حقوقيون وناشطون: قرارات مجلس مكافحة الفساد تكمّم الأفواه

حقوقيون وناشطون: قرارات مجلس مكافحة الفساد تكمّم الأفواه

 ذي قار / حسين العامل

أعرب حقوقيون وناشطون يوم الاثنين خيبة أملهم من قرار مجلس مكافحة الفساد الأخير والمتمثل بمحاسبة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الذين يتهمون المسؤول الفاسد بالفساد ولا يقدموا الدليل خلال مدة أسبوعين ، وفيما أشاروا إلى أن القرار يصب في خانة تكميم الأفواه ولجم وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الداعية الى محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، أكدوا إن عدم توفر الدليل على وجود الفساد لا يعني أن الفساد غير موجود ، داعين مجلس مكافحة الفساد الى ملاحقة حيتان الفساد بدلاً من ملاحقة من يفضح الفاسدين.

وقال رئيس اتحاد أدباء وكتاب ذي قار وكالة الدكتور ياسر البراك للمدى إن " الفساد تحوّل الى ( ثقافة مجتمعية ) والقول بضرورة تقديم أدلة على الفاسدين أمر مضحك جداً لأن الفاسد هو صاحب السلطة والمال والقرار السياسي في آن واحد فكيف يمكن لمن يحارب الفساد خاصة من المواطنين العاديين أو من الموظفين الصغار أن يقدم أدلَّة تُدين هذا المسؤول أو ذاك" ، وأردف "لذلك أرى أن تقديم من يحارب الفساد من دون أدلة للعدالة وترك الفاسد الحقيقي لأنه ماهر في إخفاء أدلَّة الفساد ضده هو نوع من الاستخدام التعسفي لسلطة القانون ضد من يجاهر بمحاربة الفساد أو الكاشف عنه سواءَ في الإعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي ".
وأوضح البراك إن " وسائل الإعلام والمواطن المتضرر من الفساد يتعذر عليهم تقديم الدليل على الفاسدين في ظل انعدام الشفافية في عمل المؤسسات الحكومية "، وأردف " ببساطة لا يمكن الوصول الى مثل تلك الأدلة مع انعدام المؤسسات التي تمكّن المواطن من الوصول للمعلومة".
ومن جانبه قال الناشط الحقوقي حسين الغرابي للمدى إننا " استغربنا موقف المجلس الأعلى لمكافحة الفساد ورئيسه السيد عادل عبد المهدي حيث يطالب الأشخاص والجهات بتقديم أدلة على فساد المسؤولين خلال أسبوعين من إعلانهم عن تهم الفساد وإلا سيتخذ المجلس الاجراءات القانونية بحق المخالفين!"، وأضاف " كنا ننتظر برنامج حكومي واضح لمكافحة آفة الفساد ومحاكمة الفاسدين ، وأن يحقق مجلس مكافحة الفساد أهدافه التي أعلن عنها ويبدأ برؤوس الفاسدين الكبار ، لا أن يعمل على ترهيب الناشطين ووسائل الإعلام ومواقع التواصل ويحول دون فضح الفساد".
مؤكداً إن " مهمة تقديم الإدلة على الفاسدين هي مهمة الحكومة وأجهزتها المختصة لا مهمة الناشطين!"، منوهاً الى أن " الفساد في العراق منظم جداً وعالي المستوى ويحتل مراتب متقدمة عالمياً ، وليس من السهل أن يترك الفاسدون أدلة تدينهم بالفساد".
وبدوره قال رئيس منتدى ذي قار للتنمية المدنية حيدر سعدي إبراهيم للمدى إن " اصدار قرارات تجرّم من ينتقد الفساد والفاسدين مالم يقدم أدلة دامغة وكأن على المواطن المظلوم أن يكون قاضياً أو محققاً ويجمع كل الأدلة الكافية لإدانة الفاسد وإلا فسينال جزاءً لعدم التسامي على مظلوميته واحترام المسؤول الفاسد"، وتساءل " إذا كان على المواطن الذي يشكو من جور مسؤول حكومي فاسد جمع الأدلة الكافية لإدانة ذلك المسؤول، فما هو إذن واجب الإدعاء العام والمحققين والقضاة أو النظام القضائي برمته؟".
وأضاف إبراهيم إن " القوانين في الولايات المتحدة الأميركية لا تشترط على مخترعي الأدوية والعقاقير البحث في آثارها الجانبية قبل أن تجيز تصنيعها وتداولها، كي لا تقتل طموح المبدعين والمخترعين"، وأضاف " لكننا في العراق نحزِم المواطن بحزمة من القوانين الصارمة التي تمنعه من الابلاغ عن الفساد فنحمله مسؤولية جمع الأدلة الكافية لإدانة المشتبه في فساده وإلا فمصيره السجن".
وأشار رئيس منتدى ذي قار للتنمية المدنية الى أن " الذين أصدروا هذا القرار لا يريدون من ورائه إلا تخويف المواطن وتثبيط همته في الكشف عن الفساد والفاسدين"، وأضاف " وهنا يجب تثبيت ملاحظة مهمة وهي أن كشف عملية الفساد لا تتم بسهولة؛ لأن الفاسد محترف ومراوغ، وبالتالي المكافحة بحاجة إلى محققين وقضاة محترفين، ولابد من القول إن المواطن العراقي الصالح وحلفاءه يتطلع إلى حلول حقيقية وجذرية لمكافحة الفساد".
ومن جهتها قالت الناشطة المدنية شذى القيسي للمدى إن " قرار مجلس مكافحة الفساد حول تقديم أدلة على الاتهامات الموجهة للمسؤولين الفاسدين وإن كان في ظاهره يهدف الى الحد من التسقيط السياسي والإداري ، لكنه في الجوهر يصب بحماية الفاسدين وانقاذهم من فضائح الفساد "، واضافت " كما يصب في خانة تكميم الأفواه ولجم وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حتى لا تدعو الى محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين والفاسدين".
وأردفت القيسي إن " المواطن سيعجز بالتأكيد عن توفير الدليل على الفساد في ظل انعدام الشفافية وعدم تمكين المواطنين وحتى وسائل الإعلام من الوصول الى المعلومة في الدوائر الحكومية المتهمة بالفساد ".
وتساءلت القيسي "فهل نتوقع من رئيس دائرة متهم بالفساد أن يقدم دليلاً لمن يتحرى عن فساده"، وأضافت إن " انعدام الشفافية وعدم التمكن من الوصول للمعلومة سيجعل المواطن عرضه للملاحقة من قبل مجلس مكافحة الفساد الذي يطالبه بالدليل على فساد الفاسدين وكذلك من قبل الفاسدين أنفسهم الذين سيعلمون لاحقاً أن هناك من يبحث في ملفات فساد تخصهم ".
وأشارت الناشطة المدنية الى أن "مجلس مكافحة الفساد هو نفسه لازال يعاني من إثبات فساد الفاسدين رغم انتشار رائحة الفساد التي باتت تزكم انوف العراقيين ورغم تصنيف المنظمات الدولية للعراق كأحد الدول الاكثر فساد".
وكان مجلس مكافحة الفساد، دعا يوم الخميس ( 9 أيار 2019 )، الى تقديم أدلة على الاتهامات الموجهة للمسؤولين عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ، مطالباً بتقديم الأدلة على هذه الإتهامات الى المجلس الأعلى لمكافحة الفساد خلال مدة أسبوعين وبخلافه يحتفظ المجلس بإتخاذ الإجراءات القانونية بحق مُطلِقي الإتهامات

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top