تحليل إحصائي: خلال 10 سنوات.. استبدال 16 مدرباً للمنتخب بلا مفاضلة

تحليل إحصائي: خلال 10 سنوات.. استبدال 16 مدرباً للمنتخب بلا مفاضلة

 م.حسام المعمار*

هل تصدق عزيزي القارئ أن الاتحاد العراقي لكرة القدم قام بتغيير 16 مدرباً ما بين محلي وجنسيات مختلفة خلال عقد من الزمن؟ ولم يتمكن أحدهم من الاستمرار في منصبه لمدة طويلة لتطبيق خطته لتطوير واقع اللعبة او وضع ستراتيجية خاصة في العمل، بخلاف نظيره الألماني الذي استعان بعشرة مدربين فقط منذ تأسيسه في العام 1923، تسعة منهم محليون، فيما كان ريبيك وكلينزمان الأقصر ولم تتخط حقبتيهما السنتين والتي تعد الأطول بالنسبة لأي مدرب عمل مع أسود الرافدين خلال السنوات العشر الأخيرة!
من خلال النقاشات التي تجمعنا بين الحين والآخر مع بعض اعضاء الاتحاد وبعد تبادل الآراء في قضايا عديدة وفي مختلف المجالات، اتضح لنا جليا بأن هناك خللاً كبيراً في آلية الاختيار وصناعة القرار، ليس فقط في الاتحاد الحالي، بل وحتى في الاتحادات التي سبقته، وقد نجم عن هذا الخلل الجسيم أن يكون قرار تعيين مدربي المنتخبات الوطنية قراراً سطحياً غير مبني على اسس وقناعات رصينة من شأنها تعزيز الثقة في الجهاز الفني وبرؤية ارتجالية، ومع اقرب اخفاقة تجد ان صوت الإقالة هو الذي يعلو لحظة التقييم والمراجعة ، فضلاً عن المشاكل المصاحبة لتلك القرارات المستعجلة التي تتعلق بالجوانب المالية وقضايا الشروط الجزائية والجهل القانوني في اغلب بنود العقود.
الطامة الكبرى ان اعضاء لجنة المنتخبات واعضاء اتحاد لا يفرّقون بين المؤهلات وبين معايير المفاضلة في اختيار المدرب، ناهيك عن اعتمادهم لواحدة من أضعف الطرق الإدارية في اتخاذ القرار ألا وهو نظام التنقيط الشخصي او التصويت على ثلاثة اسماء!! فالمؤهلات هي الشروط الدنيا الواجب توافرها في المدرب الجديد مثل اللغة الانكليزية والشهادة التدريبية وعدد سنوات الخبرة وغيرها من الامور العامة التي نجدها تنطبق على عدد كبير جدا من المدربين لكنها لا تسهم في تكوين القناعات الكافية من اجل اتخاذ القرار الحاسم وبالاعتماد عليها فقط من دون الخوض في تفاصيل أخرى على غرار أداء هؤلاء المدربين في عملهم واساليب تدريبهم وتحليل شخصياتهم وغيرها من الأمور المرافقة لتحقق الاهداف التي يصبو الاتحاد في الوصول اليها والتي تعرف بـ "معايير المفاضلة".
من دون هذه المعايير التنافسية الفنية التي ترجح كفة أحدهم على الآخر سيكون أي قرار سطحياً وعدم الفائدة ومن دون معرفة لاحتياج الكرة العراقية لتلك القدرات خلال هذه المرحلة إضافة الى عدم المحافظة على نقاط القوة بغية تطويرها.
وهو ما يفسر الاحتجاجات الكبيرة التي تواجه الاتحاد بعد اية تسمية لأي جهاز فني يعمل مع أحد المنتخبات سواء كان وطنيا أم فئات عمرية، بل ان اغلب تلك التسميات لم تكن مقنعة للجمهور والإعلام ولا حتى للفنيين أنفسهم، عندها يصبح اعضاء الاتحاد عرضة للمساءلة في البرامج الرياضية ما يضطرهم للدفاع عن أنفسهم بطريقة ضعيفة وبائسة ايضا لأنها تكون خالية من الاسباب الفنية التي تنم عن دراية صاحب القرار دون غيره من عامة الناس.
في الوقفة المقبلة، سنشرح بالتفصيل الآلية التي اتمنى على الاتحاد اتباعها وكيفية تحديد المعايير وتحديد مواصفات المدرب المطلوب كي يتخلص من آفة التغيير هذه التي أعدها سبباً رئيسياً من اسباب تراجعنا على مستوى قارة آسيا.
*المحلل الكمي في كرة القدم

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top