انفجار السينما التجريبية

انفجار السينما التجريبية

صلاح سرميني

على العكس تماماً مما نعرفه عن عناوين مجلات السينما الفرنسية المُتداولة، تخيّرت إحداها عنواناً قابلاً للانفجار، والتدمير السينمائيّ.

(Exploding) مجلةٌ مخصّصة، ومتخصّصة بتحليل التجريب السينمائي، تأسّست في تشرين الأول من عام 1998، وكان الهدف الرئيس لها الغوص الدراسيّ في السينما التجريبية.
تشمل اهتماماتها فترة ما قبل السينما، والطليعيّات السينمائية التاريخية المُتتالية، وحركات الأندر جراوند، وكذلك الإبداع السينمائي المُعاصر.
يهدف منهجها إلى دراسة السينما في كلّ جوانبها، من خلال إنشاء جسورٍ بين الأفلام في علاقتها بالتجريب، بما يتجاوز الفجوة التجريبية/التجارية التقليدية.
صدرت المجلة بفضل جهود مجموعة من الطلبة، وهواة السينما، وصُناع الأفلام، ورغبتهم بتحليل سينما ديناميكية، وحرّة.
لم تكن مجلةً إخبارية، فقد ترّكزت على التعامل مع موضوعٍ مختلف في كلّ عدد، وحتى الآن، صدر منها 10 أعداد، بالإضافة إلى عددٍ خاصّ.
كما شاركت الجمعية التي أصدرت المجلة ـ وكانت تحمل نفس الاسم (Exploding) ـ في الكتاب المُصاحب لإصدار الفيديو الخاصّ بفيلم السينمائي الكنديّ "مايكل سنو"، من إنتاج عام 1974، والذي يحمل عنواناً طويلاً:
Rameau's Nephew by Diderot (Thanx to Dennis Young) by Wilma Schoen
وكان ذلك بالتعاون مع مؤسّسة فرنسية أخرى تهتمّ بنشر السينما التجريبية، وصدر في نهاية تشرين الأول من عام 2002، بمناسبة العروض الإحتفائية التي كرسّها مركز جورج بومبيدو بباريس للسينمائي "مايكل سنو" (برمجة أعماله السينمائية، معرض، وسهراتٍ موسيقية).
***
صدر العدد الأول من المجلة في تشرين الأول من عام 1998، وبشكلٍ مختلف تماماً عما سبقها من المجلات، وتمحورت موضوعاتها (72 صفحة) حول الأمريكي "ستان براكاج"، وهو على الأقلّ سينمائيّ هائلٌ بغزارة أفلامه الشكلية، وكذلك التجريدية، أعماله تُعيد بصرياً اكتشاف مسارات الإحساس، الرسم، السيرة الذاتية، والشعر.
كما تضمّن العدد كتاباتٍ إضافية عن أفلام تجريبية لبعض السينمائيين: ماتياس مولر، بول موريسي، جان ـ فرانسوا ريشه، توبي هوبر، لوتشيو فولتشي.
كانت المجلة غير منتظمة في تاريخ إصدارها، ولهذا فقد ظهر العدد الثاني (132 صفحة) في شهر مايو من عام 1999، وتمعنت موضوعاتها في دراسة الحركة البطيئة من خلال نصوص تفسيرية لمُفارقات زينون، ولوسيان بول، والحديث عن الحركة البطيئة في أفلام كلٍّ من: تسويّ هارك، فيلم 2001 أوديسا الفضاء، جان تانغلي، مارتان أرنولد، بريان دو بالما، روبرت برير، بيل فيولا، أرتافازد بيليشيان، أبيل فيريرا/دافيد لينش، كما قدم العدد ملفاً خاصاً، وحواراتٍ مع بيل موريسون، وماتياس مولر، ومحاضرة لبيتر كوبلكا.
اهتمّ العدد الثالث باللون (98 صفحة)، وصدر في شهر حزيران من عام 1999، ومن ثمّ صدر العدد الرابع (142 صفحة) في نوفمبر من عام 1999، وركزّ على تيمةٍ بعنوان "مثيرٌ للشهوة الجنسية"، وتضمّن دراسةً عن فيلم "المومياء" لشادي عبد السلام، و"حكاية الأصل، والصورة في إخراج قصة نجيب محفوظ المُسمّاة صورة" لمدكور ثابت.
وبمناسبة الحديث عن هذا العدد، أتذكر، أنه في يومٍ من الأيام، وبمبادرةٍ من طرفي، كتبت السينمائية، والباحثة الفرنسية "فريديرك دوفو" عن الفيلمين، وهذا يعني (وُفق الباحثة)، أنه بالإمكان (وُفق طبيعة السينما المصرية، وتاريخها) فحص، ودراسة، وكشف جوانب التجريب النسبية فيهما، أو على الأقلّ الطليعية، وهذا يعني أيضاً، بأن أيّ بحثٍ جامعيّ عربيّ عن السينما الطليعية لا يمكن إغفال الحديث عنهما.
صدر العدد الخامس (108 صفحات) في نيسان عام 2000 تحت عنوان "أشكالٌ موجزة"، وهي تلك الأفلام التي اعتمدت، أو استخدمت الذبذبة/النبضات، الصورة المُنفردة، التوافق، أو اللاتوافق المونتاجي، اللصق، اللقطات البرقية السريعة جداً، التفاصيل الصغيرة، الغبار، الكشط، أو الحكّ، التناقض الصارخ ما بين محتوى الصور، وشريط الصوت، شرائط 8 مللي، جناح ذبابة، وهج، شريحة، بيان/نشرة، قطع سريع، صور مجهرية، صور أثر، صور عابرة/زائلة، أو لا شيء تقريباً.
وصدر العدد السادس (144 صفحة) في شهر شباط من عام 2001 تحت عنوان "رؤى مدهشة"، أو "غير عادية"، وكان مخصصاً لدراسة، وتحليل أفلاماً اعتمدت على تصوّر بصريّ، أجساد بخارية، وهلامية، مواد، وجزئيات، مخلوقات، وانقطاعاتٍ لانهائية.
وصدر العدد السابع (140 صفحة) في أكتوبر من عام 2001 تحت عنوان "آثار"، يتتبع الأفلام التي تنطلق من الظهور، والانكشاف، النسخ، والأشرطة السالبة، البقايا من الأفلام، المسارات، والمناظر الطبيعية.
صدر العدد الثامن (112 صفحة) في شهر أيار من عام 2002، واهتمّ بالسينمائي الأمريكي "جاك سميث" (1932-1989) الشخصية المركزية لسينما الأندر جراوند في نيويورك، وسيد معسكر الأناقة، والجمال، ومكتشف النجوم الذين كانوا يحيطون بالفنان الأمريكي "أندي وارول"، بدون النسيان أيضاً بأنه كان مفتوناً بهوليوود، وأيقوناتها.
صدر العدد التاسع (160 صفحة) في كانون الأول من عام 2002 تحت عنوان "شاشات"، وتمحورت موضوعاته حول ممارساتٍ بحثية تعتمد عليها السينما التجريبية، ومنها الامتصاص، والتشرّب، المحو، التمزّق، التضاعف، الامتدادات، التجاوزات، والتحرر.
وصدر العدد 10 (...صفحة) في يوليو من عام 2003، وتمحور حول تيمةٍ بعنوان: الرقص/الإيقاع، وبمناسبة ذلك العدد، وتلك التيمة، دعت المجلة إلى الرقص، ولكن انطلاقاً من تخصصها، السينما التجريبية.
كان العدد 11، والأخير من تلك المجلة تحت عنوان "حالة العيون"، وفي صفحاته اجتمع حوالي أربعون من السينمائيين الفرنسيين المُعاصرين، حيث أجاب كلّ واحد منهم، وبطريقته الخاصة، على أسئلةٍ تتعلق بممارساتهم السينمائية في حقل التجريب، كما تضمّن العدد قائمة بأفلامهم، ونصوصاً مركزة حول الإبداع المُعاصر، ورافق العدد أيضاً قرصاً رقمياً يتضمّن إبداعاتٍ موسيقية ألفها، واستخدمها البعض من أولئك السينمائيين المُشاركين.
في عام 2000 أصدرت الجمعية عدداً خاصاً خارج السلسلة (216 صفحة)، وكان مخصصاً لفيلم بعنوان (Tom Tom, the Piper’s Son) من إنتاج عام 1969 للسينمائي الأمريكي "كين جاكوبز"، ويعتبر أكبر تحليل للفيلم لم يسبق له مثيل، هو بالآن ذاته نموذجٌ نظريّ، مختبرٌ تشكيليّ، وكهفٌ من العجائب.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top