بعبارة أخرى: عشّاق الصدفة.. وأسرى المجهول!

علي رياح 2019/05/06 12:00:00 ص

بعبارة أخرى: عشّاق الصدفة.. وأسرى المجهول!

 علي رياح

كلّما كان الهدف في الأفق كبيراً ، كانت جدّيتنا مسترخية وإهمالنا أكبر!
هذه هي (تقاليدنا) الموروثة في التحضير للاستحقاقات الكروية المهمة ، ولا يخرج ما يحدث الآن من انتظار وتسويف ومجهول عن هذا الإطار الذي ينذر بالخطر ، ولن يتيح لمنتخبنا أن يكون في وضع يخوض به تصفيات المونديال على النحو الذي يشاء ، أو نشاء!
ففي الوقت الذي تشهد الساحة الكروية العالمية نشاطاً عالي الهمة تحضيراً للتصفيات المقبلة ، يتلفـّت العراقيون يميناً وشمالاً ولا يجدون إلا منتخباً معطـّلاً من الناحية العملية ، وهذه ليست صورة تشاؤمية مبالغ فيها ، وإنما إقرار بحقيقة يرفض الكثيرون الاعتراف بها أو الحديث عنها ، في ظل الصراع المحتدم بين أطراف الرياضة عندنا والذي يصيب كل شيء بالجمود!
فلا برنامج الإعداد يتم وفق خطة مفهومة تتضح فيها التفاصيل يوما بيوم ، ولا المدرب ستريشكو كاتانيتش واتحاد الكرة قد قطعا تماماً كل شكّ في إمكانية التجديد سنة أخرى أو الرحيل لأسباب مالية .. الاتحاد ينتظر فرجاً حكومياً يؤمّن به الراتب السنوي للمدرب السلوفيني .. وكاتانيتش يتقدّم خطوة في عمله التحضيري للتصفيات ويتقهقر خطوة أخرى مع غياب أية فكرة لديه عن ضمان مستحقاته المالية المقبلة!
وبصرف النظر عن الانطباع الذي تركه المدرب في الشهور الماضية مع المنتخب ، فإنه أعلمني بشكل شخصي إنه يرغب في البقاء وإنه يريد العمل منطلقاً من العاصمة بغداد وليس من أية مدينة عراقية أخرى .. في حين استجمع اتحاد الكرة رأيه وصار متفقاً على ضرورة بقاء كاتانيتش لاستكمال ما بدأه ، خصوصاً أن الرجل يحمل الآن تصوّراً أفضل بكثير من ذلك الذي كان يحمله في الأشهر الأولى لعمله مع المنتخب .. وهذا أمر طبيعي ناجم عن استمرارية المتابعة والمعرفة المتدرّجة بالوجوه التي سيستدعيها للمنتخب.
اتحاد الكرة في حاجة إلى مليون ومئتي ألف دولار تدفعها الحكومة إلى المدرب وطاقمه كي يبقى سنة أخرى .. سنة هي الأهم في عقده ، لأنها ستشهد دخولنا معترك التصفيات وخوض دور المجموعات فيه ، والشوط الذي سيقطعه المنتخب في مجموعته هو الذي سيقرر صواب استبقاء المدرب أو فك الارتباط به حين يأتي التجديد الثاني!
لهذا كله ، ينبغي أن تتكون لدى كل الأطراف المسؤولة قناعة بأن بقاء المدرب يستوجب تأمين مستحقاته هو والطاقم المساعد معه ، أو أن البديل المزيد من التخبّط والبحث في خيارات مستعجلة أخرى قد لا تكون موفقة!
الجانب الآخر الذي ينبغي حسمه ، يتعلّق بالمال أيضاً وهو التخصيصات المقرّرة من الاتحاد لبرنامج إعداد المنتخب العراقي والمباريات التي سيخوضها أو يرغب في خوضها مع منتخبات لها وزن وقيمة قبل انطلاق التصفيات .. الأشهر الثلاثة القادمة غاية في الأهمية لأنها ستفرز الصورة المقبلة للمنتخب .. ومن دون خوض مواجهات مهمة لا يمكن أن ننتظر من المنتخب الكثير في المباريات الرسمية .. والمواجهات المهمة تستدعي بدورها غطاءً مالياً يجب أن يوضع تحت تصرّف المنتخب قبل فوات الأوان!
نختلف دوماً مع اتحاد الكرة في كثير من تبنياته وخطواته وقراراته.. هذا أمر ليس في حاجة إلى تأكيد ، بعد أن أثبت الاتحاد (نجاحه) في الركون إلى الصدفة والحلول الوقتية أو المعالجات الآنية دونما تخطيط حتى للمدى القريب!
نختلف حتماً في كل هذا.. لكنه لا يجب أن يكون سبباً في إهمال الحكومة للمنتخب وتركه نهباً للانتظار أو المجهول .. الاتحاد مسؤول عن تحريك أوضاع المدرب والمنتخب والمراحل التحضيرية .. والجهات الحكومية مطالبة بأن تراعي الهدف الصعب المقبل وهو تصفيات كأس العالم.
نقولها من الآن قبل أن تأتي التصفيات ونبدأ في إخراج سيوفنا من أغمادها للمطالبة بالثأر ممّن تسبّبوا في ضياع الأمل والهدف.. وذلك في (معركة) يتقنها الجميع اتحاداً وحكومة وجمهوراً وإعلاماً!

 

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top