بعبارة أخرى: عجائب (الأندية) السبع!!

الأعمدة 2019/04/29 12:00:00 ص

بعبارة أخرى: عجائب (الأندية) السبع!!

 علي رياح

وضع الأندية الرياضية في العراق عجيب وغريب .. وهو في كثير من الحالات مريب وملتبس.. وهو في طريقه إلى أن يكون في حال أسوأ!
لم أجد نموذجاً كافياً ومتكاملاً لهذا الوصف الذي وضعته ، غير ما سمعته خلال المؤتمر الذي عقده جمع كبير من الأندية في محافظة النجف الأشرف ، فقد هالني أن استمع إلى شهادات أشبه بالعجائب الحصرية بالعراق .. شهادات تفضي إلى الاستنتاج بأن الرياضة عندنا عرجاء تتكئ على المبادرات الشخصية ، فلا ضامن حكومي أو أولمبي إلا ما يقدَّم لها من هبات أو منح على سبيل المِنـّة في كثير من الأحيان ، وبعد حجب أو امتناع طويل!
لكن ما أجمع عليه رؤساء الأندية الذين تحدثوا أمام الصديق الأستاذ إياد بنيان المستشار الرياضي لرئيس الوزراء ، يطرح أسئلة سبق لنا أن عرضناها في مناسبات كثيرة .. فهنالك من يتحدث عن تسلّم ناديه فقط مبلغ خمسين ألف دينار عراقي خلال السنوات الأخيرة كدعم أو منحة من الوزارة ، وآخر يتحدث عن تسلمه مسؤولية رئاسة ناديه منذ عام 2004 ، ولم يجب عن سؤال دار في ذهني عن السر الكامن وراء صموده على الكرسي مع أنه يتشكـّى آناء الليل وأطراف النهار عن ندرة الدعم مدة خمس عشرة سنة!
والنموذج الأخير الذي أشرت إليه تقترب منه نماذج كثيرة تشبهه من قريب أو من بعيد ، حتى تحوّلت بعض الأندية لدينا إلى ما أسميته قبل سنوات (ملكيات) خاصة برؤساء الأندية وإخوتهم وذويهم وأصدقائهم ، مع أنهم لم يقدموا ما يوصف بأنه عمل منهجي أو خاضع لمنطق العمل الرياضي!
تساءلت في صوت ليس خفيضاً مع من يجلس حولي من الزملاء عن فهمنا الخاطئ لكلمة (رئيس) في العراق .. إنه يتحوّل – بحكم العادة والتقليد والمألوف – إلى (مالك) للنادي .. وكان جواب أحد الزملاء على النحو التالي : لماذا نستكثر على رئيس ناد عراقي صفة (مالك) في حين نقبل هذه الصفة إذا أطلقت على شخص نافذ كبير في مجلس إدارة نادي شهير مثل بايرن ميونخ أو الميلان أو مانشستر سيتي أو أياكس امستردام!
هنا أدركت أن الحوار انحدر بنا إلى مستوى خطير .. فلقد نسي محدّثي أن الأندية في كثير من دول العالم المتطوّر هي عبارة عن شركات مساهمة يجري الاكتتاب عليها ، وتـُطرح أسهمها لمن ينطبق عليه أحقية شراء الأسهم من عامة الناس وكبار التجّار والمساهمين .. هؤلاء ينفقون من حُر مالهم ولا يعتاشون على الأندية ، لهذا يصبح القرار جماعياً على نحوٍ كامل ، وتصبح سياسة النادي في العمل والتعاقد والاستثمار محط تداول كل عضو فيه ، خلافاً لما تجري عليه (العادة) عندنا ، فالنادي يتلقى فلوسه من الدولة أو من الدكاكين التي تحيط بسور النادي من الخارج تحت مسمّى التمويل الذاتي ، ومع هذا يكون الرئيس (مالكاً) عمليا وله حق التصرف في صغير التفاصيل وكبيرها والويل والثبور لمن يعترض عليه!
أنديتنا - وكما طرح مسؤولوها في الاجتماع- تريد كياناً مستقلاً لها ، وقراراً ذاتياً وفقاً لمجلس إدارة يقود جمع الأندية ، وهي ترى – كما نرى نحن – في ذلك حقاً لها ، ولكن في مقابل سؤال أزلي : إذا استقلـّت الأندية إدارياً ، فكيف ستتدّبر أمورها المالية من دون الإتكاء على الدولة ومنحها السنوية؟!
هنا يكمن الإشكال الذي لم يُحل طوال عقود من العمل الرياضي ، وفي نظري أنه لن يحل وفقاً لما تطرحه الأندية غير المدعومة من وزارات أو مؤسّسات ، فيما تريد الدولة ممثلة بوزارة الشباب والرياضة أن تضم الأندية تحت جناحيها مالياً وإدارياً .. في حين يتبقى دُعاة تحويل الأندية إلى شركات مساهمة تتاح للناس وللقادرين منهم على الإنفاق والإدارة ويملكون الرؤية الاستثمارية الواضحة ، كأنهم يغرّدون خارج السرب .. فالرؤية التي يطرحونها لا يمكن أن تتحقق في العراق .. ووضع العراق!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top