القوّات الأمنيّة تفقد أثرَ البغدادي وتشنّ عمليّة  في أكبر جيوب صحراء الأنبار سخونةً

القوّات الأمنيّة تفقد أثرَ البغدادي وتشنّ عمليّة في أكبر جيوب صحراء الأنبار سخونةً

 أسلحة ثقيلة ومركبات في خدمة داعش مدفونة بالصحراء

 بغداد/ وائل نعمة

مرّة أخرى يفقد أثر زعيم ما يعرف بتنظيم داعش أبو بكر البغدادي، بعدما كان متوقعاً أنه في موقع قريب من أكبر قاعدة أميركية في غرب العراق.
لكنّ الجهات الامنية تعول على معلومات جديدة قد تنتزعها من عدد من عناصر داعش وجدوا مختبئين في المكان الذي تمت مهاجمته مؤخراً في عمق الصحراء لتحديد مكان البغدادي.
والحملة الاخيرة كان يحضر لها منذ أكثر من شهر، حيث اقتربت القوات الامنية في الاسابيع الماضية من منطقة شديدة الوعورة تسمى "الحسينيات"، يعتقد أنّ البغدادي كان داخلها.
وتزامنت تلك الاستعدادات مع نهاية عمليات تحرير الباغوز السورية، القريبة من الحدود، وبدأ السؤال ملحّاً عن مصير البغدادي في آخر بقعة كانت تحت سيطرة التنظيم.
حينها تسربت معلومات عن انتقال زعيم "داعش" الى داخل الحدود العراقية مع عدد قليل من أتباعه، لعدم لفت الأنظار.
وقالت المصادر الامنية لـ(المدى) إن البغدادي، ربما اختفى في "الحسينيات" - بين الرطبة وناحية البغدادي- مع 250 من عناصره تسللوا تباعاً من سوريا.
واستندت تلك المصادر الى ازدياد نشاط التنظيم في تلك المناطق، وارتفاع حالات خطف تجار الكمأ وبعض العاملين في مقالع الرمل.
ويقول مصدر أمني طلب عدم نشر اسمه لحساسية المعلومات إنّ "طوقاً أمنياً قطره 10 كم يحيط بالرطبة (...) أي شخص يجتازه قد يكون في خطر كبير".
زادت الشكوك بوجود زعيم التنظيم في الانبار، حين قامت طائرات يتوقع أنها تابعة للتحالف الدولي، مطلع نيسان الحالي بالقاء منشورات على الرمادي تطالب السكان بإدلاء معلومات عن البغدادي مقابل مكافأة مقدارها 25 مليون دولار.
الجمعة الماضية، اطلقت القوات الامنية ساعة الصفر للهجوم على الحسينيات. ويقول المصدر الأمني : "الحملة نفذت بطريقة الإنزال، لأن قيادة العجلات في الصحراء تحتاج على الاقل الى 4 ساعات للوصول الى الموقع مع الظروف الجوية السيئة".
وأغلب العمليات التي نفذت في ذلك المكان تتم عبر القصف الجوي، لوعورة المكان، حيث يقع ضمن وادٍ يعرف بـ"حوران".
ويقول عماد الدليمي، قائممقام الرطبة، وهي أقرب مدينة من مكان الهجوم، لـ(المدى) انه "مرّ وقت طويل جداً لم تشن القوات الامنية هجوماً في تلك المناطق".
وكان الهجوم قد شمل منطقة الـ160 كليو، ووادياً آخر يسمى بـ"المعيشر". حيث كان داعش قد انطلق من الحسينيات، قبل أكثر من 4 سنوات. وشهدت المنطقة ذاتها مقتل القائد العسكري محمد الكروي مع 14 ضابطاً كبيراً وعدد من الجنود أثناء حملة عسكرية في 2013.
وعثرت القوات أثناء العملية على عدد من المضافات التابعة لـ"داعش"، مدفونة تحت الارض، وعلى عجلتين نوعي (بيك اب) و(كيا حمل)، والاخيرة كانت تحت الارض.
وفجرت القوات في المكان صهريجاً كان مفخخاً، كما اعتقلت 12 مسلحاً في المضافات. ويقول المصدر الامني "سيتم التحقيق مع المعتقلين وربما لديهم معلومات عن البغدادي".
المضافات التي تم كشفها لن تكون الاخيرة في صحراء الانبار. المساحة هناك شاسعة جداً. 80% من المحافظة هي مناطق رمال ووديان وعرة.
يقول عماد الدليمي: " نحن متأكدون من أن هناك مضافات كثيرة مخفية تحت الارض متروكة وغير مكتشفة، قد يستخدمها داعش في أي وقت".
لا توجد اي تقديرات لعدد المضافات، لكن هناك بعض المصادر المحلية وخاصة رعاة الغنم يقدمون بعض المعلومات، ويقولون إن أعدادها بالمئات.
ويتوقع أنه توجد في تلك المضافات أرزاق جافة ووقود ووسيلة نقل قد تكون دراجة بخارية بالإضافة الى أسلحة ثقيلة، حيث لا يتم نقلها وإنما دفنها تحت الارض.
يقول المصدر الأمني، نقلاً عن مختطف دفع أموالاً لداعش مقابل إطلاق سراحه مؤخرا: "لايمكن ملاحقة الدواعش لأنهم لم يعودوا يرتدون الزي الافغاني او القندهاري التقليدي (...) صاروا يرتدون ملابس تشبه ملابس سكان الانبار".
المفرج عنه كان قد تجاوز الطوق الامني الذي يحيط بالرطبة لأسباب تتعلق بأعمال التجارة، وتعرض بعد اختطافه الى محاكمة من "داعش" يرأسها شخص يدعي انه قاضٍ في التنظيم.
وقال التاجر في شهادته أمام القوات الامنية: "القاضي كان يرتدي الزي الانباري الغترة والدشداشة البيضاء". واشار الى ان من يرفض من التجار "دفع الاتاوات" قد يتعرض للخطف.
وتذكِّر عملية فرض الأتاوات بما كان يجري قبل 2014، لحظة ظهور داعش بشكل علني. ويقول المصدر الأمني إن خطر التنظيم مازال يحيط ببعض الاماكن في الانبار، وخاصة على الطريق الدولي الرابط بين الرمادي والحدود الاردنية البالغ 400 متر تقريباً. ورغم مرور أكثر من شهرين على إعادة افتتاح منفذ طريبيل مع الاردن، فإن الطريق يغلق في الخامسة مساءً. ويقول المصدر الأمني:"ليس لدينا قوات كافية لمسك الطريق (...) وفي المساء قد يقيم داعش سيطرات وهمية او يزرع عبوات"، إلا انه حتى الآن لم يسجل أي خرق أمني يذكر.
وفي ساعات الصباح الاولى من كل يوم يعاد افتتاح الطريق وتقوم آليات بتمشيطه خوفاً من وجود ألغام.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top