متخصص في شؤون الطاقة: كيف تسعى الولايات المتحدة إلـى إخضاع إيران؟..

متخصص في شؤون الطاقة: كيف تسعى الولايات المتحدة إلـى إخضاع إيران؟..

 ترجمة : عدوية الهلالي
عن مجلة لوبوا الفرنسية

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الاسبوع الفائت بأنه لايمكن لأية دول أخرى شراء النفط الخام الإيراني اعتباراً من الثاني من آيار الجاري بهدف تصفير التصديرات الإيرانية وحرمان النظام الإيراني من مصدر دخله الرئيس..
وكانت واشنطن فرضت بالفعل عقوبات على قطاع النفط الإيراني منذ الخامس من تشرين الثاني الأخير لكنها قررت إنهاء نظام ( الاعفاءات ) الذي يسمح لثماني دول باستيراد الخام الإيراني وهي ( الصين ، الهند ، تركيا ، اليابان ، كوريا الجنوبية، تايوان ، ايطاليا ، واليونان ) ، فقد عمد القرار الأميركي الى رفع أسعار النفط الخام الى أعلى مستوى لها خلال هذا العام ، إذ وصل سعر برميل برنت الى 74,28 دولار ...
في مقابلة معه أجرتها مجلة لو بوا الفرنسية ، حلل فرانسيس بيرين / المتخصص في قضايا الطاقة ومدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والستراتيجية ( IRIS)/ نتائج القرار الاميركي بالنسبة لإيران والسوق العالمية موضحاً أن مرحلة إنهاء الإعفاءات هي مرحلة جديدة لأن هنالك ثماني دول استفادت حتى اليوم من الإعفاء من مشتريات النفط الإيراني ، خمسة منها في آسيا ( الصين ، الهند ، اليابان ، كوريا الجنوبية ، تايوان) وثلاثة منها في أوروبا ( ايطاليا ، اليونان ، وتركيا ) ومع ذلك فلن يكون هنالك إعفاء ابتداءً من الثاني من آيار ،..ويرى بيرين أن الولايات المتحدة لن تنجح في تخفيض الصادرات الايرانية الى درجة الصفر ولكن سيكون هنالك انخفاض كبير في صادرات النفط الإيرانية لأن الهدف من ذلك هو الدعاية السياسية ومحاولة إخضاع إيران وضرب المصدر الرئيس لدخلها من خلال خفض مبيعاتها من النفط الى أقصى حد ممكن ، مع ذلك يعتقد بيرين أن لاأحد سيقدم على شراء النفط الإيراني ..
وفي مايخص تأثير القرار على الاقتصاد الإيراني ، يرى بيرين أن المرحلة الجديدة ستكون سلبية للغاية بالنسبة لإيران التي شهدت مؤخراً انخفاض صادراتها بشكل كبير منذ انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني وإعادة فرض العقوبات الأميركية خارج الحدود الإقليمية إذ انخفض حجم الصادرات من 2,5مليون برميل يومياً الى 1،1حوالي مليون برميل يومياً ، خاصة وإن مبيعات النفط تمثل 60-70 من صادرات إيران لذا سيكون تأثير العقوبات على الاقتصاد الإيراني كبيراً ..
أما بالنسبة للدول المتأثرة بهذا القرار وإن كان سيمكنها رفض الخضوع للضغوط الاميركية فهنالك القليل من الدول القادرة على تحمل العقوبات الاميركية خارج حدودها، ذلك أن تايوان واليابان وكوريا الجنوبية هم حلفاء للولايات المتحدة ومن الصعب على تلك الدول أن تقول ( لا) في واشنطن ، وينطبق الشيء ذاته على اليونان وايطاليا ، وفي مايخص تركيا – التي اعلنت إنها ستستمر في التجارة مع طهران – فان حجم النفط الذي تشتريه من إيران ليس كبيراً ، ولايوجد إذن غير الصين والهند اللذان يمكنهما – كقوتين – أن تتحديان أوامر الولايات المتحدة ، وخاصة بكين لأن الصين هي مستورد رئيس كبير للنفط – ومن وجهة نظرها – فإن إيران هي ورقة في لعبة بوكر بدأتها مع الولايات المتحدة ، وهنالك مصالح كبيرة بين البلدين فيما يتعلق بالتجارة لأن واشنطن تفرض ضرائب بقيمة 250 مليار دولار على الصادارت الصينية الى الولايات المتحدة وهو الأمر الذي يثير قلق بكين ..وبنفس الطريقة ، فإن المشاريع الصينية موجودة في الولايات المتحدة ، لذلك ، اذا استطاعت الصين أن تقول ( لا) للولايات المتحدة بشأن النفط الإيراني فلا يزال يتعين عليها النظر في تهديدات العقوبات الاميركية ..
ويشير بيرين الى قضية مهمة وهي إعلان المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عن رغبتهما في تعويض انخفاض النفط الإيراني في السوق إذ يرى أن هذا الاعلان كان متوقعاً ومنطقياً فالرياض وأبوظبي يتقاسمان واشنطن الهدف الاستراتيجي المتمثل في إضعاف إيران والذي ينطوي على فرض عقوبات على نفطها ..لايمكن إذن لهذين البلدين إلا تقدير مافعله ترامب سيما وإنهما لم يكونا راضيين تماماً عن التقارب الذي بدأه باراك اوباما مع إيران والذي تحقق عبر توقيع الاتفاق النووي الإيراني ..
واليوم ، يفعل دونالد ترامب الكثير لإرضاء السعوديين ، إضافة الى أن الرياض وابوظبي يمتلكان من الطاقة النفطية غير المستخدمة مايكفي لطرح كميات كبيرة من النفط الى السوق كما أن هنالك رغبة في نفس الوقت لمساعدة الولايات المتحدة مع القدرة على القيام بذلك ..
ويتوقع بيرين تفاقم الخطر من ارتفاع أسعار النفط بعد أن ارتفع برميل النفط من حوالي 3% ليصل الى 74 دولاراً ، وهو أمر لامفر منه ولكن من الواضح أن واشنطن تحاول الحد من الاضرار بهدف اقناع السوق بان الأسعار لن ترتفع ، وللقيام بذلك ، تؤكد الولايات المتحدة إنها ستزيد من انتاجها ، وهو الأمر الذي كانت تفعله طوال السنوات العشر الماضية من خلال طاقاتها غير التقليدية ، إذ يدرك ترامب بأنه يحظى بدعم صناعيين أميركيين ، كما ان واشنطن قالت بأنها تستفيد من المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة لاستخدام طاقاتهما الانتاجية غير المستخدمة ، وهكذا سيكون النفط السعودي والأميركي هما جواهر التاج بحيث أن أسعار النفط لن تلتهب مع انهيار النفط الإيراني ..

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top