلت الدينية كما حدث قبل فترة الأمر الذي استدعى تشكيل لجنة تحقيقية للوقوف على حيثيات القضية.


د.حمة صالح: بداية يجب أن نعرف الطائفية، هي نوع من الانشاق الداخلي بين أفراد الوطن الواحد وهي مغلفة بغلاف الدين وقدسيته ، بعض المسائل الطائفية تؤثر على البنية الاجتماعية وأبناء الوطن وكذلك تكرس حالة من العداوة والحقد وتنمية العداء بين أفراد المجتمع الواحد والأنكى من ذلك إنها أدت الى محو نزعة حب الحياة للفرد العراقي بصورة عامة أو عند الطائفيين وهم كثر لذلك الحياة تطلب الفن والثقافة والأدب والتعليم والتربية. الطائفية من وجهة نظري سوف تلغي كل هذه الأمور التي يحتاجها الفرد وتحتاجها الحياة وتصبح هي بديلاً لكل شيء لأنها هي مغلفة بغلاف الدين وسيكون الدين بديلاً عن الكيمياء والفيزياء وبقية العلوم هنا فساد الدين والمجتمع والسياسة أيضاً.
لذلك لو نرجع للتعليم سنرى إن عملية الانحدار بدأت منذ ١٩٦٨ لكن لكي نكون منصفين هذا الانحدار ومستوى التريية والتعليم في السبيعنيات أفضل من الثمانينيات وهذا يشمل الاقليم أيضاً، وهنا علينا ان لانحمل الطائفية كل الأسباب ، نعم هي التي كرست هذه الحالة من التخلّف في التعليم وزرعت في أذهان الناس أن العلم لا فائدة منه وخلقت إحساساً بعدم العدالة على سبيل المثال شخص غير متعلم لكن يظهر بشكل دائم من خلال القنوات الطائفية وتحول الى ظاهرة اعلامية وربما مثال للكثير من الشباب . الكادر التدريسي هو الآخر ضعيف جداً من الروضة الى الجامعة وانعكس على الطالب فضلاً عن نظرة العائلة للتعليم اذ اختفت النظرة المهيبة للتعليم والمعلم .
حسين رشيد: لماذا هذا الإصرار على ان يكون هناك هوية طائفية داخل وسائل التعليم؟
علي الفواز: الموضوع خطير جداً لأنه يتعلق بقضايا التأسيس ، موضوع الطائفية هو نتيجة لأسباب لم تعالج بشكل عميق ومهني ومسؤول ، مفهوم الطائفية يرتبط بمفهوم الحاكمية وبمفهوم الهيمنة والمركزة والأيديولوجيا لاسيما وإن العراق منذ عام ١٩٢٠ حينما تشكلت الدولة العراقية كان هناك مجموعة من التوصفيات التي ارتبطت بهذه الدولة وكرست إطاراً معيناً للتعايش والى حد ما العزل لكن هذا لم يكن واضحاً في طبيعة الدولة وإدارتها للملف السياسي. لكن الأزمة العميقة بدأت بعد ١٩٦٣ حينما بدأت للعسكرة والأدلجة وبالتالي خلقت هذه المراكز مجموعة من الأطر التي حكمت علاقة الجماعات داخل الفضاء العراقي بسياقات معينة من ضمنها السياق الطائفي.
ما بعد ٢٠٠٣ بتقديري يرتبط بضعف الدولة الجديدة يعني حينما نتحدث عن سياسات وستراتيجيات لها علاقة بصياغة عقد اجتماعي أو تعليمي أو ثقافي أو حقوفي بين المكونات هذا يرتبط بوجود إطار قانوني يكفل صياغة هذه العقود ،
الدولة هشة ضعيفة جاءت بفعل عوامل خارجية وبالتالي حتى الإدارة التي تسلمت مسؤولية الدولة لم تكن بمستوى المسؤولية لإدراك هذه الخطورة فاذا لم تكن هناك أطر قانونية وحقوقية تكفل هذا التعدد والتنوع على وفق من الالتزامات الطائفية بمعنى الأيديولوجيا عكس الطائفة، الطائفة انتماء ثقافي اجتماعي لكن تحول الطائفة الى طائفية يعني تحول من القيمة الثقافية الى الأيدولوجية وبالتالي هذا الإطار يعني وجود مجموعة من الجماعات التي توجه هذا المسار اعتقد أن الطائفية في العراق تعبر توجهات القوة الحاكمة المهيمنة وهذه القوة لم تدرك أن تبدأ الطائفية أو تتحول داخل المؤسسة التعليمية لأن معناها تصنع عقلاً ووعياً جديداً لذلك الآن عندما نتحدث عن هذه الأمور يجب أن نتنبه ونتحفز نحن كمعنيين بالصناعة الثقافية والدرس التعليمي والاكاديمي ، إذا لم تكن لدينا جملة من السياسات و التوجهات والستراتيجيات الكبرى التي يمكن أن تعكس صياغة الدرس التعليمي ، ينبغي أن يرتبط الدرس التعليمي بالحقوقي بالاخلاقي بالمعرفي واذا لم ننتبه أن هذه التداعيات أو تضخم الطائفية بحيث إنها تتحول الى سياسة وهي أخطر ما بالطائفية ، أن تتحول الى سياسة معناها أن هناك أحزاباً وجماعات وميليشيات قوية وسرية تحت الطاولة تتحرك لكي تدير الملف وبالتالي تهيمن على العقل العراقي الجديد ، وحتى نوفر فضاء للتعايش للحوار للقبول بالاخر المخلتف يجب أن نتبنى هذه السياسات ليس فقط على مستوى الدستور ، وإنما على مستوى جملة من القوانين والتشريعات الكافلة والحمائية للعقل العراقي. فاعتقد إن الحديث عن الطائفية يجب أن يقترن بوجود حديث ضدي ينبغي لنا كمعنيين أن نتبنى جملة من السياسات وربما سأتحدث عنها فيما بعد
حسين رشيد: كيف يمكن أن ندير العملية التربوية في ظل دستور إشكالي ؟
د.محمد إحسان: الدستور من ناحية الكتابة لا يوجد فيه طائفية أبداً مثل القرآن فيه الكثير من الأمور المقدسة لكن المسلمين الذين يقومون به غير مذكورة بالقراءات بل نتاج تفسيرات شخصية الدستور ليس طائفياً وأنا واثق وكنت معاصراً لكن تطبيقات الدستور فيها طائفية وقومية، النص شي والتطبيق شي آخر.
التعليم هو انعكاس لوجهة نظر الحكومة قبل الطائفية كان التعليم في الدولة فكرة قومية عربية بحتة طبعاً بعد ما صار التغيير ٢٠٠٣ وردة فعل حول دولة قومية عربية بحتة الفقاعة الجديدة للدولة صارت اكثريتها طائفية ، نظام التعليم في البلد ينعكس سياسة توجه العالم ، لأن العراق منذ ١٩٥٨ ابتعد عن القيم التعليمية الاساسية
عام ١٩٦٨ أخذت القيم الاخلاقية تقترب من عربية قومية شوفينية بحتة ، الإسلام أصبح متطرفاً سياسياً أكثر من قيم التسامح والقيم الأخلاقية الموجودة.
بصفتي متابعاً لهذا الموضوع أعمل في معالجة مناهج التعليم وكيف تتحول الدولة من النظم الشمولية الى ديمقراطية كيف تستفيد من التعليم وترسخ مجموعة من القيم. طبقا بعض من ذلك في كوردستان القيم الاساسية الذي ركزنا عليها الخصوصية العدالة السلطة المسؤولية مشكلة التعليم في العراق مرتبط بهوية الدولة حتى بالعصر الملكي كانت دولة قومية بحتة كي لا ننسى ذلك ثم جاءت المرحلة البعثية القومية عام ٦٨ فقط المرحوم عبدالكريم قاسم كان مصلحاً لكن بسبب ذلك الإصلاح وقف الكثير ضده بعد 2003 تغيرت المعادلة من قومية الى طائفية .
قدمت مشروعاً كاملاً لأحد وزراء التربية الذي قال لي: كاكا محمد نحن نعاني منذ ٥٠ سنة من القومية العربية اعطونا مجال على الاقل ٥-٦ سنوات لأجل التغيير ودخول تحديث بالمنهاج .
ارتبط بالتعليم الطائفي ٣ جوانب ، الأول المعرفة التي تعطيها للطالب هل المعرفة حقيقية أم طائفية كانت معرفة قومية عربية بحتة بعدها طائفية مختلطة مع قومية عربية بنوع من مكياج خجول لبعض المقومات ، النقطة الثانية مهارات الكادر التدريسي في حالة كلاسيكية قديمة متخلفة متعفنة خارج ركب التعليم الحديث. النقطة الثالثة الموقف أنت تعطيني نصاً يتكلم عن التسامح إذا كان هذا الشخص غير مؤمن بالتسامح لايعرف التسامح وطائفي بحت، كنا قبل نعتقد إن هذه الامور مؤقتة وفقاعة وستزول لكنها تركزت بنظام الدولة لكن بالنهاية الفكر القومي المتطرّف أدى العراق الى ما نحن عليه ومن يعمل على الفكر الطائفي العفن
في أي مكان لا يكون ، حتى وإن كان في كوردستان سيؤدي الى الخراب.
المرحلة الانتقالية بالعراق أدت الى كوارث ودواعش وقاعدة لأن أسس العدالة الاجتماعية غير صحيحة وأهم شي من ناحية التربية كان نركز على مفهوم المصالحة والحياة معاً التعليم بعد ٢٠٠٣ ركزنا على مفهوم المفارقة وعمق الخلافات الاجتماعية .
حسين رشيد : أشرت الى الكارثية بعد ٢٠٠٣ من يقف وراء هذه الكارثية؟
د. محمد إحسان: بالعالم الطائفية تبدأ من الأسفل الى الأعلى بالعراق من الأعلى الى الأسفل الخراب بدأ من فوق ، من السياسيين والشعب ، من يقف وراء هذا الخراب أما الجهة المحتلة فهذه الفقاعة نعم امريكا جهة محتلة لكن لو سمع العراقيون كلام الامريكان كان باتوا كعبة الشرق الأوسط بالثقافة والتعليم وأنا ضد هذه الفكرة
اقرأ الاتفاق الاستراتيجي مع الامريكان وانظروا الى الانتخابات الأخيرة كل ما كان أكثر طائفية حصد أصواتاً أكثر كل ما كان أكثر قومية حصد أصواتاً أكثر معناه البنية الاساسية للمجتمع غير صحيحة ، الامريكان لو داخلوا بعمق العراقي وفهموا ، ما كانوا ليسلموا العراق على طبق من ذهب لإيران.
حسين رشد : أشرت الى انهيار التعليم في 1968 وبداية الانهيار نحو القومية
اليوم الانحدار نحو الطائفية المقيتة هل ثمة رابط؟
د. يوسف صالح: المجتمع العراقي تخلف في كل مجالاته واستناداً الى نظرية النمو والتطور وأنا لا أومن بعملية حرق المراحل ، المجتمع العراقي لم يمر بمراحل نمو طبيعية ، نحن كنا في مصاف الدولة المتقدمة على الاقل على مستوى الشرق الأوسط
في الاربعينيات والخمسينيات هناك من التفتح لدى الفرد العراقي أكثر ، اعتقد إن التربية والتعليم ليس فقط المناهج ، بل الطلاب والاساتذة والبنية التحتية للمدارس أيضاً ، كل هذا تهدم. برأيي كي ناخذ الأولوية أقول دعنا نركز على الكادر التدريسي، فهو في حالة متدهورة في العراق، لاأن التربية الوطنية يستطيع أن يدرسها الماركسي والاسلامي المتطرف والقومي وكل واحد يدرسها وفق رؤيته لذلك الكادر مهم.
حسين رشيد: الطائفية بدأت تشد في خناقها على هذا المجال الحيوي لماذا؟
يوسف صالح: أنا أقول إن هذا الشيء ممنهج ، الطائفية تعمل على تخلف مجال التعليم لدى الفرد العراقي حتى يصدر هذه الأوهام فهم يريدون ناس جهلة يتبعوهم فإما يكون المقصود وهذه مصيبة أو غير مقصود والمصيبة أعظم ولذلك اعتقد بأن هذا الشيء ممنهج وموضوع للمستقبل.
حسين رشيد: هناك تشابه بين البعث القومي والاسلام الطائفي في تكريسهم؟
يوسف صالح: أعتقد أن الاسلام الطائفي أكثر وجعاً وإيلاماً لأن الفكر الطائفي يتغلل حتى النخاع و يخترق الأطفال بكل سهولة مع تنوع وسائل ذلك الاختراق.
حسين رشيد: المدارس تسمى على صبغات طائفية لا توجد اليوم اسماء مدارس تحمل اسماء وطنية او قليلة جدا وجود المدارس الأهلية وفق منهج الحزب يعني كل حزب لديه مدارس خاصة الى أين تسير الاجيال المقبلة ؟
علي حسن الفواز: بداً العراق كان يحكم بمركزية مركبة سياسية وعسكرية وايديولوجية والى حد ما هناك هامش قومي حينما تفكك هذا المركز الكبير بفعل العامل الخارجي بفعل الدخول الاميركي ، هذه المراكز الصغيرة لم تستطع أن تبلور وجودها داخل انساق ثقافية وسياسية فاعلة وإنما عملت على تدوير صناعة المركز الصغير لكي يكون مركزاً مولداً للسيطرة وللهيمنة وللإثرة وللرعب أحياناً عندما نعاين مشكلة العراق السياسي الآن سنجد إن هذه المعاينة هي تمتد الى جملة من النواقص الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لأنه لا يمكن أن نتحدث عن الأزمة التعليمية بعيداً عن الأزمة السياسية والاقتصادية والإدارية وأزمة التعايش بين المكونات اعتقد التوقف عند هذه الأزمات المستحدثة ينبغي لنا إعادة النظر فيها من خلال اتخاذ جملة من السياسات الاجرائية والتشريعات ، مثلما الدولة هي التي صنعت هذه الأزمة هي التي تصنع هذه الاجراءات ، نحن نؤمن أن هناك تداولاً سلمياً للسلطة وإن أقرّنا أن الدولة ضعيفة لكن تبقى هي المسؤولة.
د.محمد احسان: كل دولة في العالم فيها تعليم رسمي الدولة تصيغه وتضع مجموعة من مبادئ وقيم ، أنت تعيش بدولة متجزأة وطائفية أول شيء تعترف به إن العراقيين مع الأسف ما يعترفون بالمشكلة الحقيقية ، القفز على الهوية هذا فن عراقي بحت
والمثقفون قبل المتخلفين علينا ان نعترف إننا مجتمع ممزق اذا كنت مهندساً عبقرياً وطائفياً فأنت فاشل إذا كنت طياراً ماهراً لكن قومياً متطرفاً عربياً او كوردياً فأنت فاشل. علينا ان نعترف إن نظام التعليم من الابتدائية الى الجامعة ، الماكنة التعليمية غير صحيحة علينا ان نعترف ،علينا ان نضع فلسفة التعيين رؤية للمستقبل نقسمها الى مهمات ثم نرى كم نحتاج من الاموال وكم نحتاج الى أشخاص كفؤئين للتنفيذ .
كل حكومة عليها ٣ مهمات أمن، هوية اجتماعية مشتركة غير مجزأة، الرفاه الاقتصادي هل تمكّنت الدولة بعد ٢٠٠٣ أن تركز على هذه الأمور.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top